فجر الجمعة

نداء الجمعة | الهجرة والتغيير

 

سماحة الشيخ عبد الكريم الحبيل حفظه المولى

أيها الأخوة الكرام والأخوات المؤمنات بمستهل خطبتنا هذه نبارك لنا ولكم ولجميع أبناء الأمة الإسلامية جمعاء حلول شهر ربيع الأغر شهر الميلاد، ميلاد النبي المصطفى محمد (ص)، كما أن أول يوم من هذا الشهر المبارك يصادف يوم هجرة المصطفى (ص) من مكة إلى مدينة المنّورة، وبالتالي هو أول يوم يعتبر يوما تغييريا كبيرا في تاريخ الإسلام، تلك الهجرة التي شكلت منعطفا كبيرا في تاريخ الدعوة المحمدية والإسلام جميعا وانعكست بأثرها الكبير على كل أبناء الإنسانية جمعاء، لهذا سوف أتحدث عن هذا الموضوع، موضوع الهجرة والتغيير.

 

الهجرة لها أنواع متعددة ومن أنواعها الهجرة المكانية التي تعني الإنتقال من مكان إلى آخر، هجر المكان بمعنى تركه وانتقل إلى مكان آخر غير ذلك المكان الأول، كما أن الهجرة كما تكون الهجرة التي يمكن أن نعبر عنها بالمكانية أو المادية كذلك الهجرة تكون هجرة معنوية أيضا كذلك، وهي حينما يهجر الإنسان حالة إلى حالة أخرى خيرا منها وأفضل منها، ومن ذلك هجرة الإنسان من الذنوب والمعاصي إلى طاعة الله سبحانه وتعالى التي هي هجرة معنوية وانتقال من وضع إلى وضع آخر ومن حالة إلى حالة أخرى أفضل.

 

وهذه الهجرة المكانية منها والمعنوية هي قانون فلسفي واجتماعي في نفس الوقت، وعامل مهم من عوامل التطور والتمدن طوال التاريخ في حياة البشرية، بل في حياة الأنواع الحية على هذا الكوكب الذي نعيش عليه، كثير من الأنواع ليس فقط الإنسان بل حتى الحيوانات والطيور وغيرها تهاجر من مكان إلى مكان ومن وضع إلى وضع من حالة إلى أخرى، الأمر الذي يكون له عامل مهم في تطورها وتمدنها وأيضا كذلك إرتقاءها نحو الأحسن والأفضل.

 

الإنسان بطبيعته أيضا كذلك اتبع هذا القانون وصار الإنسان يهاجر إما هجرة أمنية كأن يكون في مكان لا يعيش حالة من الأمن والإستقرار تكون حياته مهددة بالخطر فيهاجر من ذلك المكان الخطر إلى مكان آم، وقد تكون الهجرة بسبب اقتصادي حينما تكون حياة المكان المعين حياة ضيق في العيش وضيق في الرزق فيهاجر من ذلك المكان الذي لا يستطيع أن يعيش فيه إلى مكان فيه رخاء من العيش ورغد فتلك لا شك من الهجرة هي هجرة اقتصادية وهذه عموما الهجرة بأنواعها المتعددة لازالت قائمة إلى اليوم ولازالت الشعوب والناس تهاجر إما طلبا للرزق أو طلبا للأمن أو طلبا للعلم قد يهاجر الإنسان أيضا هجرة لتزود الفضائل حينما يهاجر الإنسان لطلب العلم والتزود بزاد الثقافة والمعرفة وهذه إلى الآن ولازالت هي قائمة بين الناس وبين كل شعوب العالم، والله سبحانه وتعالى قد كفل لمن يهاجر إذا كانت هجرته في سبيل الله أو عموما إذا كانت الهجرة من أجل الخلاص من حالة ردئية إلى حالة أفضل الله سبحانه وتعالى كفل لهذا الإنسان أن في أرض الله سبحانه وتعالى أبواب متعددة وسعة كذلك قال تعالى في محكم كتابه الكريم "وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا" 100 - النساء، وقد تكون الهجرة واجبة حينما يكون الإنسان يعيش في مكان لا يستطيع أن يؤدي واجبه الديني أحكام شرعه أحكام دينه أحكام عقيدته الإسلامية وبالتالي قد تكون عقيدته في خطر ودينه في خطر مستقبله مستقبل نسله أبناءه في خطر فهذا في هذه الحالة يجب عليه أن يهاجر من المكان الذي يعيش فيه، قد يجد السعة في المعاش، والرغد في العيش، ولكن دينه ينتهي يذهب عقيدته تذهب مستقبل عقيدته ومستقبل عقيدة ابناءه يكون مهددا بالخطر فهذا يجب عليه أن يهاجر، وإذا لم يهاجر ولم يستطع أن يؤدي شعائر الإسلام فهذا لا شك أن تلك كبيرة من الكبائر العظمى وتؤدي بالانسان إلى الخلود في نار جهنم، قال تعالى إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض يعني لا نستطيع ولا نتمكن أن نؤدي شعائر ديننا "قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا" لماذا لم تنتقل من تلك البلد إلى بلد أخرى، "فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" 97 - النساء، نهاية جنهم والمعاذ بالله، وهذا ينطبق على كثير من الناس الذين انتقلوا من البلدان الإسلامية وهاجروا إلى بلدان آخرى وبلدان مسيحية وغربية وأمريكا وغيرها، وانتهى بهم الامر الى انهم لم يتمكنوا من أداء شعائرهم الدينية والإسلامية، أو أن أبناءهم تنصروا بل خرجوا من الإسلام، وتركوا الدين الإسلامي الحنيف، وكثير أولئك الذين رحلوا إلى البلدان الغربية وانتهى بهم الأمر إلى أنهم أو أبناءهم تركوا الاسلام الحنيف وخرجوا من الدين، أو الذين بقوا كالذين بقوا في الاندلس حينما استولى عليها الاسبان ونكلوا بهم أشد التنكيل، وانتهى بهم الأمر إلى أن خرجوا من الإسلام حفاظا على حياتهم، تركوا ا

 

لدين الإسلامي الحنيف حفاظا على حياتهم، وكان في استطاعهم أن يخرجوا ويهاجروا من تلك الارض وأرض الله سبحانه وتعالى واسعة، وقد تجب الهجرة، وبالامس كنت أقرأ حياة أحد الاشخاص أو سيرة أحد الاشخاص الذين ترك مذهب أهل البيت، وكان من السادة، سادة أهل البيت، شيعي سيد، أبوه أو جده من أصفهان، سيد من السادة الأجلاء، هاجر أبوه وجاء وعاش في منطقة الزبير في العراق، هناك لم يتمكن من إظهار نفسه أنه من شيعة أهل البيت، والولد تولّد هناك وتربى في مدارسهم ثم انتقل بعد ذلك إلى الكويت وهناك في الكويت تربى في مدارسهم وانتهى مصير الولد إلى ان ترك مذهب أهل البيت ثم صار معاديا لمذهب اهل البيت ومحاربا لأئمة أهل البيت، ما في عيش ورزق إلا في منطقة الزبير، في رزق واجد في بلاد الله سبحانه وتعالى اذهب واخرج إينما كنت فلو اقتات القديد لا اترك ديني وعقيدتي.

 

لقد تحمل رسول الله (ص) وأصحابه أشد أنواع العذاب والتنكيل، هاجروا من مكة إلى الحبشة، حوصر رسول الله وجمع غفير من الخيرة الخيّرة من اهل بيته واصحابه في شعب أبي طالب سنوات حتى أكلوا أوراق الشجر ولم يتنازلوا عن عقيدتهم ودينهم ومبدأهم، إذا الهجرة قد تكون واجبة، وهذه الهجرة لا شك أنها من أفضل أنواع الهجر حينما يهاجر الانسان لدينه ويهاجر لعقيدته، وكذلك ايضا حينما يهاجر الانسان من اسر الذنوب والمآسي والنفس الأمارة بالسوء إلى طاعة الله ورضوانه سبحانه وتعالى لا أن تلك الهجرة هجرة مقدسة وقد فسر بعض العارفين قوله تعالى "وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ" 100- النساء، أن البيت بيت النفس الامارة بالسوء ويخرج من ذلك البيت الذي قد أسرى وأسرته الذنوب والمعاصي وقعدت به الاغلال اغلال الذنوب الذي عبر عنها علي (ع) بدعاء كميل وقعدت بي أغلالي عن السير نحو الله سبحانه وتعالى، الذنوب والمعاصي التي تكون اغلالا تصد الانسان عن السير نحو الله وعن طاعة الله سبحانه وتعالى فمن يخرج من اسر النفس الامارة بالسوء ومن اسر الذنوب والمعاصي إلى رحاب طاعة الله سبحانه وتعالى لا شك أن تلك هجرة معنوية وهي من افضل واقدس انواع الهجر نحو الله سبحانه وتعالى، الانبياء والرسل كذلك هم أولئك من الذين هاجروا، حينما لم يتمكنوا من أداء رسالتهم ودورهم الذي جاءوا من أجله في مجتمعهم وحينما وصلوا الى طريق مسدود مع مجتمعاتهم هاجروا من ذلك المجتمع إلى مجتمع آخر وجدوا فيه سعة في الدعوة إلى الله سبحانه وتبليغ دين الله وقد قال تعالى في محكم كتابه الكريم "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ" 13 - ابراهيم، هذه سيرة الطواغيت لنخرجنكم من الارض او لترجعوا الى نفس العقيدة عقيدتنا وملتنا "قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ"، بقصة شعيب "قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ " 88 – الأعراف، وابراهيم (ع) والد الانبياء وسيد الرسل بعد المصطفى محمد (ص) قد هاجر هو كذلك من العراق الى بلاد الشام واعلنها وبكل صراحة وقال فيما اقتص الله سبحانه وتعالى عنه "وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي" 26 - العنكبوت، وهاجر تلك الهجرة التي اعطت ثمارها الكبرى على المجتمعات حينما اصبحت هجرة نبي الله ابراهيم حركة تغيرية في تاريخ الانسانية جمعاء وبركة كبرى على الشعوب والأمم، طبيعة الشعوب لا تحب المصلحين كل الشعوب مسلمة وكافرة ما تحب المصلحين، يواجهون المصلحين مواجهة شرسة جدا، من يريد أن يصلحهم من يريد أن يغيرهم نحو الافضل من يريد أن يرتقي بهم لا يحبونه، من يريد أن يغيرهم من حالة سيئة إلى حالة افضل يواجهونه بكل أنواع المواجهات، أما إذا كنت إنسانا مسالم وإن كنت صالحا فهم يحبونك بل إذا كنت صالح يزدادون فيك حبا، ويكبرونك ويحترمونك ويجلونك ويقدسونك، ومتى انتقلت من حالة الصلاح إلى حالة الإصلاح واجهوك وقاموا في وجهك وتغيرت رؤيتهم فيك، فرسول الله (ص) كان في مجتمعه الصادق الامين المقدس المحبوب المحترم المقدّر، فلما جاء ليغير ما هم عليه من الشرك والظلم والاستبداد يغير ما هم عليه ويريد أن ينقلهم إلى عقيدة التوحيد الى الاسلام الى العدالة إلى خير دنياهم وآخرتهم واجهوه وقاوموه وتغير الصادق إلى كذّاب، والعاقل إلى مجنون، والأمين إلى ساحر، والصادق الأمين صار ساحر ومجنون وكذاب وماشابه ذلك، وحاربوه وواجهوه.

ولا تجي تقول المشركين ترى حتى المجتمعات الاسلامية الشيعية لا يحبوا المصلح، يحبوا الصالح، إذا في مثلا عالم دين مؤمن مقدّس طيّب خيّر من بيته إلى المسجد ومن المسجد إلى بيته هذا ماشاء الله فوق الراس، محترم مقدّر مقدس مجلل، لكن إذا في عالم دين يريد أن يغيير نحو الأفضل يريد أن يصلح يريد أن ينقلهم

 

من الحالة التي هم فيها إلى حالة أحسن، لا هذا يواجه، يقاوم، يقوموا عليه يصيروا ضده، يرموه، يرشقونه بكل ما شاءوا، هذه طبيعة الشعوب بهذه الكيفية، لا تحب الصالح ولا تحب المصلح، الذي يريد أن يغيير لهذا قوم صالح (ع) خاطبوه قالوا له لقد كنت فينا مرجوا من قبل هذا، صار انسان عدو ف يتلك الحالة وصار ذلك المرجو تغير وانقلب، هذه طبيعة الشعوب ويقول تعالى "فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ" 79 - الأعراف، لا تحبون الناصحين، هكذا رسول الله (ص) الصادق الامين أصبح غير محبوب فقاموا يحاربونه بكل أنواع الحرب وقرروا في النهاية أن يعتقلوه، يسجنوه أو يقتلوه، أو يخرجوه من مكة المكرمة، "وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" 30 - الأنفال، وهكذا اجتمعوا وقرروا اتخذوا القرار تدارسوا الامر بين أن يأخذوا رسول الله (ص) ويودعوه في السجن أو يقتلونه أو يخرجوه من مكة المكرمة، واتخذوا ذلك القرار في النهاية الأخيرة أن يقتلوه، ويشتتوا دمه بين أفخا قريش، قبيلة قريش مقسمة إلى عدة أفخاد، بني تميم بني عدي بني هاشم، بني خزوم وإلى آخره بأفخادهم المتعددة اختاروا من كل فخد بطلا من أبطالها، وأحاطوا وقرروا في ليلة معينة أن يقتلوا رسول الله (ص)، وأعطوا كل واحد من أبطالهم سيفا صارما وأحاطوا ببيت رسول الله (ص) من كل الجهات، ورسول الله (ص) كان يخطط فالأنبياء والرسل لا يكون حبيس منطقته كان رسول الله يخطط للبدائل، لمكان غير مكة، ذهب هو بنفسه إلى الطائف، وحينما آمن به بعض خيار أهل المدينة ونقبائهم أرسل إليهم مصعب ابن عمير (رض) وبعض أصحابه يدعونهم إلى الاسلام ويهيؤوا الارضية، أرضية المدينة المنورة وهكذا تهيأت المدينة المنورة لاستقبال رسول الله (ص)، وهو قائد ومحنك ولابد أن يخطط، ولهذا من منطلق الايمان بالرسالة والايمان بالهدف لابد أن يسعى وبكل استماتة من اجل تحقيق ذلك الهدف العظيم الجبار، فسعى الى تكوين قاعدة اخرى غير مكة حينما عرف أن مكة لا يمكن أن تكون قاعدة لنشر الاسلام الحنيف في كل ربوع الارض، وبحث عن البدائل ووجد المدينة المنورة خير مكان لنشر الاسلام ولتأسيس تلك الدولة الاسلامية الكبرى، وانتخب صفوة من خيرة أصحابه وأرسلهم الى المدينة المنورة لذلك الهدف العظيم الكبير، وتوكل على الله سبحانه، وحينما قرر مشركو قريش قتله واحاطوا ببيته طلب من ابن عمه علي أمير المؤمنين (ع) أن يبيت على فراشه فبات علي (ع) على فراش رسول الله (ص) وخرج رسول الله وهو يتلو سورة يس إلى أن وصل إلى قوله تعالى "وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ" 9 - يس، أخذ حفنة من التراب ورماها في وجوههم ومر بهم رسول الله (ص) ولم يره أحد منهم، وخرج هو والخليفة الأول أبي بكر إلى غار ثور ومن هناك واصل هجرته إلى المدينة المنورة، وبات علي (ع) على فراش رسول الله ولما انفلق الصبح قام علي (ع) عن فراشه فوجدوا أن الذي على الفراش ليس بمحمد وإنما هو علي فقالوا له اين محمد قال لا ادري، ذلك الموقف العظيم الذي فدا علي نفسه لرسول الله (ص) باهى الله سبحانه وتعالى بذلك الموقف العظيم ملائكة السماء بل أمر حبرائيل وميكائيل أن ينزلوا لحراسة علي (ع) ينظم ذلك الموقف العظيم السيد هاشم الكعبي يقول ومواقف لك دونك احمد جاوزت بمقامك التعريف والتحديد فعلى الفراش مبيت ليلك والعدا تهدي اليك بوارقا ورعودا فرقدت مثلوج الفؤاد كأنما يهدي القراع لسمعك التغريدا فكفيت ليلته وقمت معارضا بالنفس لا فشلا ولا رعديدا واستصبحوا فرأوا دوين مرادهم جبلا أشم وفارسا صنديدا، رصدوا الصباح مرصودا.

 

وهكذا هاجر رسول الله (ص) إلى أن وصل الى المدينة المنورة واستقبل ذلك الاستقبال العظيم بكل حفاوة وتبجيل، وبقي في منطقة قبا ينتظر قدوم علي (ع) بركب الفواطم، بقي في قبا ثلاث وعشرين يوما واتخذ هناك مسجد قبا إلى أن قدم علي (ع) بعدما أدى الامانات التي كانت عند رسول الله (ص) إلى اهلها وهاجر معه جمع من المسلمين وبالاخص المستضعفين منهم وأخذ معه ركب الفواطم إلى أن وصل إلى قبا وخرج رسول الله (ص) مستبشرا بمقدمه المبارك، ثم لما قدم علي (ع) رحل رسول الله من قبا الى يثرب إلى المدينة المنورة وهناك بدء تلك النهضة الاسلامية الكبرى التي عمّ خيرها وبركاتها كل ربوع العالم وهكذا اصبحت هجرة رسول الله (ص) حركة عظمى نحو التغيير وهكذا القادة وهكذا العظماء وهكذا رجال التغيير كيف استطاعوا ومن خلال هجرتهم أن يغييروا ما كان عليه مجتمعاتهم وفي تاريخنا المعاصر أكبر هجرة تجلّ فيها ذلك التغيير هي هجرة الإمام الراحل (قده) والذي استطاع أن يحدث ذلك المنعطف التاريخي الكبير في تاريخ الاسلام المعاصر وفي تاريخ الامة الاسلامية جمعاء أسأل

 

الله سبحانه وتعالى أن يكلل ذلك النصر وتلك الحركة الكبرى بظهور سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان المهدي الموعود المنتظر (عج).

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة