مقالات

حق الجوار


الشيخ محمد مهدي النراقي ..
حق الجوار قريب من حق الرحم ، إذ الجوار يقتضي حقًا وراء ما تقتضيه أخوة الإسلام  فيستحق الجار المسلم ما يستحقه كل مسلم وزيادة فمن قصر في حقه عداوة أو بخلا فهو آثم. قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) : «الجيران ثلاثة : فمنهم من له ثلاثة حقوق : حق الجوار وحق الإسلام ، وحق القرابة. ومنهم من له حقان : حق الإسلام ، وحق الجوار، ومنهم من له حق واحد : الكافر له حق الجوار».
فانظر كيف أثبت للكافر حق الجوار ، وقال ( صلى اللّه عليه وآله) : «أحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنًا».
وقال (صلى اللّه عليه و آله) : «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر، فلا يؤذ جاره» ، وقال (صلى اللّه عليه و آله) : «لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه» ، وقيل له (صلى اللّه عليه و آله): «فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتتصدق ، وتؤذى جارها بلسانها ، فقال (صلى اللّه عليه وآله) : لا خير فيها ، هي من أهل النار».
وعن علي (عليه السلام) : «إن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) كتب بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب : أن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم ، وحرمة الجار على الجار كحرمة أمه» ، وقال الصادق (عليه السلام) : «حسن الجوار زيادة في الأعمار وعمارة في الديار» ، وقال (عليه السلام): «ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره» ، وقال (عليه السلام) : «قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) : ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع» ، وقال : «إن يعقوب (عليه السلام‏) لما ذهب عنه بنيامين ، نادى : يا رب أما ترحمني  أذهبت عيني وأذهبت ابني؟ ، فأوحى اللّه تبارك وتعالى إليه : لو كنت أمتَهما لأحييتهما لك اجمع بينك وبينهما ، ولكن تذكر الشاة التي ذبحتها وشويتها وأكلت ، وفلان إلى جانبك صائم لم تنله منها شيئًا».
وفي رواية أخرى : «فكان بعد ذلك يعقوب ينادى مناديه كل غداة ومساء من منزله على فرسخ : ألا من أراد الغداء أو العشاء فليأت إلى يعقوب».
وفي بعض الأخبار : «أن الجار الفقير يتعلق بجاره الغنى يوم القيامة ، ويقول : سل يا رب هذا لم منعني معروفه وسد بابه دوني؟».
حدود الجوار وحقه
معرفة الجوار موكوله إلى العرف ، فأي دار يطلق عليها الجار عرفا يلزم مراعاة حقوق أهلها. والمستفاد من بعض الأخبار: أن كل أربعين دارًا من كل واحد من الجوانب الأربعة جيران.
ثم لا ينحصر حق الجار في مجرد كف الأذى ، إذ ذلك يستحقه كل أحد ، بل لا بد من الرفق وإهداء الخير والمعروف ، وتشريكه فيما يملكه ويحتاج إليه من المطاعم .
وينبغي أن يبدأه بالسلام ، ولا يطيل‏ معه الكلام ، ولا يكثر عن حاله السؤال ، ويعوده في المرض ، ويعزيه في المصيبة، ويقوم معه في العزاء ، ويهنئه في الفرح ، ويصفح عن زلاته ، ويستر ما اطلع عليه من عوراته ، ولا يضايقه في وضع الجذع على جداره ولا في صب الماء في ميزابه ، ولا في مطرح التراب في فنائه ، ولا في المرور عن طريقه ، ولا يمنعه ما يحتاج إليه من الماعون ، ويغض بصره عن حرمه ، ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته ، ويتلطف لأولاده في كلمته ، ويرشده إلى ما يصلحه من أمر دينه ودنياه ، وإن استعان به في أمر أعانه ، وإن استقرضه أقرضه ، ولا يستطيل عليه بالبناء فيحجب عنه الريح إلا باذنه ، وإذا اشترى شيئًا من لذائذ المطاعم وظرفها فليهد له ، وإن لم يفعل فليدخلها بيته سرا ، ولا يخرج بها أولاده حتى يطلع عليها بعض أولاد جاره ، فيشتهيه وينكسر لذلك خاطره.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة