مقالات

عُمْدَةُ التّهيئة لشهر الله تعالى

عُمْدَةُ التّهيئة لشهر الله تعالى

أورد السّيّد ابن طاوس في (إقبال الأعمال) أنَّ ابن خالويه (وهو من كِبار العلماء، كان معاصراً لدولة الحمدانيِّين، وكان عالمَهم)، يقول في المُناجاة الشّعبانيّة: «إنَّها مناجاةُ أميرِ المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام والأئمّة من وُلِده عليهم السلام، كانوا يَدعُون بها في شهر شعبان».

* قال العارفُ الجليلُ آية الله الملكيّ التّبريزيّ قدّس سرّه في كتاب (المراقبات): «ومناجاتُه الشّعبانيّة معروفةٌ، وهي مناجاةٌ عزيزةٌ على أهلِها، يُحبُّونها ويَستأنسون بِشعبان من أجلِها، بل يَنتظرون مَجِيءَ شعبان ويَشتاقون إليه من أجلِها. وفي هذه المُناجاة علومٌ جمّة في كيفيّة تَعامُلِ العبد مع اللهِ جلَّ جلالُه، وبيانُ وجوهِ الأدب الّتي يَنبَغي أنْ نلتزمَها ونَتَأدَّبَ بها عندما نسألُ اللهَ تعالى حوائجَنا، ونَدعوه سبحانَه ونَستغفرُه. وهذه المناجاة من مُهمّات أعمال هذا الشّهر، بل للسَّالك أنْ لا يَترك قراءةَ بعض فقراتِها على مَدارِ السَّنة، ويُكثر المُناجاة بها في قُنوتِه وسائر حالاتِه السَّنيّة. إنّ هذه المُناجاة مناجاةٌ جليلةٌ ونِعمةٌ عظيمةٌ مِن بركاتِ آلِ مُحمَّدٍ عليهم السلام، يَعرفُ قَدرَ عَظَمتِها مَنْ كان له قلبٌ أو أَلقَى السَّمْعَ وهو شهيد».

يضيف: «وَلَعمري إنَّ الأغلب لا يَعرفونَ شأنَ نِعمةِ هذه المناجاة، وأنَّ مِن شأنِها علوماً عزيزةً ومعارفَ جليلةً، لا يَطَّلعُ عليها وعلى أبعادها إلَّا أهلُ ذلك من أولياءِ الله الَّذين نالوا بها مِن طريقِ الكَشفِ والشُّهود ما نالوا. ثمَّ إنَّ الوصولَ إلى حقائقِ هذه المُناجاة عن طريقِ المُكاشفة، إنّما هو مِن أَجَلِّ نِعَمِ الآخرةِ، ولا يُقاسُ الوصولُ إلى حقائق هذه المقامات بشيءٍ مِن نعيمِ الدُّنيا، وإليه أشارَ الصَّادقُ عليه السلام بقوله: (لَوْ عَلِمَ النَّاسُ ما في فَضْلِ معرفةِ اللهِ، ما مَدُّوا أعيُنَهُم إلى ما مُتِّع به الأعداءُ من زَهرةِ الحياةِ الدُّنيا، وكانت دُنياهُم أقلَّ عندهم ممَّا يَطؤونَهُ بِأرجُلِهم، وتَنَعَّموا بمعرفةِ الله، وتَلَذَّذُوا بها تَلَذُّذَ مَنْ لمْ يَزَل في رَوْضاتِ الجِنان مع أولياءِ الله)..».

الإمام الخمينيّ: في المُناجاة مسائلُ عرفانيّة

* يقول الإمام الخمينيّ في وصيّته: «نحنُ نَفتخرُ بِأنَّ لنا مناجاة الأئمَّة الشّعبانيّة».

وأبرزُ انطباعٍ يَخرجُ به المُتابِعُ لِنَصِّ الإمام، هو تَفاعلُه النَّوعيّ مع المُناجاةِ الشّعبانيّة. بل إنَّنا إذا أرَدنا البحثَ عن مُكوِّناتِ اللَّهيب الباطنيّ عنده، لَوَجَدنا أنَّ المناجاة الشّعبانيّة في الطَّليعة.

ومن كلماته قدّس سرّه:

- «لوْ لمْ يَكُن في الأدعية إلَّا المُناجاة الشّعبانيّة، لَكَفى ذلك دليلاً على أنَّ أئمَّتنا هم أئمَّةٌ بِحقٍّ، لأنَّهم أنشأوا هذا الدُّعاء وواظَبُوا عليه».

- يَتَحدَّث الإمام عن ضيافة الله تعالى، فيقول: «شهرُ شعبان هو لِتهيِئَة الفرْدِ والأمَّة لِضِيافةِ الله تعالى. والعُمْدَة في هذه التّهيئة هي المناجاة الشّعبانيّة. أنا لمْ أرَ في الأدعية دعاءً وَرَدَ حَوْلَه أنَّ جميعَ الأئمَّةِ كانوا يَقرأونه، إلَّا هذا الدُّعاء».

- «المُناجاة الشّعبانيّة مِن أَعظم المَعارف الإلهيّة، ومِن أهمِّ الأمورِ الّتي يَستطيعُ مَن هُم أهلُها أنْ يَستفيدوا منها في حُدودِ إدراكِهم».

- إلى أن يقول: «في المُناجاةِ الشّعبانيّة مَسائل عرفانيّة يُمكن أنْ يُدركَها الفلاسفةُ إلى حدودٍ ما، أيْ أنْ يَفهموا عنَاوينَها، لكن حيثُ أنَّه لمْ يَتَحقَّق لهُم الذَّوقُ العرفانيُّ، فإنَّهم لن يَستطيعوا أنْ يَعيشوها. كم هي عظيمة هذه المُناجاة؟

ماذا أراد الأئمَّة عليهم السلام؟

لَمْ أرَ أنَّ الأئمَّة عليهم السلام، جميع الأئمَّة، كانوا يَقرأون دعاءً واحداً إلَّا هذه المُناجاة. هذا دليلٌ على عَظَمَة هذه المُناجاة، بحيث أنَّ الأئمَّة كلّهم يَقرأونها».

________________

من كتاب (مناهل الرّجاء - أعمال شهر شعبان)  للشّيخ حسين كوراني

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة