صدى القوافي

الشاعر حبيب المعاتيق: تجليات الطف في جسد منهك

أبيات القصيدة، للشاعر: حبيب المعاتيق.

يا شاطئ الوجدِ خان القلبَ زورقُهُ ولم يعد غيرُه للحزن أُطلقُهُ  
لي دمعةٌ كلما فارت على جهةٍ يرسو بها زورقي المكسور تُغرقُه  

لمَّا تفتَّح بابُ (العاشر) اندلقت وقد أقامت سنينَ العمر تطرق  
بي مثلُ جيشٍ بأرض الطف روعها جيشٌ على الخد جرارٌ رقرقه  

وفي فؤادي خدرٌ لا يزال لظى من أشعل النار في الخيمات يحرقه  
وبين جفنيَ ماءٌ لم أكن أبدا لو لم تُصَب قربة (العباس) أهرقه  

أنا مخاض دموعٍ أُجهضت عَنَتا قد كانت الطفُّ بالأرزاء تَطلَقُه  
في كل ناحيةٍ مني نما غصُنٌ لمّا يزل دمع (عاشوراء) يُورقه  

تصوغني (الطفُّ) حتى لم أعد أحدا غيرَ الذي هذه الأرزاءُ تخلقه  
هنا (الطفوف) تجلت في ثرى جسدي في كل عضو شهيدٌ ظل يُقلقهُ  

هنا أصيب (عليُّ بنُ الحسين) وقد كان الحسينُ على جفنيَّ يرمقه  
تموجتْ كربلا وجداً على جسدي لما مضى السبط من خديه يلصقه
 
كل الكواكب قد خرت هنا وهنا يؤمها القمر المفضوخ مفرقه  
لمّا هوى دونما كفًّ قذفتُ له روحي إلى هذه الرمضاء تسبقه  

هنا الحسين وحيدا ظل في رئتي إذا تصعّد فيَّ الحزنُ أشهقه  
ما الْتمَّ جيشٌ على العطشان في جسدي إلا سعت كل أعضائي تُفرِّقه
 
لم ينعقد كبدي إلا ليحرسه يذود عنه زماناً راح يرشقه  
لو لا (المثلث) لم يقتصَّ من كبدي لَمَا انتهى لحشا المولى يمزّقه  

هنا توزع سبط المصطفى وعوت فيّ الرياح على جسمٍ تطوقه  
ما زارني أحدٌ لما غفا بدمي إلا الذي مر بي في الليل يسرقه  

هنا دفنتُ حسيناً بعدما عجزت أن تمنعَ الخيلَ روحي يوم تسحقه  
يا واصلا في الفدا أقصى العطاء ومن مُدت إلى مطمح العشاق أعدقه  

لم يكذبِ االموتُ إلا حينما اعترضت منك الجراحات .. خان الموتَ منطقه  
قد كنتَ وحدك لما سلَّ أسيُفَه ولم يكن غير هذا النزف تمشقه  

هم وزعوك ولكن في القلوب فما ضر البغاة أبا الأحرار لو فقهوا  
أشرقت في كل قلب كالصباح وما مر الردى في فؤادٍ أنت تُشرقه  

ما كان يجري على وجه الحياة دمٌ لو لم تُروَّ بما أعطيت أعرقه  
هناك أنت على جذب الحياة يدٌ أنى يمد الفدا كفيه تغدقه  

ما كان أكرم من جرحٍ عرجتَ بهِ ولا جراح أخيك الفاض مفرقه  
أعطى الوجود يديه وانثنى أسِفا مذ جف من كفه ما كان ينفقه  

ما أبدع الجسد المجروح في نغمٍ عن الفداء على الدنيا يموسقه  
قد كان أصدق راوٍي وهو منجرحٌ لم يفتأ الملأُ الأعلى يوثِّقُه  

إن الحديث الذي يصغي الزمان له هو الحديث الذي لا زلال يدفقه  
ما كان أصدق من جرح أبان به وأصدقُ القول في مبناه أعمقه  

إن الجراحات إن قالت فقد صدقت يا رُب أخرس بذَّ الكون منطقه  
تعوي الرياح ولا صوت هناك سوى صوت الحقيقة من أشلاك تُطلقه  

مدت هناك لك العشاق أيديها في محشرٍ تاه في الأزمان رونقه  
لما انفتحت على جرحٍ فتحت لها الباب الذي ليس يقوى الظلم يغلقه  

يا أيها العبقُ المبذور في دمنا لا بد كي تفرُعَ الأرواح تنشقه  
هذا أنا العاشق المفتون يتعبه طول السرى والحنين الغمر يرهقه  

يني وبينك آلاف الغيوم إذا ما أرعد الشوقُ روحي رحت أبرقه  
تقودني نحوك الأرزاق أطلبها وأنت أكبر ما في الدهر أُرزقُه

مواقيت الصلاة