مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد مصباح يزدي
عن الكاتب :
فيلسوف إسلامي شيعي، عضو مجلس خبراء القيادةrn مؤسس مؤسسة الإمام الخميني للتعليم والبحث العلمي

صفات أهل الدنيا (1)

 

الشيخ محمد تقي المصباح اليزدي
في بقية حديث المعراج يسأل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ربه عن صفات و خصوصیات أهل الدنيا فيجيبه الله سبحانه ابتداء : عن عشرين صفة لأهل الدنيا ثم يذكر له صفات أهل الآخرة.
قال : «أهل الدنيا من كَـثُـرَ أكله وضحكه ونومه وغضبه.»
أولى صفات أهل الدنيا كثرة الأكل. لا شكّ حبُّ الدنيا يبدأ من البطن والبطن أساس أكثر المفاسد. وأصحاب البطون يذهبون وراء الحرام من أجل إرضاء لذّات البطن، ثم يذهبون وراء بقية الشهوات. أول شيء يجذب الإنسان وأول شيء يطلبه الطفل بعد ولادته هو الأكل لذلك ترى أهل الدنيا همهم بطونهم. في المقابل، إن أهل الآخرة هم غير ذلك، فهم لا يهتمون ببطونهم بل هم معتدلون في ذلك، فهم يأكلون بمقدار احتياجهم وبمقدار الضرورة وفي حد يمكنهم أن يؤدوا واجباتهم ووظائفهم وطبعا ذلك لا بقصد اللذة من الأكل.
الصفة الثانية : الضحك الكثير . أهل الدنيا دائمًا يضحكون لأنهم لا يفكرون في الآخرة ولم يخافوا من الله فلو كانوا يدركون عاقبة أمورهم ويخافون من الله، ألم يقضوا أعمارهم بالضحك والفرح الشديد. أما أهل الآخرة ومن يفكر بالآخرة حتى لو كان يسعى للآخرة ويهتم بها ولكنه خائف من عاقبة أمره إن لم يرضَ الله عنه ويحرم من النعيم الأخروي (نعيم الجنة) فهو مضطرب وغير مستقر ويخشی أن يقضي وقته بكلام فارغ وقهقهة وضحك.
المؤمن بالظاهر يضحك ومبتسم دائما فهو غير عبوس، لئلا يتأذى الآخرون منه ومن رؤيته بل هو دائما باشٌ ومبتسم وملقاه ومحياه جميل ولكن بالباطن خائف ومحزون على عاقبته. ولكنه إذا اجتمع مع الناس فهو فرح ويضحك معهم أما قلبه فحزین، ماذا سيكون مصيره؟ 


هل عمل بوظيفته؟ هل تغفر ذنوبه؟ ولا يخلص من حزنه وفكره.⁉️
الصفة الثالثة : كثير النوم، من لم يكن يفكر بالآخرة ولم يكن خائفًا على عاقبته ينام براحة وبسرعة، ومن جملة مطالبه كثرة النوم، طبيعي إذا كثر أكل الإنسان ينام كثيرة وبالنتيجة يغلبه النوم عندما يكون مستيقظًا كل همه بأن يستلذ من لذات الدنيا ويملأ بطنه من الأطعمة اللذيذة والمتنوعة، وعندما يتعب يبحث عن مكان هادیء وفراش ناعم لينام!
في مقابل ذلك فأهل الآخرة لا يريدون أن يقضوا لحظة واحدة من أعمارهم بالنوم عيونهم تنام ولكن قلوبهم واعية. 
الصفة الرابعة : الغضب الكثير، أهل الدنيا راضون من أنفسهم وغاضبون على الجميع وعندما يقع عمل على خلاف ميولهم يحزنون ولا يمكنهم تحمل المصاعب.
كل هم أهل الدنيا هو أن يعيشوا مسرورين في هذه الدنيا لذلك يحبون أن يحترمهم الآخرون كما يتوقعون ويطيعونهم إطاعة عمياء، وعندما يرون أن طلباتهم لم تنفذ يحزنون ويتأذون ويغضبون على الآخرين. الإنسان لا يتوقع أن تكون كل الأمور تأتي على مراده، لأنه من الطبيعي والعادي أن تقع حوادث ووقائع على الإنسان مثل الأمراض أو مشاكل بينه وبين الآخرين، لأن المشاكل التي تقع بينه وبين الآخرين ليست دائمة مرضية، ففي بعض الأحيان يصدر من الآخرين أعمال توجب أذية وحزن الإنسان.
قلیل الرضا لا يعتذر إلى من أساء إليه ولا يقبل عذر من اعتذر إليه»..


الصفة الخامسة لأهل الدنيا: قليلوا الرضا وكأنما يطلبون الآخرين وهم ناقمون عليهم.
الصفة السادسة : عندما يُسيئون إلى الآخرين لا يعتذرون لأن الاعتذار من آثار التواضع وهم متكبرون، فإن أهل الدنيا صعبٌ عليهم جدًا أن يحقروا أنفسهم في مقابل من ظلموهم ويعتذرون منهم ويعترفون بخطئهم.
من جملة خصوصيات الأطفال هو أنهم إذا عملوا عملاً قبيحًا لا يعتذرون ويعتبرون هذا العمل صعبًا عليهم، لذلك نرى الذين يسعون في تربية أولادهم من الأول يعلمونهم الاعتذار عندما يخطئون. لعل هذه اللجاجة من الأطفال - عندما يرتكبون عم سيئة لا يعتذرون - لیست عيبًا، وتدل على استقلال شخصيتهم ولكن مع الآخرين، يعتبر هذا عيبًا.
إنّ المؤمن إذا أخطأ وقصر في حق الآخرين تجده فورًا يعتذر؛ فهذه الروحية وهذا السلوك يوجبان توبة الإنسان من ذنوبه وألا يأخذ في تبرير عمله ويتصور أنه ما كان له حيلة سوى هذا العمل.
الصفة السابعة : لا يقبل عذر الآخرين، حتى إذا أخطأ شخص خطأ صغيرة واعتذر لا يقبل عذره، تقريبًا هذه الروحية والحالة متلازمة مع الروحية السابقة : من يعتذر في مقابل أخطائه يقبل عذر الآخرين، أما الذين غير مستعدين للاعتذار في المقابل كذلك لا يقبلون عذر الآخرين.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة