سياحة ثقافية

مسجد النبيه صالح: موقع تاريخي شاهد على الحضارة الإسلامية في البحرين

 

جزيرة النبيه صالح، هي جزيرة في مملكة البحرين في الخليج العربي، الّتي تم تسميتها على اسم العالم المسلم الشيخ صالح، الذي عاش هناك في القرن 14 الميلادي.
عرفت جزيرة النبيه صالح باعتدال طقسها ولطافة هوائها، إضافة إلى إحاطة البحر لها من جميع الجهات، خاصة الساحل الشمالي المفتوح، حيث كان الأهالي يتجمعون في منطقة هناك تسمى (بدائع عسل)، وكانت هذه المنطقة تتميز بساحلها المرتفع. كل هذه المميزات جعلت من هذه المنطقة مصيفاً ممتازاً لأهالي القرية وأهالي المناطق المجاورة. وقد اشتهرت هذه الجزيرة بمسجد النّبيه صالح المنسوب إليه، والّذي يعتبر إرثا تاريخيًّا تتغنى به الجزيرة.


التّقسيم الهندسي للمسجد ومقبرته
يقول الناصري رحمه الله: موقع قبر النبيه صالح من جزيرة "أكل" كان على الساحل الغربي وعلى مساحة كبيرة من الجبل الصلب وفي مقبرة الشيخ "دعلج" بن علي، وهو الذي أمر بنحت القبور من الصخر على نفقته، وعرفت باسمه لأنه كان لم ينجب الأولاد، فأحب أن تكون له صدقة جارية. 
أعد للمسجد المعروف بطبيعته الصّخريّة، قبة من الجبل ونحتت القبور في جوفه. وقد استهلكت ثمانية عشر ألف طابوقة ومائة وعشرين شحنة سيارة من الحجارة، واستغرقت مدة البناء تسعة أشهر. وقد تمّ بناء حجرة واحدة تضم قبر النبيه صالح وقبر الشيخ عبد الله المتوج، إضافة إلى حجرة تضم القبور الأربعة الكائنة شمال قبر النبيه صالح، ثم جعل "ليوانا" على واجهة الأولى والثانية، وفصل بينهما، وخصص للنساء القسم الجنوبي والشمالي للرجال. إضافة إلى ذلك يؤكد المؤرّخون على أنّ أكثر من 1500 قبر قد حفر في جوفه على شكل صناديق ويعود ذلك إلى سنة 400ه.


قصة بناء المشهد ومقبرته
أما عن عمارة المشهد، يقول الناصري رحمه الله: في سنة 1343 هـ /1923م وعندما أرادوا بناءه ورفعوا الأنقاض ظهرت اسطوانات المسجد، وكانت على حد قوله: "خرز من الحجر الصلد كطاق الرحا الواحدة على الأخرى، مثلها الكثير في المساجد القديمة وغير المساجد. كما يحتوي مسجد النبيه على الكثير من القطع والمقتنيات الأثرية القديمة المحيطة بالمقام، تعود لبعض الأزمنة القديمة".
وأضاف أننا لم نكن نعلم بقيمتها، ولكن لو نقبنا اليوم عن القطع الأسطوانية سنجدها منتشرة تحت الأرض والمدافن القريبة من المسجد، مؤكدا أن الخبر بالنسبة له كان مزعجًا ولاسيما أنه شاهد بعضًا من هذه القطع الأسطوانية القديمة ملقاة مع المخلفات وعددها تقريبا 19 قطعة، وهي نسخة مماثلة لأسطوانات مسجد الخميس، ما يعني أنها قد تعود للفترة الزمنية نفسها.


وسيلة العبور إلى الجزيرة
ولأن قبره كان في جزيرة يحوطها البحر من أربع جوانب، والوصول إليها لا يكون إلا بواسطة السفن، تبرع أحد المؤمنين واشترى سفينة، وأوقفها للزوار ولأهل الجزيرة، وتبرع آخر وأوقف بستانًا من النخيل تصرف غلته السنوية على تصليح السفينة ومن يعمل فيها، مما سهل أمر الوافدين لزيارة قبر النبيه صالح، إلا أن قضية مد وجزر البحر واختلاف الأوقات، صار حجر عثرة في بعض الأحيان للزوار، فيضطرون إلى البقاء ليلًا، وهذا يحتاج إلى الاستعداد الكامل للضيوف، فبنوا مسجدًا وزودوه بكل ما يلزم من الفراش وأواني الطبخ إلى غير ذلك، ووظفوا مسؤولًا يحرس المسجد وما فيه ويكون سادنًا ومؤذنًا.
وتبقى هذه الجزيرة حاضرة في عين التّاريخ. ويبقى مسجدها، هذا التّراث المتأصّل في الذّاكرة الحاضرة والغائبة، يشهد على عظمة هذه الجزيرة العصّية على قشور الحداثة ومغرياتها.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة