قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد صنقور
عن الكاتب :
عالم دين بحراني ورئيس مركز الهدى للدراسات الإسلامية

الفرق بين الحديث القدسي والقرآن


الشيخ محمد صنقور ..

المسألة:
ما معنى الحديث القدسي وما الفرق بينه وبين القرآن وبينه وبين الحديث النبوي؟
الجواب:
الحديث القدسي:
هو كلام يُسنده النبي (ص) إلى الله تعالى فهو من ألفاظ رسول الله (ص) وصياغته إلا أنَّ معناه متلقَّى عن الله جلَّ وعلا بواسطة الوحي الأعم من الإلهام والقدح في القلب أو عن طريق الملَك جبرئيل كان أو غيره أو عن طريق الرؤية في المنام، إذ أنَّ رؤى الأنبياء وحي.
والتعبير عنه بالقدسي نشأ عن إرادة التعظيم والتكريم للحديث نظراً لانتساب معناه لله جلَّ وعلا، فلأنَّ القدس بمعنى الطهر والتنزُّه عن كل نقص وعيب، ولأن معنى الحديث صادر عمَّن هو منزَّهٌ عن كلِّ نقص وهو الله تعالى لذلك ناسب أن تُضاف كلمة القدس إلى الحديث الذي أسنده رسول الله (ص) إلى ربِّه جلَّ وعلا فهو القدُّوس الواجد لكل صفات الكمال والجلال والمنزَّه عن كل شوائب النقص ولوازمه.
وثمة رأي آخر في تفسير الحديث القدسي مفاده أنَّ الحديث القدسي هو الكلام الذي يحكيه النبي (ص) عن ربِّه تعالى لفظاً ومعنىً، بمعنى أنَّ صياغة الحديث ومعناه كلٌّ منهما صادر عن الله تعالى فهو كالقرآن إلا أنَّه لم يصدر عنه تعالى على وجه الإعجاز والتحدِّي(1).


وأما القرآن الكريم:
فهو كلام الله تعالى لفظاً ومعنىً بلا ريب وقد صدر عنه تعالى على وجه التحدِّي والإعجاز وهو مصون من كلِّ تحريف ومنقول بالتواتر فهو قطعي الصدور عن الله تعالى.
فالفرق بين الحديث القدسي والقرآن من جهات:
الجهة الأولى: أنَّ القرآن معجزة في لفظهِ ومعناه، وقد تحدَّى الله تعالى به خلقه من الجنِّ والأنس وأفاد بأنهم لن يتمكنوا من أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرا.
وأما الحديث القدسي فليس كذلك فهو وإنْ كان معناه صادراً عن الله تعالى إلا أن ألفاظه كانت بصياغة الرسول (ص) بناء على القول الأول أو أن ألفاظه من عند الله تعالى أيضاً إلا أنها لم تصدر عنه تعالى على وجه التحدِّي والإعجاز.
الجهة الثانية: أنَّ القرآن الكريم بتمام آياته وسوره قطعي الصدور عن الله عزَّ وجلَّ فقد وصل إلينا بأعلى درجات التواتر، وهو مصون من التحريف، وقد تكفَّل الله تعالى بصيانته وحفظه من التحريف ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾(2).
وأما الحديث القدسي فغالبه من أخبار الآحاد فهو ظنِّي الصدور، لذلك فثبوتُه يخضع لضوابط علم الرجال، فإن كان رجال سنده من الثقات كان معتبراً وإلا فهو ساقط عن الاعتبار والحجيَّة.
إذن فشأنه شأن الحديث النبوي لا تثبت له الحجيَّة ما لم يكن سنده صحيحاً أو موثَّقاً أو حسناً أو يكون محتَّفاً بقرائن علميَّة تقتضي الاطمئنان أو الوثوق بصدوره.
الجهة الثالثة: أنَّ للقرآن الكريم خصائص ليست للحديث القدسي.
فمن خصائص القرآن الكريم أنه متكوَّن من سورٍ وانَّ كلَّ سورة مشتملة على مجموعة من الآيات، وأما الحديث القدسي فليس كذلك.
ومن خصائصه أنَّه لا يجوز مسُّه إلا على طهارة من الحدث الأكبر والأصغر.
ومن خصائصه أنَّ الله تعالى تعبَّدنا بتلاوته وأوجب علينا قراءة بعض آياته في الصلاة، وأما الحديث القدسي فليس كذلك ولا يصحُّ للمكلف أن يقرأه بدلاً عن القرآن في الصلاة.


وأما معنى الحديث النبوي:
فهو الكلام الصادر عن الرسول الكريم (ص) ولم يشتمل على إسنادٍ لله جلَّ وعلا، وكلام النبي (ص) وان كان وحياً يوحى إليه من الله تعالى، إلا أنَّ الفرق بينه وبين الحديث القدسي أن الحديث النبوي ليس مسنداً لله تعالى، وأما الحديث القدسي فهو مسند لله تعالى، فحينما يقول الرسول (ص) مثلاً قال الله تعالى (الصوم لي وأنا أجزي به)(3) فهذا حديث قدسي لأنَّ النبي (ص) قد أسنده لله تعالى مباشرة.
وهكذا حينما يقول (ص) إنَّ ربي قال لي: (لم يسعني سمائي ولا أرضي ولكن وسعني قلبُ عبدي المؤمن)(4) فذلك حديث قدسي لأنه (ص) أضاف الكلام لله تعالى.
وهكذا حينما يحكي الرسول عن الله تعالى فيقول مثلاً: إنَّ الجليل جلَّ وعلا قال لي (لأُدخلـنَّ الجنة من أطاعني ولو كان عبداً حبشيَّاً ولأُدخلـنَّ النار من عصاني ولو كان سيداً قرشيَّاً)(5).
والجدير بالذكر أن غالب الأحاديث القدسية تكون من سنخ الوعظ والإرشاد، وقد تشتمل على بيان بعض المسائل الإعتقادية ونادراً ما تتصدى لبيان الأحكام الشرعية، وأما الحديث النبوي فهو أوسع من ذلك فهو يشمل تبيان معاني القرآن وقصص الأنبياء والوعظ والإرشاد وبيان الأحكام الشرعية التفصيلية بالإضافة إلى المسائل الاعتقادية والأدعية والمناجاة والإخبار ببعض المغيَّبات والإخبار عن مقامات بعض الرجال والنساء مضافاً إلى بيان الآداب والسنن وغير ذلك.


1- مشرق الشمسين- البهائي العاملي- ص 229، قوانين الأصول- الميرزا القمي- ص409.
2- سورة فصلت آية رقم 42.
3- من لا يحضره الفقيه- الشيخ الصدوق- ج2 ص75.
4- بحار الأنوار-العلامة المجلسي-ج55 ص39.
5- بحار الأنوار- العلامة المجلسي- ج 7 ص 239، الصحيفة السجادية (ابطحي) - الإمام زين العابدين (ع) - ص 177.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة