قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد حسين الطبطبائي
عن الكاتب :
مفسر للقرآن،علامة، فيلسوف عارف، مفكر عظيم

مسلكٌ أخلاقيٌّ مخصوصّ بالقرآن الكريم

 

السّيّد محمّد حسين الطّباطبائيّ .. 

إنّ إصلاحَ أخلاق النّفس ومَلَكاتها في جانبَي العلم والعمل، واكتسابَ الأخلاق الفاضلة، وإزالةَ الأخلاق الرّذيلة، يكون بتكرار الأعمال الصّالحة المناسبة لها، ومزاولتِها، والمداومةِ عليها، حتّى تثبُتَ في النّفس من الموارد الجزئيّة علومٌ جزئيّة، وتتراكمَ وتنتقشَ في النّفس انتقاشاً مُتَعذّر الزّوال أو مُتَعسّرها.
مثلاً، إذا أراد الإنسانُ إزالةَ صفة الجُبْن واقْتِناءَ ملَكة الشّجاعة، كان عليه أن يكرِّر الورود في الشّدائد والمهاول الّتي تزلزلُ القلوبَ وتُقَلْقِلُ الأحشاء، وكلّما وَرَدَ في موردٍ منها وشاهد أنّه كان يمكنه الورود فيه، وأدرك لذّة الإقدام وشناعة الفرار والتّحذُّر، انتَقَشَت نفسُه بذلك انتقاشاً بعد انتقاشٍ، حتّى تثبُت فيها ملَكةُ الشّجاعة، وحصولُ هذه المَلَكَة العلميّة، وإنْ لم يكن في نفسه بالاختيار، لكنّه بالمقدّمات الموصلة إليه اختياريٌّ كسبيٌّ.
إذا عرفْتَ ما ذكرناه، علمْتَ أنّ الطّريق إلى تهذيب الأخلاق واكتِساب الفاضلة منها أحدُ مسلَكَين:
المَسلك الأوّل: تهذيبُها بالغايات الصّالحة الدّنيويّة، والعلوم والآراء المحمودة عند النّاس، كما يقال: إنّ العفّة وقناعة الإنسان بما عنده، والكفَّ عمّا عند النّاس، توجبُ العزّةَ والعَظَمة في أعيُنِ النّاس، والجاهَ عند العامّة. وإنّ الشّرَه يوجب الخَصاصة والفقر، وإنّ الطّمع يوجب ذلّة النّفس المنيعة، وإنّ العلمَ يوجبُ إقبالَ العامّة، والعزّة والوجاهة والأنسَ عند الخاصّة، وهذا هو المسلكُ المعهود الّذي رُتِّب عليه علمُ الأخلاق، والمأثورُ من بحث الأقدمين من يونان وغيرهم فيه.
لم يَستعمل القرآنُ هذا المسلك الّذي بناؤه على انتخابِ الممدوح عند عامّة النّاس عن المذموم عندهم، والأخذِ بما يستحسنُه الاجتماعُ، وتركِ ما يستقبحُه.
المسلك الثّاني: [تهذيبُ الأخلاق] بالغايات الأُخرويّة، وقد كثُر ذكرُها في كلامه تعالى، كقوله سبحانه: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ..﴾ التّوبة:111، وقوله تعالى: ﴿..إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ الزّمر:10، وقوله تعالى: ﴿..إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ إبراهيم:22، وقوله تعالى: ﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ..﴾ البقرة:257، وأمثالها كثيرة على اختلافِ فنونها.
ويلحق بهذا القسم نوعٌ آخر من الآيات، كَقولِه تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ *  لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ..﴾ الحديد:22-23، فإنّ الآيةَ دَعَت إلى تركِ الأسى والفرح، بأنّ الّذي أصابَكُم ما كان ليُخطئَكم، وما أَخطأَكُم ما كان ليُصيبَكُم، لاستنادِ الحوادث إلى قضاءٍ مقضيٍّ وقدَرٍ مُقَدّر. فالأسى والفرح لغوٌ لا ينبغي صدورُه من مؤمنٍ يؤمنُ بالله الّذي بيده أزِمّةُ الأمور، كما يشير إليه قولُه تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ..﴾ التّغابن:11، فهذا القسم من الآيات أيضاً نظيرُ القسم السّابق الّذي يُتسبّب فيه إلى إصلاح الأخلاق بالغايات الشّريفة الأُخرويّة، وهي كمالاتٌ حقيقيّةٌ غيرُ ظنّيّةٍ، يُتسبّب فيه إلى إصلاح الأخلاق بالمبادئ السّابقة الحقيقيّة، من القدَر، والقضاء، والتّخلُّق بأخلاق الله، والتّذكّر بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا، ونحو ذلك.


شُبهة
فإنْ قلتَ: التّسبّبُ بمثل القضاء والقدر يوجبُ بطلانَ أحكام هذه النّشأة الاختياريّة، وفي ذلك بطلانُ الأخلاق الفاضلة، واختلالُ نظام هذه النّشأة الطّبيعيّة، فإنّه لو جازَ الاستنادُ في إصلاح صفة الصّبر والثّبات، وترْك الفرحِ والأسى كما استُفيد من الآية السّابقة إلى كون الحوادث مكتوبةً في لوحٍ محفوظٍ، ومقضيّةً بقضاءٍ محتومٍ، أمكنَ الاستنادُ إلى ذلك في تركِ طلبِ الرّزق، و[تَرْك] كسبِ كلّ كمالٍ مطلوبٍ، و[تَرْك] الاتّقاءِ عن كلِّ رذيلةٍ خُلُقيّةٍ، وغير ذلك، فيجوز حينئذٍ أنْ نقعدَ عن طلبِ الرِّزق، والدّفاع عن الحقّ ونحو ذلك، بأنّ الّذي سيَقع منه مقضيٌّ مكتوبٌ، وكذا يجوزُ أنْ نتركَ السّعيَ في كسب كلّ كمالٍ، وترْكِ كلّ نقصٍ بالاستناد إلى حَتْمِ القضاء وحقيقةِ الكتاب، وفي ذلك بطلانُ كلِّ كمالٍ!

قلتُ: قد ذكرنا في البحث عن القضاء، أنّ الأفعالَ الإنسانيّة [مكوّنة] من أجزاءِ عِلَلِ الحوادث. ومن المعلوم أنّ المعاليل والمسبَّبات يتوقّف وجودُها على وجود أسبابها وأجزاء أسبابها، فقول القائل: إنّ الشّبعَ إمّا مقضيُّ الوجود وإمّا مقضيُّ العدَم، وعلى كلّ حالٍ فلا تأثير للأكل [هو] غلطٌ فاحشٌ، فإنّ الشِّبع فرضُ تحقّقِه في الخارج لا يستقيمُ إلّا بعد فرضِ تحقُّق الأكل الاختياريّ، الّذي هو أحدُ أجزاء عِلَلِه، فمن الخطأ أن يفرضَ الإنسان معلولاً من المعاليل، ثمّ يحكمَ بإلغاءِ عِلَلِه، أو شيءٍ من أجزاءِ عِلَلِه.
فغيرُ جائزٍ أن يُبطلَ الإنسانُ حكمَ الاختيار الّذي عليه مدارُ حياته الدّنيويّة، وإليه تنتسبُ سعادته وشقاؤه، وهو أحدُ أجزاء عِلل الحوادث الّتي تلحقُ وجوده، من أفعاله، أو الأحوال والملَكات الحاصلة من أفعاله. غير أنّه كما لا يجوز له إخراجُ إرادته واختياره من زُمرة العِلل، وإبطال حكمه في التّأثير، كذلك لا يجوزُ له أنْ يحكمَ بكون اختياره سبباً وحيداً، وعلّةً تامّةً إليه تَستندُ الحوادث، من غير أن يشاركه شيءٌ آخَر من أجزاء العالم والعِلَلِ الموجودةِ فيه، الّتي في رأسها الإرادةُ الإلهيّة، فإنّه يتفرّع عليه [أي يتفرّع على الحُكم بكون اختياره سبباً وحيداً] كثيرٌ من الصّفات المذمومة، كالعُجب، والكِبر، والبخل، والفرح، والأسى، والغمّ، ونحو ذلك.
فإذا عرفْتَ ما ذكرنا، وهو حقيقةٌ قرآنيّة يُعطيها التّعليم الإلهيّ كما مرّ، ثمّ تدبّرتَ في الآيات الشّريفة الّتي في المورد، وجدتَ أنّ القرآنَ يَستندُ إلى القضاءِ المحتومِ، والكتاب المحفوظ في إصلاح بعض الأخلاق دونَ بعضٍ.
فما كان من الأفعال أو الأحوال والملَكات يوجبُ استنادُها إلى القضاء والقدر إبطالَ حُكْم الاختيار، فإنّ القرآن لا يَستندُ إليه، بل يدفعُه كلّ الدّفع، كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ الأعراف:28.
وما كان منها يوجبُ سلبُ استنادها إلى القضاء إثباتَ استقلال اختيار الإنسان في التّأثير، وكونَه سبباً تامّاً غير محتاجٍ في التّأثير، ومستغنياً عن غيره، فإنّه يثبُت استنادُه إلى القضاء ويهدي الإنسان إلى مستقيمِ الصّراط الّذي لا يُخطئ بسالكه، حتّى ينتفيَ عنه رذائل الصّفات الّتي تتبَعه كإسنادِ الحوادث إلى القضاء كي لا يفرح الإنسان بما وجده جهلاً، ولا يحزن بما فقده جهلاً، كما في قوله تعالى: ﴿..وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آَتَاكُمْ..﴾ النّور:33، فإنّه يدعو إلى الجُود بإسناد المال إلى إيتاء الله تعالى، وكما في قوله تعالى: ﴿.. ومِمّا رزقْناهم يُنفِقون﴾ البقرة:3، فإنّه يندبُ إلى الإنفاق بالاستناد إلى أنّه مِن رزق الله تعالى، وهذا المسلكُ - أعني الطّريقة الثّانية في إصلاح الأخلاق - طريقةُ الأنبياء، ومنه شيءٌ كثيرٌ في القرآن، وفي ما يُنقل إلينا من الكُتُب السّماويّة.


مسلكٌ أخلاقيٌّ خاصّ
وها هُنا مسلكٌ ثالثٌ مخصوصٌ بالقرآن الكريم، لا يوجدُ في شيءٍ ممّا نُقل إلينا من الكتب السّماويّة، وتعاليم الأنبياء الماضين، سلام الله عليهم أجمعين، ولا في المعارف المأثورة من الحكماء الإلهيّين، وهو تربيةُ الإنسان وصفاً وعلماً باستعمال علوم ومعارف لا يبقى معها موضوعُ الرّذائل، وبعبارةٍ أخرى: إزالةُ الأوصاف الرّذيلة بالرّفع، لا بالدّفع.
وذلك كما أنّ كلَّ فعلٍ يُراد به غيرُ الله سبحانه، فالغايةُ المطلوبة منه إمّا عزّةٌ في المطلوب يطمعُ فيها، أو قوّةٌ يخافُ منها ويحذرُ عنها، لكنّ الله سبحانه يقول: ﴿..إِنَّ الْعِزَّةَ للهِ جَمِيعًا..﴾ يونس:65، ويقول: ﴿..أَنَّ الْقُوَّةَ للهِ جَمِيعًا..﴾ البقرة:165، والتّحقّق بهذا العلم الحقّ لا يُبقي موضوعاً لرياءٍ، ولا سمعةٍ، ولا خوفٍ من غير الله، ولا رجاءٍ لغيره، ولا ركونٍ إلى غيره، فهاتان القضيّتان إذا صارتا معلومتَين للإنسان تغسلان كلَّ ذميمة، وصفاً أو فعلاً عن الإنسان، وتُحلّيان نفسَه بحليةِ ما يقابلُها من الصّفات الكريمة الإلهيّة، من التّقوى بالله، والتّعزّز بالله، وغيرهما من مناعةٍ، وكبرياءٍ، واستغناءٍ، وهيبةٍ إلهيّةٍ ربّانيّة.

وأيضاً قد تكرّر في كلامه تعالى: أنّ المُلكَ لله، وأنّ له ملكَ السّماوات والأرض، وأنّ له ما في السّماوات والأرض، وحقيقةُ هذا المُلك كما هو ظاهر لا تُبقي لشيءٍ من الموجودات استقلالاً دونه، واستغناءً عنه بوجهٍ من الوجوه، فلا شيءَ إلّا وهو سبحانه المالكُ لذاته ولكلِّ ما لِذاته، وإيمانُ الإنسان بهذا المُلك، وتحقّقه به، يُوجِبُ سقوطَ جميع الأشياء ذاتاً، ووصفاً، وفعلاً، عنده، عن درجة الاستقلال. فهذا الإنسان لا يُمكنه أن يريدَ غيرَ وجهه تعالى، ولا أنْ يخضعَ لِشيءٍ، أو يخاف، أو يرجو شيئاً، أو يلتذّ، أو يبتهجَ بشيء، أو يركنَ إلى شيء، أو يتوكّلَ على شيء، أو يُسلِّمَ لشيء، أو يفوِّض إلى شيءٍ غير وجهه تعالى.
وبالجملة، لا يريدُ ولا يطلبُ شيئا إلّا وجهَه الحقّ الباقي بعد فناء كلّ شيءٍ، ولا يُعرض إعراضاً ولا يهرب إلّا عن الباطل الّذي هو غيرُه، الّذي لا يرى لوجوده واقعاً ولا يعبأ به قبالَ الحقّ، الّذي هو وجودُ بارئه جلّ شأنُه.
وكذلك قوله تعالى: ﴿اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ طه:8، وقوله: ﴿ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ..﴾ الأنعام:102، وقوله: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ..﴾ السّجدة:7، وقوله: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ..﴾ طه:111، وقوله: ﴿..كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ البقرة:116، وقوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ..﴾ الإسراء:23، وقوله: ﴿..أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فصّلت:53، وقوله: ﴿..أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾ فصّلت:54، وقوله: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾ النّجم:42.


خلاصة
فأوّل المسالك [التّربية بالغايات الدّنيويّة] يدعو إلى الحقّ الاجتماعّي، وثانيها [التّربية بالغايات الأخرويّة] يدعو إلى الحقّ الواقعيّ، والكمال الحقيقيّ الّذي فيه سعادةُ الإنسان في حياته الآخرة، وثالثُها [التّربية بالعبوديّة الحقّة] يدعو إلى الحقّ الّذي هو الله، ويَبني تربيتَه على أنّ الله سبحانه واحدٌ لا شريكَ له، ويُنتج العبوديّة المَحْضة.
وقد أهدى هذا المَسلكُ إلى الاجتماع الإنسانيّ جمّاً غفيراً من العُبّاد الصّالحين، والعلماء الرّبّانيّين، والأولياء المُقرّبين رجالاً ونساءً، وكفى بذلك شرفاً للدّين.
على أنّ هذا المسلكَ ربّما يفترقُ عن المسلَكين الآخرين بحسب النّتائج، فإنّ بناءه على الحبّ العبوديّ، وإيثارِ جانب الرّبّ على جانب العبد، ومن المعلوم أنّ الحبّ والولَه والتَّيم ربّما يدلُّ الإنسانَ المُحبَّ على أمورٍ لا يستصوبُها العقلُ الاجتماعيّ، الّذي هو مِلاكُ الأخلاق الاجتماعيّة، أو الفهم العامّ العاديّ، الّذي هو أساسُ التّكاليف العامّة الدّينيّة، فللعقلِ أحكامٌ، وللحبِّ أحكامٌ.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة