علمٌ وفكر

النظريّات المطروحة حول نشأة الدِّين‏

 

الشهيد مرتضى مطهري .. 
1- الدِّين وليد الخوف:

هذه النظريّة قد التزم بها بعض في هذا العصر مدّعياً أنّها نظريّة حديثة، علماً أنّ الحكيم اليوناني (لوكريتوس) قال إنّ أوّل آباء الآلهة هو إله الخوف، وهذه النظريّة تقول إنّ الإنسان نتيجة الخوف الّذي يشعر به من رعد وبرق وزلازل وبراكين ومخاوف كثيرة تُحدق به من كلّ جانب في الطبيعة، كلّ ذلك جعله يلتزم بالدِّين كمنقذ من هذه المخاوف كلّها.


2- الدِّين وليد الجهل:
إنّ الطبيعة البشريّة عندما تنظر إلى الظواهر الطبيعيّة والكونيّة تحاول تفسيرها والوصول إلى الأسباب والعلل الحاكمة عليها، وبما أنّ الإنسان لا سيّما في العصور الماضية لم يصل إلى أسبابها وعللها آمن بالدِّين ونسب كلّ الأمور الّتي يجهل أسبابها إلى ما وراء الطبيعة..
وعلى سبيل المثال عندما لم يكن يعرف أسباب نزول المطر وتكوّن الرياح والسحاب والرعد والبرق، نسب ذلك إلى ما وراء الطبيعة وقال: إنّ هناك إله للمطر فآمن به وقدّم له القرابين.


3- الدِّين وليد رغبة العدالة:
عندما لاحظ الإنسان ما يجري حوله من ظلم واضطهاد آمن بفكرة أنّ الدِّين تسكين للآلام النفسيّة الّتي يشعر بها، فإنّ الطبيعة البشريّة مفطورة على حبّ العدل والنظام وتتألمّ من الظلم والاضطهاد، والدِّين يعتبر مهدئاً ومسكّناً لكلّ ما يحصل للإنسان من ألم ناتج ممّا هو خلاف طبيعته.
وهناك مسألة واحدة تتّفق عليها هذه النظريّات الثلاث، وهي أنّ الدِّين حاجة مؤقّتة يمكن أن تزول مع تقدّم العلم وتطوّره وأمّا العالم فلا يكون متديّناً، ولذلك تدعو هذه النظريّات إلى تطوير العلم وتنميته فيكون العلم بديلاً عن الدِّين.


4- الدِّين وليد الطبقيّة (النظريّة الماركسيّة):
تعتقد الماركسيّة أنّ الدِّين فكرة جاءت بها الطبقة الحاكمة شراكاً لتحتفظ بمكانتها وسلطتها بين الشعوب، ولولا الدِّين لثارت الطبقة المحرومة المحكومة مطالبة بحقوقها المشروعة..
فالدِّين أفيون الشعوب المحرومة، مخدّر لها عن القيام على الطبقة الحاكمة، وما دامت الطبقيّة موجودة فالدِّين موجود، ولكن إذا ما ساد المذهب الاشتراكيّ وزالت الطبقيّة زال الدِّين تلقائيّاً، تماماً كما كان في المرحلة الشيوعيّة البدائيّة، وعليه فالمساواة التامّة بين أفراد المجتمع شرط ضروريّ للقضاء على الدِّين.
والملاحظ أنّ هذه النظريّة لم تلتزم بقيام العلم مقام الدّين كسائر النظريّات، بل رأت في العلم تطوّراً وتقدّماً لا يتنافى ووجود الدّين، بل لاحظوا، بأنّ كبار العلماء هم من العلماء الملتزمين دينيّاً كپاستور وغيره.
لذلك اعتمدت الماركسيّة على الطبقيّة، فأكّدت بأنّه ما دام للطبقات الاجتماعيّة وجود فإنّ الدّين لا يزول إلّا بزوالها.
الاعتراض على هذه النظريّة
إنّ دعوى أنّه في مرحلة الشيوعيّة البدائيّة لم يكن هناك وجود للدِّين، وأنَّ الدِّين قد أوجدته الطبقة الحاكمة "كشِراك" غير صحيحة، لأنّ التاريخ أكبر شاهد على أنّ الدِّين ولد بين الطبقات المحرومة والمستضعفة.
فالنبيّان موسى وهارون عليهما السلام كانا من الطبقة المحرومة المضطهدة، قاما على فرعون وأعوانه من الطبقة الحاكمة ودعوهما للدِّين بينما كانت الطبقة الحاكمة مناهضة للدِّين والتديّن. 
وكذلك نبيّ الإسلام محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم بُعث لنشر الدِّين، وأعلن ثورته هو والّذين آمنوا معه من الطبقة المستضعفة على الطبقة الحاكمة المستبدّة الثريّة أمثال أبي سفيان وأبي جهل والوليد بن المغيرة.


5- الدِّين وليد كبت الغريزة الجنسيّة (نظريّة فرويد):
لقد فسّر فرويد الدِّين كما فسّر بقيّة الظواهر الاجتماعيّة وفقاً للغريزة الجنسيّة، فالحرمان الجنسيّ والكبت للغريزة الجنسيّة الناتج عن القيود الاجتماعيّة يولّد بنظر فرويد أمراضاً عصبيّة ومظاهر مختلفة، والدِّين واحد من تلك المظاهر، والحريّة الجنسيّة هي الّتي تزيل الأمراض وبزوال الحرمان الجنسيّ يزول الدِّين تلقائيّاً.
لكنّ تلاميذ فرويد أنكروا عليه هذا الرأي، ولم يتقبّلوا منه ذلك ثمّ هو نفسه تراجع عن هذا الرأي.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة