لقاءات

فيصل هجول: لا غنى عن الجمال لتصل الرسالة

 

نظمية الدرويش .. 
الفن ليس كما يعتقده البعض، حالة من الرفاهية أو ميزة كمالية، بل على العكس؛ هو حاجة إنسانية وضرورة حياتية للتعبير عن آمال الشعوب وطموحاتها وأفراحها وأتراحها، وقدرة فطرية تحقق إنسانيتها وتسمو بأذواقها. 
في ظل اتجاه العالم الحديث نحو المادية والاستهلاك الأعمى، يبقى الفنان بطبيعته مثالًا على حتمية الإنسان نحو التجذر الروحي بعمق المشاعر والأحلام والقضايا التي تحاكي دواخل أرواحنا المدفونة تحت تراكمات هذا العالم.


وللاستدلال على هذه الحقيقة الإنسانية؛ كان لنا لقاء مع فنان رسالي هو الآخر، اتخذ لفنه قضية جعلت من عدسته وصوره ومعارضه أسلحة دفاعية عن الحياة البرية لذوات الريش.
هو المصور والناشط  فيصل هجول، الذي يعمل لدى الهيئة العامة للرياضة، وهو مصور طيور، ومهتم بتوثيق ومتابعة طيور الجزيرة العربية، ,عضو مؤسس لمجموعة رصد وحماية الطيور( BMG ) وعضو مؤسس لمجموعة التصوير الضوئي بالجارودية، وعضو في جماعة ضوء وظل بصفوى. 


البدايات والتحليق
بداياته في التصوير كانت في عام ٢٠٠٨ بدافع حب التجربة والتوثيق، بدأت بالتصوير الرياضي والتصوير المقرب ( الماكرو )، وكبداية أي مصور، قام بتجربة أغلب مجالات التصوير، وفي جميعها لم يكن نفسه طويلًا على حدّ تعبيره، وذلك إما لعدم وجود الرغبة الحقيقية، أو لعدم وجود دوافع وحوافز تساعد على المواصلة. إلا أنه وجد ضالته في عام ٢٠١٠، عندما كانت له أول تجربة في تصوير الطيور، واستطاع الاستمرار حتى اليوم في هذا المجال. 


يتكلم المصور فيصل هجول معنا بشغف عن تكريس مسيرته لتصوير الطيور، ويرجع سبب استمراره بهذه المجال، إلى حب الطيور السابق لهواية التصوير، ما مكّنه من ممارسة هوايته التي يحب، ويضيف  هجول: "ومن خلال تصويري للطيور أضمن الإخلاص والنجاح في ما أقدمت عليه، ولذلك تولّد الولع والشغف ليفتتح لي أبواباً نحو المعرفة والتزود ثقافيًّا في هذا العلم الكبير، في حياة الطيور وسلوكها وأماكن استيطانها وخطوط هجرتها".


"بلا شك للبيئة دور كبير في تعلقي بعالم الطيور"،  هكذا يجيبنا هجول عن سؤالنا إياه حول جذور تأثره بالطيور. ويكمل: "إن منطقة الخليج تُعد واحدة من أهم المناطق التي تقع عليها خطوط هجرة قوية للطيور، وبذلك تكمن أهمية المنطقة من حيث الموقع ومرور مئات الأنواع فيها، ما يعني وجوب أخذ هذه المسألة بجدية كبيرة من قبل المسؤولين وعامة الناس، وذلك من حيث المسؤولية والوعي من خلال توفير الأمن والحماية لهذة الطيور والحفاظ على بيئتها الطبيعية".


مجموعة رصد وحماية الطيور
 وانطلاقًا من هذا الحبّ والتزمًا بهذه المسؤولية؛ جعل هجول موهبته وفنه في خدمة قضيته التي أرادها لنفسه، ما أوصله لأن يكون عضوًا مؤسسًا لمجموعة رصد وحماية الطيور، التي بلغ عمرها أكثر من ست سنوات، والتي تحمل على عاتقها؛ نشر الوعي الذي من شأنه المساهمة في الحفاظ على ذوات الريش.  بحيث وجد فيصل هجول مع أعضاء المجموعة، ومن خلال الفن الفوتوغرافي أحد الأسلحة الممكن استخدامها في إيصال الرسالة للمجتمع. وذلك كما يقول: "للتوعية بأهمية هذه الطيور في حياتنا، وتبيان حجم مساهمتها في حفظ التوازن البيئي".
ولعل الدافع والإخلاص لدى المتطوعين في شتى مجالات الحياة؛ يكونان مساعدَينِ في تحقيق أهداف وطموحات أكثر، في أي قضية تخصّ مجالهم، لذلك يعتبر هجول نفسه ومن واقع حبه لهذه الطيور قد فُرض عليه أن يقدم ما يستطيع تقديمه، محاولاً المساهمة في حفظ ذوات الريش. وفي سياق حديثنا يذكر لنا فيصل هجول إحدى تجاربه في علاج إحدى العقبان المنهكة والمصابة ببعض الأمراض: "وبحمد الله وتوفيقه وبعرض حالته على طبيب بيطري تمكنّا من إعادة تأهيله واستطاع التحليق مجدداً".


هذا وخلال أقل من سنة تم تخليص أربعة أنواع من طائر البوم وإطلاق سراحها مجدداً،  آخرها كانت بومة المخازن. يقول: "استطعنا إعادة تأهيلها نسبيًّا بعد برنامج استمر لمدة عشرة أيام بالإضافة لحالات أخرى مشابهة، وأيضا المساهمة في تخليص عدة طيور من الصيادين، إما عن طريق التفاوض معهم وتوعيتهم، فمنهم من يستجيب، أو حتى شراء ما يمكن شراؤه في حاله كونه طيرًا مهمًّا ونادرًا، رغم عدم استحسان الشراء من الصيادين بالمجمل، إلا في حالات خاصة جداً ".


عود على بدء: الفن جمال الرسالة. 
في ختام حديثنا كان لابد أن نستخلص العبرة من مسيرة هذا المصور الشاب، ونأخذ من فنه فلسفة تتبع. وفي هذا السياق تكلم عن الجمال فقال: "الجمال بحد ذاته رساله وفن لا يمكن الاستغناء عنه،  ولتصل أي رسالة بالشكل الصحيح؛ فإنه لا غنى لك عن الجمال، وبالتأكيد عندما يخصص أي فنان حصة من فنه ليوصل رسالة ذات قيمة تخدم قضية ما، فإنه سيُحقق بذلك السمو في فنه الذي يقدمه".

أما الكلمة السرية التي يطبع بها هجول صوره- رسالته فهي الكلمة الطيبة، والفعل قبل القول، وعلى حدّ تعبيره هي المحور الرئيسي في إيصال الرسالة. ولا ينسى أن يضيف عناصر أخرى ساهمت وتساهم في وصول رسالته إلى المجتمع وهي: "وبطبيعة الحال الصبر وطول النفس مطلوب لتتمكن من التأثير برسالتك ".
للتواصل مع المصور أو لزيارة معرض صوره الالكتروني http://www.faisalhajwal.com

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة