قرآنيات

مراجعات في سورة الفاتحة


السيد رياض الحكيم ..

س - لماذا تسمى هذه السورة بالفاتحة وبأم الكتاب وبالمثاني؟
ج - ذكرت عدة وجوه لتسمية السورة بالفاتحة:
منها: أنها أول سورة كاملة نزلت.
ومنها: أنها تفتتح بها القراءة في الصلاة.
ومنها: أنها تفتتح بها المصاحف وعلى هذا الأساس تكون هذ التسمية من الشواهد على أن جمع القرآن في مصحف كان في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأنها كانت بداية ذلك المصحف المجموع في عصره، بناء على ما روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) من التسمية المذكورة، ففي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: (قال الله عزَّ وجلَّ: قسّمتُ فاتحة الكتاب بيني وبين عبدي، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل...)(1).
2 وأما التسمية بأم الكتاب فإما باعتبار أنها متقدمة على سائر السور. والعرب تسمي كل أمر جامع أو متقدّم لما يتبعه (أمّاً) أو باعتبار أن هذه السورة أصل القرآن ولبّه، لأن نصفها مرتبط بالله تعالى وتحميده وتمجيده، ونصفها متعرض لشأن العبودية له تعالى، كما أشارت إليه الرواية المتقدمة.
3 وأما التسمية بالمثاني فباعتبار أنها تثنّى في كل صلاة، وقيل لأنها نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) مرتين.
وقد تسمى السبع المثاني باعتبار أن آياتها سبع.
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.
س - ما معنى: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ؟
ج - هناك وجهان في تفسير البسملة:
الأول: أن المقصود الاستعانة بالله تعالى، والمعنى أستعين بالله وأضيف لفظ ﴿الأسم﴾ باعتبار اتحاد الاسم والمسمّى كما قال السيد:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولاّ كاملاً فقد اعتذر(2)
(وفي الحديث عن الإمام العسكري (عليه السلام): ﴿بسم الله﴾ أي استعين على أموري كلها بالله...)(3).
الوجه الثاني: أنه تبّرك بالابتداء بذكر الله تعالى واسمه، والتقدير ابتدئ باسم الله، ويشهد لهذا ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله لعبد الله بن يحيى: (أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حدثني عن الله جلّ وعزّ: كل أمرٍ ذي بال لم يذكر فيه ﴿بسم الله﴾ فهو أبتر(4). وكذلك الحديث عنه (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: قال الله عزَّ وجلَّ:... إذا قال العبد ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ قال الله جلّ جلاله: بدأ عبدي باسمي وحقّ عليّ أن أتمم له أموره وأبارك له في أحواله)(5).
ويمكن رجوع كلا الوجهين للآخر.
س - ما الفرق بين الرحمن والرحيم؟
ج - جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال: (الرحمن اسم خاص بصفة عامة، والرحيم اسم عام بصفة خاصة)(6) والمقصود أن ﴿الرحمن﴾ اسم خاص لله تعالى لا ينسب لغيره، وهو يتضمن رحمته تعالى العامة لجميع خلقه المؤمن منهم والكافر، بينما الرحيم صفة عامة يمكن أن يوصف بها غير الله تعالى، ويراد منها رحمته لخصوص المؤمنين. والله العالم.
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ (5)
س - لماذا لم يقل ﴿نعبدك ونستعينك﴾ مع أن الكلام البليغ ينبغي مراعاة الإيجاز فيه؟
ج - لأنّ تقديم المنصوب على الفعل يفيد الحصر، أي حصر العبادة والاستعانة بالله تعالى دون غيره. بعكس ما لو قال: ﴿نعبدك ونستعينك﴾ فإنه لا ينافي مشاركة غيره تعالى في العبادة والاستعانه.
﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (6)
س - المؤمن مهتدٍ للصراط المستقيم، فما معنى دعائه بالهداية؟
ج - المقصود طلب الهداية في المراحل اللاحقة لإيمانه، حيث يتعرض الإنسان للفتن في مختلف مراحل حياته والظروف التي تمرّ به.
﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾ (7)
س - كلّ ضال مغضوب عليه فلماذا فرّق بينهما؟
ج - كأن المنظور من المغضوب عليهم الذين تعرّضوا لغضب الله تعالى وعذابه في الحياة الدنيا أيضاً، في مقابل الضالين الذين أرجأ الله عذابهم للآخرة فحسب. وقد تضمنت بعض النصوص تطبيق ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ على اليهود ولعلّه باعتبار الانتقام من كثير منهم في الدنيا قبل الآخرة وتطبيق ﴿الضالّين﴾ على النصارى الذين أصرّوا على الكفر.


1- الميزان : 1 / 39، نقلاً عن عيون أخبار الرضا.
2- تفسير العياشي : 2/ 135.
3- بحار الأنوار : 92/232.
4- المصدر : 92/242.
5- المصدر : 92/226.
6- مجمع البيان : 1/94.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة