قراءة في كتاب

عقود اللآل في تاريخ جزائر أوال


ربى حسين ..

هو النّص المحقّق والكامل لكتاب المؤرّخ البحريني محمد علي التّاجر الّذي جمع تحت عنوان "عقود الآل في تاريخ جزائر أوال"، وقد ظلَّ مخطوطًا لأكثر من ستين عامًا، ونشر في تسعينيّات القرن الماضي نشرًا غير كامل بجهد مشكور من قبل الأستاذ إبراهيم بشمي.
موضوع الكتاب هو تاريخ البحرين كما هو واضح من عنوانه وكما ورد في نص مقدّمة المؤلّف حيث أشار إلى ذلك بقوله "غرضنا في هذا التّأليف، خاص بتاريخ جزائر البحرين بحدودها الحاضرة فقط، مستفيدًا في ذلك بجهود من سبقه".


تعريف البلاد ووصفها الجغرافي والاقتصادي
قسّم الكاتب كتابه قسمين: تناول في القسم الأول تعريف البلاد ووصفها الجغرافي والاقتصادي وضمّ أربعة أبواب،كل باب ضمّ بضعة فصول.
فالأرخبيل البحراني مؤلّف من جزيرة كبيرة تعرف بالبحرين وقديمًا بأوال نسبة لرجل، وقيل صنم لبكر وتغلب ابني وائل. وهي في الخليج الفارسي في جون واقع في السّاحل الشّرقي من بلاد العرب. وأكبر هذه الجزائر "أوال" وهي مستوية في أطرافها، وبها في الوسط بعض المرتفعات "رسا في وسطها جبل الدّخان العجيب"، وتحيط بها أرصفه رمليّة عديدة ينكشف عنها الماء تمامًا أيّام انخفاضه.
وأمّا اقتصاديًّا فقد اشتهرت البحرين المشهورة بمناخها المعتدل شتاءً والحار والرّطب صيفًا ببعض الصّنائع الأوّلية كالنّجارة والحدادة حيث أنّ أكثر ما تصنعه هو ما يلزم لبناء السّفن لها، وصولًا إلى صياغة الذّهب والفضّة بجميع أنواعها. من جهة أخرى تشغل البحرين  مركزًا تجاريًّا مهمًّا، ميناء الأحساء والقطيف وقطر ونجد لتجد أنّ في الشّهر الواحد تستقبل بين الخمس والسّت سفن تجاريّة تحمّل الأرّز والسّكر والبن، وبعض المنسوجات.


في لؤلؤها ومغاصه
ضمن هذا القسم من الكتاب انفرد الكاتب بباب كامل للحديث عن الّلؤلؤ المشهور حيث أنّ أكبر تجاره هم من البحرين. وفي القسم الأوّل تطرق إلى حدود مغاص اللّؤلؤ والسّفن التي تروده ولفت إلى وجود أطماع للغربييّين فيه. ومن ثم عرض مواقيت الغوص للبحث عن اللّؤلؤ، وتم عرض أقسام الغواويص الثّلاث.


وقد خصّص فصل للحديث عن صفة الغوص على اللّؤلؤ، وأصنافه من "المدعبل" لل"سجني" و"بطنًا". وأمّا ألوانه فأصولها ثلاثة: فهي الأبيض والأحمر والأزرق، حيث أنّ الوردي أفخرها فالنّباتي، ثم الأشقر والأبيض. وأردأ ألوانه الأخضر والصّفري، والتّرابي وما يقاربها.


تقسيمات البلاد وبلدانها
ضمن هذا الباب تناولت الفصول الجزائر الخمس الأكبر الّتي تضمّها البلاد وخصائصها ومحتوياتها كاملة، بدءًا بأوال فجزيرة المحرق فسترة وجزيرة النّبي صالح، وخامسًا جزيرة أمّ النعسان.


تاريخ البحرين
أمّا القسم الثاني فتناول فيه التّاجر تاريخ البحرين من العصور الأولى حتّى الوقت الحالي، وضمّ أربعة أبواب ضمّت بدورها عدّة فصول على أساس المراحل.


من التّاريخ القديم إلى الفتح الإسلامي
يتضمّن هذا الباب سرد حوادث التّاريخ القديم إلى الفتح الإسلامي، ويكاد يكون من المحقّق أن ضفاف الخليج الفارسي كانت أوّل موطن للإنسان  في عهد حضارته. ويرى بعض العارفين الّذين حاولوا درس طبيعة البحرين أن هذه الجزيرة كانت على الأرجح مهد السّلالة البشريّة، فمجموعة المدافن الّتي تملأ ربعاتها رحاب الصحراء تمتد إلى ما لا يدرك الطّرف آخره. وضمن هذا الباب كانت هناك فصول ضمّت أهم الحضارات الّتي تتابعت على هذه الأرض كالفينيقيّن والمعينيّين والسّبئيين والحضارة الآشوريّة.


الفتح الإسلامي
وضمّ هذا الباب أهم الوقائع المتعلّقة بالفتح الإسلامي وأبرز القوى الإقليميّة والقبليّة الّتي حاولت بسط نفوذها على جزيرة البحرين. حيث كانت البداية سنة 8 للهجرة حين وجّه رسول اللّه(ص) العلاء بن الحضرمي إلى البحرين لدعوة أهلها إلى الإسلام والجزية. وفي سنة 10 للهجرة مضى وفد من البحرين إلى النّبي (ص) في المدينة وأسلمو على يده. وتتالت فصول هذا الباب للحديث عن ولاية النّبي (ص) على البحرين، وردّة أهل البحرين عن الإسلام بعد وفاة الرّسول. وضمن فصل كامل تناول الملاحضات على الرّدة مؤكّدًا أنّ فيها مبالغات وأنّ أغلبيّة أهل البحرين لم يرتدّوا عن دينهم الّذي دخلوا اليه طائعين مختارين غير مكرهين. ومن ثمّ عرض الحملات الّتي شنّت على البحرين من قبل الاباضيّيين والدّولة البرتغالية وغيرها.


استيلاء آل خليفة على البحرين
ضمن هذا الباب شرح الكاتب عن أسباب استيلاء آل خليفة على البحرين، حيث جاء رسل البحرين بالمكاتيب يدعون آل خليفة للاستيلاء على البحرين لخلوها من الرّجال وضعف أهلها عن المقاومة . وذلك لأنّ أهل قطر كانوا متضايقين من آل خليفة فوجّهوا أنظارهم الى البحرين "ليتخلّصوا من مضايقتهم ومزاحمتهم لهم في بلادهم".
 ومن ثم تتابعت الفصول للحديث عن إمارة حكّام آل خليفة ومن ثم عرض الأحداث الّتي تتالت في تلك الحقبة من وقعة سوق الخميس السّاجة، الزبارة، وحادثة مسيمير.


انقلاب سنة 1923 وما ترتب عليه
وفي الباب الأخير من الكتاب يكشف الكاتب الشّره الغربي لامتلاك الممالك الشّرقيّة تحت ستار من التّمويه، وأعذار واهية ووسائل تجاريّة وسياسيّة كانت السّبب في انقلاب سنة 1923 حين عزل الشّيخ عيسى بن علي وتعيين ابنه الشيخ حمد مكانه في مايو من السّنة نفسها. وأظهر الغربي الحب والشّفقة والرّحمة وأخفى في طيّاته الغدر والخيانة والتّفرقة والإغراء وخلق المشاكل حتّى تؤول الحال إلى الاستيلاء على البلاد من دون أن يكلّفهم ذلك إزهاق الأرواح، وتكبّد صرف الأموال الطّائلة اللّازمة لخوض معامع الحروب. وقد تولّى الموظّفون الأجانب جميع الإدارات وأمور التّنفيذ، وتحوّلت الحكومة الّتي كانت مستقلّة وذات أسطول حربي في عهد الشّيخ عيسى، إلى حكومة بلا أسطول يراقبها وكيل سياسي إنكليزي، إلى حكومة تشارك في إدارة شؤونها الدّاخليّة والأجنبيّة حكومة بريطانيا العظمى.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة