من التاريخ

رُسل عمر بن سعد إلى الإمام الحسين عليه السلام


.. ورحل (الحسين عليه السلام) من موضعه ذلك (عُذيب الهجانات) حتى نزل كربلاء.. وذلك في الثاني من المحرّم سنة إحدى وستّين... (فبعث إليه ابن زياد بكتابٍ يدعوه فيه إلى بيعة يزيد، لكنّ الإمام عليه السلام أهمل الكتاب)، فقال له الرسول: أبا عبد الله، جوابَ الكتاب؟
قال عليه السلام: ما له عندي جواب، لأنّه قد حقَّتْ عليه كلمةُ العذاب.
فقال الرسول لابن زياد ذلك، فغضب من ذلك أشدّ الغضب، ثمّ جمع أصحابه، وقال: أيّها الناس! مَن منكم تولّى قتال الحسين بن عليٍّ، وُلي ولايةَ أيّ بلدٍ شاء! فلم يُجبه أحدٌ بشيء.
فالتفت إلى عمر بن سعد بن أبي وقّاص، وقد كان عمر بن سعد قبل ذلك بأيام قد عقدَ له عبيد الله بن زياد عقداً وولّاه الري ودستبي، وأمره بحرب الديلم، فأراد أن يخرج إليها، فلمّا كان ذلك اليوم أقبل عليه ابن زياد فقال: أريد أن تخرج إلى قتال الحسين بن عليّ، فإذا نحن فرغنا من شغله سرتَ إلى عملك.
فقال له عمر: أيّها الأمير، إن أردتَ أن تعفيَني من قتال الحسين بن عليٍّ، فافعل.
فقال: قد عفيتُك فاردُد إلينا عهدَنا الذي كتبناه لك، واجلس في منزلك نبعث غيرك، فقال له عمر: أمهِلني اليومَ حتّى أنظرَ في أمري! قال: قد أمهلتُك.
فانصرف عمر إلى منزله وجعل يستشير بعض إخوانه ومَن يثق به، فلم يُشر عليه أحدٌ بشيءٍ غير أنّه يقول له: اتَّقِ الله ولا تفعل.. فلمّا أصبح أقبل حتى دخل على عبيد الله بن زياد فقال: ..فإنّي سائرٌ إليه غداً إن شاء الله، فجزاه ابن زياد خيراً ووصله وأعطاه وحيّاه... ثمّ دعا عمر بن سعد رجلاً من أصحابه، يقال له عروة بن قيس، فقال له: امضِ يا هذا إلى الحسين، فقل له: ما تصنع في هذا الموضع؟ وما الذي أخرجه عن مكّة وقد كان مستوطناً بها؟
فقال عروة بن قيس: أيّها الأمير، إنّي كنتُ اليوم أكاتب الحسين ويكاتبني، وأنا أستحيي أن أسيرَ إليه، فإنْ رأيتَ أن تبعث غيري فابعَث.
فبعث إليه رجلاً يقال له فلان بن عبد الله السبيعي، وكان فارساً بطلاً شجاعاً لا يردّ وجهه عن شيء، فقال له عمر بن سعد: امضِ إلى الحسين فَسَلْه ما الذي أخرجه عن مكّة وما يريد.
فأقبل السبيعيّ نحو الحسين، ثمّ قال له الحسين عليه السلام لمّا رآه: ضعْ سيفَك حتى نكلّمك!
فقال: لا، إنّما أنا رسول عمر بن سعد، فإنْ سمعتَ منّي بلّغتُك ما أُرسلتُ به، وإنْ أَبَيتَ انصرفتُ عنك. فقال له أبو ثمامة الصائدي: فإنّي آخذُ سيفك، فقال: لا والله لا يمسّ سيفي أحدٌ، فقال أبو ثمامة: فتكلّم بما تريد ولا تدنُ من الحسين، فإنّك رجلٌ فاسق.
فغضب السبيعي ورجع إلى عمر بن سعد، وقال: إنّهم لم يتركوني أصِل إلى الحسين فأبلّغه الرسالة.
فأرسل إليه قرّة بن قيس الحنظلي فأقبل، فلمّا رأى معسكر الحسين، قال الحسين عليه السلام لأصحابه: هل تعرفون هذا؟
فقال حبيب بن مظاهر الأسدي: نعم، هذا من بني تميم وقد كنتُ أعرفُه بحُسن الرأي، وما ظننتُ أنّه يَشهد هذا المشهد.
وتقدّم الحنظليّ حتّى وقف بين يدي الحسين عليه السلام، فسلّم عليه وأبلغه رسالة عمر بن سعد. فقال: يا هذا، أعلِم صاحبَك عنّي أنّي لم أَرِدْ إلى ههنا حتّى كَتب إليّ أهلُ مِصرِكم أن يبايعوني ولا يخذلوني وينصروني...
ثمّ وثب إليه حبيب بن مظاهر الأسدي، فقال: وَيحك يا قرّة! عهدي بك وأنتَ حَسَنُ الرأي في أهل البيت، فما الذي غيَّرك حتى أتيتنا في هذه الرسالة؟ فأَقِم عندنا وانصُر هذا الرجل!
فقال الحنظليّ: لقد قلتَ الحق، ولكنّي أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته، وأنظر في ذلك. فانصرف الحنظليّ إلى عمر بن سعد وخبّره بمقالة الحسين عليه السلام...

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة