من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ جعفر السبحاني
عن الكاتب :
من مراجع الشيعة في ايران، مؤسس مؤسسة الإمام الصادق والمشرف عليها

نشاطات الإمام العسكري "ع" العلمية

 

الشيخ جعفر السبحاني
على الرغم من أنّ الإمام العسكري وبسبب الظروف العصيبة والمضايقات الكبيرة التي كان يتلقّاها من الحكم العباسي لم ينجح في بث معارفه الواسعة على نطاق المجتمع بشكل عام غير أنّه ورغم تلك الظروف ربّى وعلّم طلاباً كان لكلّ واحد منهم دور في نشر المعارف الإسلامية ومواجهة شبهات الأعداء؛ وقد عدّ الشيخ الطوسي تلامذة الإمام بما يزيدون على المائة وكان من بينهم شخصيات بارزة ووجوه معروفة ورجال فضلاء مثل: أحمد بن إسحاق القمي أبو هاشم داود بن قاسم الجعفري عبد اللّه بن جعفر الحميري أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري علي بن جعفر ومحمد بن الحسن الصفار ويمكن معرفة حياتهم المفعمة بالفخر والعبر والدروس من خلال مراجعة الكتب الرجالية، ومضافاً إلى تعليم وتربية الرجال والشخصيات كانت تظهر بعض المشكلات والشبهات العويصة للمسلمين لا يمكن حلها ومعالجتها إلاّ على يد الإمام الحسن العسكري؛ فقد كان الإمام في هذه المواقف يخترق السدود والموانع بحنكة عالية ويقدم الحلول في ضوء علم الإمامة ولتبيين ذلك نكتفي بذكر أنموذجين: ألف: خطأ الفيلسوف!
كتب ابن شهر آشوب: أنّ إسحاق الكندي كان فيلسوف العراق في زمانه أخذ في تأليف تناقض القرآن وشغل نفسه بذلك وتفرّد به في منزله وأنّ بعض تلامذته دخل يوماً على الإمام الحسن العسكري .
فقال (عليه السَّلام) له: أما فيكم رجل رشيد يردع أُستاذكم الكندي عمّا أخذ فيه من تشاغله بالقرآن؟.


فقال التلميذ: نحن من تلامذته كيف يجوز منّا الاعتراض عليه في هذا وفي غيره.
فقال (عليه السَّلام) له: أتؤدي إليه ما أُلقيه إليك؟.
فقال: نعم.
قال (عليه السَّلام): فصر إليه وتلطّف في مؤانسته ومعونته على ما هو بسبيله فإذا وقعت الأُنسة في ذلك فقل قد حضرتني مسألة أسألك عنها فإنّه يستدعي ذلك منك فقل له إن أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلّم منه غير المعاني التي قد ظننتها أنّك ذهبت إليها؟ فإنّه سيقول لك إنّه من الجائز لأنّه رجل يفهم إذا سمع فإذا أوجب ذلك فقل له: فما يدريك لعلّه قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه فيكون واضعاً لغير معانيه؛ فصار الرجل إلى الكندي وتلطّف إلى أن ألقى عليه هذه المسألة فقال له: أقسمت عليك ألا أخبرتني من أين لك؟ فقال: إنّه شيء عرض بقلبي فأوردته عليك فقال: كلا ما مثلك من اهتدى إلى هذا ولا من بلغ هذه المنزلة فعرّفني من أين لك هذا؟!
فقال: أمرني به أبو محمد الإمام العسكري.
فقال: الآن جئت بالحق وما كان ليخرج مثل هذا إلاّ من ذلك البيت فهم الذين يمكنهم أن يكشفوا عن الحقيقة؛ ثمّ إنّه وبعد أن عرف الحقيقة وخطأه دعا بالنار وأحرق جميع ما ألّفه.  
باء - الجاثليق يبسط راحتيه:


قحط الناس بسامراء قحطاً شديداً فأمر الخليفة المعتمد أن يخرج الناس إلى الاستسقاء فخرجوا ثلاثة أيام يستسقون ويدعون فلم يسقوا فخرج الجاثليق في اليوم الرابع إلى الصحراء وخرج معه النصارى والرهبان وكان فيهم راهب كلما مدّ يده إلى السماء ورفعها هطلت بالمطر ثمّ خرجوا في اليوم الثاني وفعلوا كفعلهم فهطلت السماء بالمطر وسقوا سقياً شديداً حتى استعفوا فعجب الناس من ذلك وداخلهم الشك وصبا ومال بعضهم إلى دين النصرانية فشقّ ذلك على الخليفة فأمر أن يخرج الإمام العسكري من السجن وأحضره فقال له: أدرك أُمّة جدّك.
فقال (عليه السَّلام): دعهم يخرجون غداً اليوم الثالث.
فقال الخليفة: قد استعفى الناس من المطر واستكفوا فما فائدة خروجهم؟! قال (عليه السَّلام): لأزيل الشك عن الناس؛ فأمر الخليفة الجاثليق والرهبان أن يخرجوا أيضاً في اليوم الثالث فخرجوا وخرج الإمام (عليه السَّلام) ومعه خلق كثير فوقف الرهبان ورفعوا أيديهم إلى السماء فغيمت في الوقت ونزل المطر.
فأمر الإمام (عليه السَّلام) أن يقبض على يد الراهب ويؤخذ ما فيها فإذا ما بين أصابعه عظم آدمي أسود فأخذه (عليه السَّلام) ولفّه في خرقة وقال: استسق الآن ففعل ورفع يده فانكشف السحاب وانقشع الغيم وطلعت الشمس فعجب الناس من ذلك !!
وقال الخليفة: ما هذا يا أبا محمد.
فقال (عليه السَّلام): عظم نبي من أنبياء اللّه عزّوجل ظفر به هؤلاء من بعض قبورهم وما كشف عن عظم نبي تحت السماء إلاّ هطلت بالمطر؛ فامتحن الناس ذلك فوجدوه كما قال (عليه السَّلام)؛ تسبّبت هذه القضية في الإفراج عن الإمام (عليه السَّلام) وازدياد شعبيته واحترامه في الرأي العام وقد استغل الإمام هذه الفرصة وطلب من الخليفة الإفراج عن أصحابه الذين كانوا سجناء معه فأفرج عنهم.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة