علمٌ وفكر

الأخبار الزائفة تنتشر أبعد وأسرع وأعمق من الصحيحة، كما وجدت دراسة


المترجم : أبو طه/ عدنان أحمد الحاجي ..

يمكن أن تؤدي تغريدة إلى إحداث فوضى في بضع مئات من الشخصيات، كما وقع في أبريل ٢٠١٣ عندما اخترق شخص ما حساب اسوسيتد برس Associated Press على تويتر وزعم أن انفجارات في البيت الأبيض قد أصابت الرئيس الأمريكي باراك أوباما. لم تكن هناك انفجارات - وكان أوباما على ما يرام - ولكن انخفض مؤشر داو جونز بمقدار ١٠٠ نقطة في دقيقتين. تعافت أسواق الأسهم بسرعة بمجرد ظهور الحقيقة. ومع ذلك، ظل موقع تويتر عبارة عن مجمع توالد للمعلومات الخاطئة.
بعض شائعات تويتر صحيحة. تسرب اكتشاف بوزون هيجز عبر موقع تويتر قبل إعلانه الرسمي في عام ٢٠١٢. والبعض الآخر، بطبيعة الحال، غير صحيح وأكثر تدميراً، كنظريات المؤامرة حول إطلاق النار في المدرسة الثانوية الأخيرة في باركلاند، فلوريدا.
دراسة جديدة نشرت في مجلة ساينس SCIENCE  تحدد كمية مدى انتشار شائعات تويتر. أبحاث سابقة تتبعت شائعات بعد أحداث محددة، كالمعلومات الخاطئة التي دارت حول تفجير ماراثون بوسطن. الدراسة التي نُشرت يوم الخميس ٨ مارس ٢٠١٨ هي الأوسع نطاقًا: قام فريق من الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بتتبع الأكاذيب والحقائق باستخدام قاعدة بيانات لكل تغريدة كتبت من عام ٢٠٠٦ إلى عام ٢٠١٧.
وقال سنان آرال، أستاذ تكنولوجيا المعلومات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذي يَدرُس شبكات التواصل الاجتماعية، إن الأخبار الكاذبة تنتقل عبر تويتر "أبعد وأسرع وأعمق وأوسع" مما تنتقل به الأخبار  الصادقة.
 مؤلفو الدراسة يهدفون إلى أن يكونوا غير سياسيين في تمييز ما هو صادق أو ما هو كاذب.  ولم يستخدموا  عبارة "أخبار مزيفة"، عن قصد وقاموا بالاستعانة بمصادر خارجية لإثبات صحتها على Snopes.com و Politifact.com وأربعة شركات مستقلة أخرى تقوم بالتدقيق في الحقائق. وقال آرال: "المفهوم المركزي لهذه الورقة هو الصدق". "أقول ذلك بجرأة لأنني أعلم أنه من الصعب عمل ادعاء كهذا."

في أي خبر معين، كانت شركات التدقيق في الحقائق متفقة ٩٥ الى ٩٨ في المائة من الأوقات. وقال  آرال: "لا نعرف أي طريقة أخرى للحصول على مجموعة بيانات أكثر صرامة [في الدقة] " من استخدام مدققي حقائق مستقلين  وشبه  متفقين بالإجماع  .
قام آرال وزملاؤه بالبحث عبر قاعدة بيانات تويتر للحصول على نوع محدد من الردود على التغريدات. لو أن أحد مستخدمي تويتر ارتبط بصفحة إنترنت خاصة بمؤسسة تدقيق الحقائق، إما لتأكيد أو تفنيد شائعة منتشرة، فإن اللعبة  قائمة على قدم وساق. من ذلك الرابط، تتبع  الباحثون من خلال سلسلة إعادة ارسال التغريداتretweet ، التي أطلقوا عليها اسم التتالي (التتابع)، لإيجاد أصل الشائعات. هذه الطريقة في فهرسة التغريدات أنتجت .١٢٦ ألف مجموعة تتالي صادقة أو كاذبة تضمنت ٣ ملايين شخص.
بكل المقاييس تقريبًا، تجاوزت مجموعة التتابعات الكاذبة تلك الصادقة . ونادراً ما تنتشر أصدق الشائعات إلى أكثر من ١٠٠٠ شخص. لكن أعلى 1 في المائة من الأكاذيب يصل جمهورها إلى ما بين ألف إلى ١٠٠ ألف شخص بشكل روتيني. لقد اكتسبت السياسة أكبر قدر من الاهتمام بين الشائعات الصادقة والكاذبة، كما اكتشف الباحثون، وهذا  يمثل  ٤٥ ألفًا من مجموع ١٢٦ ألف مجموعة تتالي. الشائعات السياسية الكاذبة كان لها الذروة العالية بشكل خاص خلال انتخابات عام ٢٠١٦.

أحد الحسابات التويترية  كان مسؤولا عن بدء ٤٧٠٠ شائعة كاذبة. ورفض آرال تسمية ذلك الحساب، مشيراً إلى الشروط التي فرضتها شركة تويتر عندما شاركتنا مجموعة البيانات.
لكنه قدم عموميات حول من ينشر الأخبار الكاذبة. تتالي شائعة كاذبة تبدأ على الأرجح من حساب جديدلم يتم التحقق منه مع عدد صغير من المتابعين. "الأخبار الكاذبة تنتشر أبعد" على الرغم من هذه الخصائص، وليس بسببها، كما قال آرال.
في نموذج إحصائي استبقى على متغيرات كمتابعي تويتر وعمر الحساب متساويين، كانت إعادة تغريدة الأكاذيب أكثر احتمالاً بنسبة ٧٠٪ من إعادة تغريد الحقائق. وافترض مؤلفو الدراسة أن الأكاذيب تحتوي على المزيد من الجدة (الجديدية novelty)  أكثر من الصادقة. ولهذه الغاية، قاموا بقياس "تفردية معلومات" الشائعات" واكتشفوا أن الشائعات الكاذبة من المرجح أن تحتوي على معلومات جديدة، ولكنها خاطئة.
"من الأسهل أن تكون جديدة عندما تكون أنت غير مقيد بالواقع" ، كما قال آرال. وبالمثل، حدد الباحثون محاور مشتركة في صياغة الردود على الشائعات الكاذبة - المستخدمون غالباً ما يعبرون بكلمات مرتبطة بالاشمئزاز والاستغراب عندما علقوا على الأكاذيب.

يقول مانليو دي دومينيكو، باحث في برونو، مركز مؤسسةكيسلير Kessler لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إيطاليا الذي تتبع كيف انتشرت شائعة بوزون هيجز على تويتر: "المؤلفون كانوا صادقين جدًّا في تفسير نتائجهم: لا يستطيعون أن يدّعوا أي علاقة سببية بين الجدة ( الجديدية novelty) والتأييد، لكنهم يقدمون أدلة مقنعة على أن الجدة تلعب دورًا مهمًّا في نشر المعلومات الزائفة".
وقال مؤلفو الدراسة إن حسابات تويتر الآلية، أو البوتات bots ( برامج آلية على النت تشبك مع المستخدم وخاصة في الألعاب حيث تكون مقابل المستخدم)، ليست مسؤولة عن الانتشار السريع للشائعات الكاذبة. باستخدام تقنيات لتحديد البوتات، فقد وجد الباحثون أن البرمجيات التي تشغل الحسابات تنشر الأكاذيب والحقائق بالتساوي. وبعبارة أخرى، النشاط البشري فقط يمكن أن يفسر الانتشار التفضيلي للأخبار الكاذبة.

وقال دي دومينيكو إن بحثه الأخير، الذي درس نشاط البوتات bots خلال استفتاء الاستقلال في كتالونيا، أيضاً يدعم  فكرة أن البرامج تُسرع  من "الأخبار الصادقة والكاذبة بنفس المعدل". وقال إنه يشك في أن "البوتات مصممة فقط لزيادة فوضوية نظم التواصل الاجتماعية  الإنترنتية".
وقال آرال إنه لا توجد حلول سهلة لحل مشكلة الأخبار الكاذبة على الإنترنت. أظهرت بعض الدراسات المبكرة أن عملية تصنيف الأخبار الكاذبة قد تزيد من انتشارها. وتطرح تلك الفكرة مشكلاتها: من، على سبيل المثال، سيكون مسؤولاً عن ختم التغريدات بعلامة الصدق؟ ليست شركة تويتر، على ما يبدو، وفقاً لأحد المسؤولين التنفيذيين في الشركة الذي أدلى بشهادته مؤخراً أمام المسؤولين البريطانيين "نحن لسنا محكمي حقيقة".

"نحن بحاجة إلى مزيد من البحث"، قال آرال. "لم تكن هناك أي دراسة حقيقية واسعة النطاق لهذه الظاهرة حتى الآن."

المصدر:
https://www.washingtonpost.com/news/speaking-of-science/wp/2018/03/08/fake-news-spreads-farther-faster-deeper-than-truth-study-finds/?utm_term=.9b1ff3ce2ef3&wpisrc=nl_science&wpmm=1

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة