من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محسن الأمين
عن الكاتب :
السيد محسن ابن السيد عبد الكريم الحسيني ولد في قرية (شقرا) في جنوب لبنان وذلك في حدود ١٢٨٢ ه‍ ودرس المقدمات في مدارس جبل عامل على المشاهير من فضلائها وبرع بين أقرانه ثم هاجر إلى النجف للتحصيل الفقهي وذلك عام ١٣٠٨ وأكب على التحصيل واستقى من الاعلام وهاجر من النجف إلى الشام سنة ١٣١٩ ه‍ بطلب من أهلها. توفي ببيروت وشيع تشييعًا فخمًا مشى فيه رجال السلك الدبلوماسي من الجمهوريتين اللبنانية والسورية وذلك يوم الرابع من شهر رجب ١٣٧١ ه‍. ونعته دور الإذاعات الإسلامية والعربية.

أمّ سلمة هند زوجة النبيّ (ص)


السيد محسن الأمين
كانت من أعقل النساء، وكانت لها أساليب بديعة في استعطاف النبيّ (ص) عند غضبه، وأدب بارع في مخاطباته وطلب الحوائج منه. فمن ذلك، لما لقيه ابن عمه وأخوه من الرّضاعة أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب، وابن عمّته عاتكة بنت عبد المطلب، عبد الله بن أبي أميّة المخزومي أخو أمّ سلمة لأبيها، وهو في طريقه إلى فتح مكّة، فاستأذنا عليه، فأعرض عنهما.
فقالت أمّ سلمة: يا رسول الله، ابن عمّك وابن عمّتك وصهرك، فقال: لا حاجة لي بهما، أمّا ابن عمّي فهتك عرضي، وكان يهجو رسول الله، وأمّا ابن عمتي وصهري، فهو الذي قال لي بمكّة ما قال - يعني قوله له: والله لا آمنت بك حتى تتّخذ سلماً إلى السماء فتعرج فيه وأنا أنظر، ثم تأتي بصكّ وأربعة من الملائكة يشهدون أنّ الله أرسلك -.
فقالت أم سلمة: لا يكن ابن عمّك وابن عمّتك أشقى الناس بك. فقال أبو سفيان: والله ليأذننّ لي أو لآخذنّ بيد ابني هذا، ثم لنذهبنّ في الأرض حتى نموت عطشاً وجوعاً. فرقَّ لهما النبيّ، فدخلا عليه وأسلما.
وقالت له لما أراد عليّ (ع) أن يسأل النبيّ (ص) في الإذن له في إدخال فاطمة عليه، فدخلت أمّ أيمن على أمّ سلمة، فأخبرتها وأخبرت سائر نسائه بذلك، فاجتمعن عنده، وقلن: فديناك بآبائنا وأمّهاتنا يا رسول الله، إنا قد اجتمعنا لأمرٍ لو كانت خديجة في الأحياء لقرّت عينها. قالت أمّ سلمة: فلما ذكرنا خديجة، بكى وقال: خديجة! وأين مثل خديجة؟ وأخذ في الثناء عليها، فقالت أمّ سلمة من بينهنّ: فديناك بآبائنا وأمّهاتنا، إنك لم تذكر من خديجة أمراً إلا وقد كانت كذلك، غير أنها قد مضت إلى ربها، فهنّأها الله بذلك، وجمع بيننا وبينها في جنّته، يا رسول الله، هذا أخوك وابن عمّك في النسب عليّ بن أبي طالب، يحبّ أن تدخل عليه زوجته. قال حبّاً وكرامة، ثم التفت إلى النساء بعدما دخلن البيت، فقال: من ها هنا؟ فقالت أمّ سلمة: أنا أمّ سلمة، وهذه فلانة وفلانة، فكانت هي المبادرة بالجواب، فأمرهنّ أن يصلحن من شأن فاطمة في حجرة أمّ سلمة، وابتدأتهنّ أمّ سلمة بالرّجز أمام فاطمة لما زفّت.
فانظر وقارن بين أمّ سلمة ماذا قالت في حقّ خديجة لما أثنى عليها النبيّ (ص)، وماذا قالته بعض أزواجه لما أثنى على خديجة، فقالت: وما كانت خديجة، وقد أبدلك الله خيراً منها؟!


وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عمرة بنت عبد الرّحمن قالت:
لما سار علي إلى البصرة، دخل على أمّ سلمة زوج النبيّ (ص) يودّعها، فقالت: سر في حفظ الله وفي كنفه، فوالله إنّك لعلى الحقّ والحقّ معك، ولولا أني أكره أن أعصي الله ورسوله، فإنه أمرنا أن نقرّ في بيوتنا، لسرت معك، ولكن والله لأرسلنّ معك من هو أفضل عندي وأعزّ عليّ من نفسي، ابني عمر.
وبسنده عن أبي سعيد التيمي، عن أبي ثابت مولى أبي ذرّ، قال: كنت مع عليّ يوم الجمل، فلمّا رأيت عائشة واقفة، دخلني بعض ما يدخل النّاس، فكشف الله عني ذلك عند صلاة الظهر، فقاتلت مع أمير المؤمنين، فلمّا فرغ، ذهبت إلى المدينة، فأتيت أم سلمة فقلت: إني والله ما جئت أسأل طعاماً ولا شراباً، ولكني مولى لأبي ذرّ. فقالت: مرحباً. فقصصت عليها قصّتي، فقالت: أين كنت حين طارت القلوب مطائرها؟ قلت: إلى حيث كشف الله ذلك عنّي عند زوال الشّمس. قالت: أحسنت، سمعت رسول الله (ص) يقول: "عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض".


وروى النّسائي في الخصائص بسنده عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على أمّ سلمة فقالت لي: أيسبّ رسول الله (ص) فيكم؟ قلت: سبحان الله، أو معاذ الله، قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: "من سبّ عليّاً فقد سبّني". وأبو عبد الله الجدلي، واسمه عتبة بن عبد، كان ساكناً في الشام، فلهذا قالت له أمّ سلمة ذلك.
وكانت فقيهة عارفة بغوامض الأحكام الشرعيّة، حتى إنّ جابر بن عبد الله الأنصاري كان يستشيرها ويرجع إلى رأيها، فقد ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 40، أنه لما أرسل معاوية بسر بن أبي أرطأة في ثلاثة آلاف، حتى قدم المدينة، أرسل إلى بني سلمة: والله ما لكم عندي أمان حتى تأتوني بجابر بن عبد الله. فانطلق جابر إلى أمّ سلمة زوج النبيّ (ص)، فقال لها: ماذا ترين؟ إن هذه بيعة ضلالة، وقد خشيت أن أقتل، قالت: أرى أن تبايع.
وفي رواية الكلبي ولوط بن يحيى التي حكاها ابن أبي الحديد في شرح النهج، أن أم سلمة قالت لجابر: اذهب فبايع، وقالت لابنها عمر اذهب فبايع. وفي رواية إبراهيم بن هلال الثقفي التي نقلها ابن أبي الحديد أيضاً، أن جابراً قال: دخلت على أمّ سلمة فأخبرتها الخبر، فقالت: يا بنيّ انطلق فبايع، احقن دمك ودماء قومك، فإني قد أمرت ابن أخي أن يذهب فيبايع، وإني لأعلم أنها بيعة ضلالة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة