قراءة في كتاب

المرأة حقوقها وحجابها في فكر الشّهيد مرتضى مطهّري


ربى حسين ..

"... فالكم غير الكيف والتّساوي غير التّشابه والتّماثل، ومن المسلّم به أنّ الإسلام لم يمنح الرّجل والمرأة حقوقًا من نوعٍ واحد ولون واحد لكنه لم يفضّل الرّجل عن المرأة في الحقوق... الإسلام يقر المساواة بين حقوق المرأة والرّجل لكنه لا يقر تشابه هذه الحقوق".
حاول الشّهيد العلّامة مرتضى مطهّري، أحد أبرز تلامذة المفسر والفيلسوف الإسلامي محمد حسين الطباطبائي وروح الله الخميني، وصاحب الشبكة الواسعة من المؤلفات التأصيلية والعقائدية والفلسفية الإسلامية شرح حقوق المرأة ومسألة حجابها ضمن كتاب "المرأة حقوقها وحجابها".
تضم هذه السّلسلة كتابين للشهيد: "نظام حقوق المرأة في الإسلام"، و "مسألة الحجاب في الإسلام". هذا الإسلام الّذي كفل للمرأة الكثير من الحقوق، فقد جعل الرّجل والمرأة شريكين مكمّلين لبعضهما. ومنحها شخصيّة فريدة في زينتها، ثيابها، احتشامها، خلقها، وسلوكها.  


نظام حقوق المرأة
هذا الكتاب هو عبارة عن مجموعة مقالات كتبها الشّهيد بين عامي 1966- 1967م في مجلة باللغة الفارسية "امرأة اليوم، وكانت بعنوان " المرأة في القانون الإسلامي". يتحدث الكتاب عن حقوق المرأة في النظام الإسلامي من باب نظام حقوق الأسرة بشكل عام. كما يناقش مسألة أساسية في هذا الباب وهي "حرية المرأة" و "حق المساواة" بين المرأة والرجل.


النّهضة الإسلاميّة البيضاء
 ضمن هذا الباب من الكتاب، كان الكلام عن مراعاة الإسلام لمبدأ المساواة في الإنسانية بين الرجل والمرأة. وقد أكّد سماحته على أنّ حملة العلم عليهم أن يوضحوا للناس الفرق بين المساواة والتشابه حتى لا يحصل التباس لدى الناس في هذه المسألة المقدسة والحساسة. كما شدّد على وجوب مواجهة ضغوط نظريات الغربيين وفلسفاتهم لأنه لا يجوز أن يستمر هذا الخلط فتختلط المفاهيم علينا.


الحقوق
وهنا يثار التساؤل، هل حقوق المرأة أقل قيمة من حقوق الرجل؟ بالطبع لا يجيبنا الكتاب، لقد قدّم الإسلام أعظم الخدمات للمرأة، ولم يكن سلب الولاية المطلقة للآباء على بناتهم الخدمة الوحيدة الّتي قدّمها الإسلام في هذا الميدان، لقد منحها حرّيتها وشخصيّتها، إضافة الى استقلالها الفكري. والمثال هنا هو الرّسول الأكرم منح ابنته فاطمة حريّة اختيار الزّوج أوّلًا.
طرح الشّهيد مطهري مسائل هامة من وجهة نظر الشرع الإسلامي نذكر بعضاً من عناوينها: الخطبة، والزواج المؤقت (المتعة)، المرأة والاستقلال الاجتماعي، مكانة المرأة في القرآن، المهر والنفقة، الإرث، الطلاق، تعدد الزوجات.
كما تطرّق البحث إلى مسألة مهمّة هي: "الإسلام وتجدّد الحياة" لدى الفرد الّذي يعيش حياة اجتماعيّة قابلة للتّغيّر والتّحوّل. كما خصّص فصلًا  كاملًا للحديث عن مكانة المرأة في نظر الإسلام، مستعرضًا بعض الآيات الّتي تحدّثت ضمن هذا الإطار. هذا بالإضافة إلى تفصيل توابع هذا الأمر، كحق حكم الرجل في الأسرة، حق حضانة الطفل، المرأة والسياسة، لباس المرأة، الأخلاق الجنسية: الغيرة، العفاف، الحياء وغير ذلك، مقام الأمومة، عمل المرأة، ... الخ.


كتاب مسألة الحجاب
يقر الشّهيد مطهّري في مقدّمة كتابه هذا  بتأثيره الكبير في تغيير جيل الشّباب فكريًّا وعقائديًّا، بل حتى بعض النّساء المتعرّيات جدّدن النّظر في سلوكهن على أثر هذا الكتاب.


ظهور الحجاب
استعرض سماحته في الفصل الأوّل تاريخ الحجاب الّذي ظهر قبل الإسلام مؤكّدًا أن حجاب اليهود: كان أحرج وأكثر تشديدًا مما يلتزم به الحجاب الإسلامي من حدود. كما أعطى أمثالًا تاريخيّة لشعوب التزمت نساؤها بالحجاب.
خصص الفصل الثاني لتناول مسألة العوامل الّتي رافقت ظهور الحجاب، ومنها الاتّجاه الرّهباني والرّياضة الرّوحيّة. كما أنّ فقد الأمن والعدالة الاجتماعيّة في المجتمع، إضافة إلى أنانيّة الرّجل وحسده يعتبران من العوامل المؤثّرة تاريخيًّا في ظهور الحجاب. ولم يغفل سماحته عن ذكر العامل النّفسي للمرأة وخصوصيّتها كعامل أساسي يدخل في هذا الإطار. وقد لفت في هذا الفصل إلى أنّ هذه العوامل لا تنسجم مع الأسس العامّة للتفكير الإسلامي.


الحجاب الإسلامي
عالج الفصل الثّالث فلسفة الحجاب في الإسلام، مستعرضًا في البداية مصطلح الحجاب. وأرجع سماحته هذه المسألة إلى عدّة عوامل منها الجانب النّفسي، الاجتماعي، وآخر يرتبط برفع مستوى المرأة واحترامها والحيلولة دون ابتذالها. أمّا الفصل الرّابع فقد خصّص لعرض بعض إشكالات واعتراضات الحجاب والعقل، إضافة إلى ربط الحجاب بمسألة أصل الحريّات
كما واستعرض نقطة الحجاب الإسلامي مستدلًّا بآيات قرآنيّة كان أبرزها تلك المذكورة في سورة النّور ليشرح بالتّفصيل هذه المسألة الدّقيقة والحسّاسة، متطرّقًا إلى مباحث العين والبصر، السّتر، والزّينة. وضمن هذا الفصل كان له حديث عن نساء النّبي اللّواتي نزلت فيهنّ آيات مفصّلا مسألة الحجاب و"الجلباب".

لفت سماحته إلى أنّ الإسلام اعتنى بشكل كامل بقيمة العفاف الرّفيعة،  ومن الواضح أنّ السّنة الإلهيّة المعتدلة لم تنه النّساء عن المشاركة في الفعاليّات الاجتماعيّة ضمن حدود المحافظة على النّظافة الأخلاقيّة والّذي يعتبر الحجاب أحد ركائزها الثّابتة.

وعلى الغلاف الخارجي للكتاب كتب "لقد راعى مبدأ المساواة في الإنسانية بين الرجل والمرأة ... إن كلمات مثل – التساوي – المساواة لكونها تتضمن مفهوم عدم التمييز قد حازتا على قدسية خاصة ولها جاذبية معينة فهما تجذبان احترام السامع وخاصة إذا أضيفت إليها عبارة الحقوق واقترنت بها. حملة العلم عليهم أن يوضحوا للناس الفرق بين المساواة والتشابه حتى لا يقع الناس في لبس من هذه المسألة المقدسة والحساسة وحتى لا تقع تحت ضغط نظريات الغربيين وفلسفاتهم لأنه لا يجوز أن يستمر هذا الخلط وتختلط المفاهيم علينا. ومن المسلمات عندنا أن الإسلام الذي وضع قانون المساواة لم يضع حقوقاً متشابهة...".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة