الشيخ جعفر السبحاني ..
حلف سبحانه في سورة الذاريات بأُمور خمسة، وجعل للأربعة الأوَل جواباً خاصّاً، كما جعل للخامس من الأقسام جواباً آخر، وبما أنّ المقسم عليه متعدّد فصّلنا القسم الخامس عن الأقسام الأربعة، وعقدنا له فصلاً في ضمن فصول القسم المفرد، قال سبحانه: ﴿وَالذّارياتِ ذَرْواً / فَالحامِلاتِ وِقْراً / فَالجارِياتِ يُسْراً / فالمُقَسِّماتِ أَمراً / إِنّما تُوعَدُونَ لَصادِق / وإنّ الدِّينَ لَواقِع﴾. (1)
ترى أنّه ذكر للأقسام الأربعة جواباً خاصاً، أعني قوله: ﴿إِنّما تُوعدون لَصادق / وانّ الدين لواقع﴾.
ثمّ شرع بحلف آخر، وقال: ﴿وَالسَّماءِ ذات الحُبُكِ *إِنَّكُم لَفِي قَولٍ مُختَلِ﴾. (2)
فهناك قسم خامس وهو ﴿والسماء ذات الحُبك﴾ وله جواب خاص لا يمت بجواب الأقسام الأربعة وهو قوله:﴿إِنَّكُمْ لَفي قول مختلف﴾.
تفسير الآيات
الحبك جمع الحباك، كالكتب جمع كتاب، تستعمل تارة في الطرائق، كالطرائق التي ترى في السماء، وأُخرى في الشعر المجعد، وثالثة في حسن أثر الصنعة في الشيء واستوائه.
قال الراغب: ﴿والسَّماء ذات الحبك﴾ أي ذات الطرائق، فمن الناس من تصور منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرة.
ولعلّ المراد منه هو المعنى الأوّل أي السماء ذات الطرائق المختلفة، ويؤيده جواب القسم، وهو اختلاف الناس وتشتت طرائقهم، كما في قوله: ﴿إنّكم لفي قول مختلف﴾، وربما يحتمل أنّ المراد هو المعنى الثالث أي أقسم بالسماء ذات الحسن والزينة، نظير قوله تعالى: ﴿إِنّا زَيَّنا السَّماءَ الدُّنيا بزِينةٍ الكَواكِب﴾. (3)
ولكنه لا يناسبه الجواب، إذ لا يصحّ أن يحلف حالف بالأمواج الجميلة التي ترتسم بالسحب أو بالمجرّات العظيمة التي تبدو كأنّها تجاعيد الشعر على صفحة السماء، ثمّ يقول: ﴿إِنّكم لفي قول مختلف﴾، أي إنّكم متناقضون في الكلام.
وعلى كلّ حال فالمقسم عليه هو التركيز على أنّهم متناقضون في الكلام، فتارة ينسبون عقائدهم إلى آبائهم وأسلافهم فينكرون المعاد، وأُخرى يستبعدون إحياء الموتى بعد صيرورتها عظاماً رميمة، وثالثة يرفضون القرآن والدعوة النبوية ويصفونه بأنّه قول شاعر، أو ساحر، أو مجنون، أو مما علّمه بشر، أو هي من أساطير الأوّلين.
وهذا الاختلاف دليل على بطلان ادّعائكم إذ لا تعتمدون على دليل خاص، فإنّ تناقض المدعي في كلامه أقوى دليل على بطلانه ونفاقه.
ثمّ إنّه سبحانه يقول: إنّ الإعراض عن الإيمان بالمعاد ليس أمراً مختصاً بشخص أو بطائفة، بل هو شيمة كل مخالف للحق، يقول: ﴿يُؤفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِك﴾. (4)
والإفك: الصرف، والضمير في "عنه" يرجع إلى الكتاب من حيث اشتماله على وعد البأس والجزاء أي يصرف عن القرآن من صرف وخالف الحق.
وأمّا الصلة بين المقسم به والمقسم عليه: فقد ظهر مما ذكرنا، لما عرفت من أنّ معنى الحبك هو الطرائق المختلفة المتنوعة، فناسب أن يحلف به سبحانه على اختلافهم وتشتت آرائهم في إنكارهم نبوّة النبي ورسالته والكتاب الذي أنزل معه والمعاد الذي يدعو إليه.
1- الذاريات:1ـ 6.
2- الذاريات:7ـ 8.
3- الصافات:6.
4- الذاريات:9.
محمود حيدر
السيد محمد باقر الصدر
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ د .أحمد الوائلي
الشهيد مرتضى مطهري
السيد منير الخباز القطيفي
الشيخ علي آل محسن
نحو مدينة الرضا
أصوات المنشدين تتفاعل في مديح الإمام الرضا على منصة يوتيوب
البقيع امتحان العاشقين
الشيخ موسى المياميين يحيي ذكرى استشهاد الصادق في مسجد الخضر
فرقة حماة الصلاة تقدم أنشودة "الفتى الموالي" في ذكرى شهادة الصادق
عبيدٌ لسيّد واحد: مؤرخ أمريكي يكشف أسرار العبودية في الخليج والتناقضات الإنكليزية
مَن يؤمِنُ بعد بأسطورة العلمنة؟
مرثية الجشي في الإمام الصادق
الشيخ العرادي يدعو إلى تعزيز الجماعة الصالحة في المجتمع
اليقين الرياضي والمنطق الوضعي (٣)