علمٌ وفكر

الفيزياء والبايلوجيا التقيتا في نموذج جديد لتطور الدماغ


المترجم : أبو طه/ عدنان أحمد الحاجي ..

مقدمة المترجم
مثال آخر على "وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ" يقتصر على دقة وجمال الشكل الهندسي للدماغ بل على كم العلوم الميكانيكية والفيزيائية والبيلوجية التي يختزنها هذا الهيكل. وفي المقابل، حيث تعرف الأشياء بأضدادها، لو لم يكن الدماغ بهذا الشكل الهندسي المعهود فماذا يترتب على ذلك؟
"هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" فسبحان من خلق الإنسان في أحسن تقويم

النص
أن تكون مولودًا ب تابولا رازا "tabula rasa" - وهي عبارة تعني لوحاً نظيفاً - في حالة الدماغ فهي لعنة. أدمغتنا مجعدة بالفعل كالجوز بحلول الوقت الذي نولد فيه. الأطفال الذين يولدون بدون هذه التجاعيد - متلازمة الدماغ الأملس - يعانون من نقص حاد في النمو ويقل متوسط طول عمرهم بشكل ملحوظ. الجين الذي يسبب هذه المتلازمة ساعد مؤخرًا الباحثين في معهد وايزمان للعلوم على التحقق من القوى الفيزيائية التي تسبب تجاعيد الدماغ. في النتائج التي توصلوا إليها، التي نشرت في مجلة Nature Physics ، وصف باحثون طريقة طوروها لتطوير "أدمغة على رقائق" صغيرة من الخلايا البشرية التي مكنتهم من تتبع الآليات الفيزيائية والبيولوجية الكامنة وراء عملية التجاعيد.
الأدمغة الصغيرة التي نُميت في المختبر من الخلايا الجذعية الجنينية - المعروفة بالعضيات organoids - ابتكرها في العقد الأخير البروفيسور. يوشكي ساساي من اليابان ويورغن كنوبلش من النمسا. وقالت البروفيسورة أورلي راينر من قسم علم الوراثة الجزيئية بالمعهد إن مختبرها، إلى جانب العديد من المختبرات الأخرى، تبنى فكرة زراعة الأعضاء العضوانية. لكن د. إيال كارزبرون كان عليها أن تضع قليلًا مما يخفف من حماسة [العضيات] في مختبرها: أحجام العضيات التي حصلوا عليها بعيدة عن  التجانس. ومع عدم وجود أوعية دموية، لم يكن لدى الدواخل  insiders إمدادات ثابتة من المواد الغذائية وبدأت في الموت. وعرقل سُمك النسيج التصوير البصري وتَتبعها بالمجهر.
لذلك طورت كارزبورن Karzbrun طريقة جديدة لزراعة العضيات organoids - وهو أسلوب من شأنه أن يمكن  المجموعة البحثية من متابعة عمليات النمو في الوقت الحقيقي: فقد حدّدت كارزبورن من نموها في المحور الرأسي. وهذه  أعطت الباحثة عضيات على شكل خبز ال "بيتا" - المستدير والمسطح مع فراغ رقيق في الوسط. فقد مكن هذا الشكل المجموعة البحثية من تصوير النسيج الرقيق أثناء تطوره وتزويد المغذيات إلى جميع الخلايا. وبحلول الأسبوع الثاني من نمو "الدماغ" الصغير وتطوره، بدأت التجاعيد تظهر ثم تعمقت. وقالت كارزبورن Karzbrun: "هذه هي المرة الأولى التي لوحظ الطي في العضيات organoids ، بسبب بنية نظامنا على ما يبدو".


التجاعيد في الوقت المناسب
كارزبورن Karzbrun  فيزيائية، وبطبيعتها تتحول إلى استخدام نماذج فيزيائية لدراسة سلوك المواد المرنة لفهم تكون التجاعيد. الطيات أو التجاعيد في السطح هي نتيجة عدم الاستقرار الميكانيكي -  تُطبق قوى ضاغطة  على جزء من المادة. على سبيل المثال، لو كان هناك تفاوت غير متساو في أحد أجزاء المادة، فقد يضطر الجزء الآخر إلى أن ينطوي من أجل استيعاب الضغط. في العضيات، وجد العلماء عدم الاستقرار الميكانيكي في مكانين: الهيكل الخليوي  - الهيكل  الداخلي - للخلايا الموجودة في مركز العضية تقلص؛ وفي  نوى nuclei الخلايا القريبة من السطح توسعت. أو، بعبارة أخرى، السطح الخارجي لخبز ال  "بيتا" نما أسرع من السطح الداخلي.
على الرغم من أن هذا الإنجاز مثير للإعجاب، إلا أن راينر لم يكن مقتنعة بأن التجاعيد الموجودة في العضيات organoids كانت في الحقيقة تمثّل التجاعيد في الدماغ النامي. لذا قامت المجموعة البحثية بزراعة عضيات organoids جديدة، وهذه المرة تحمل نفس الطفرات التي يحملها الأطفال الذين يعانون من متلازمة الدماغ الأملس. وقد تعرفت راينر على هذا الجين - LIS1 - سابقاً  في عام ١٩٩٣، ودرست دورها في  الدماغ النامي والمرض، والذي يؤثر على واحد من كل ٣٠ ألف ولادة. ومن بين أمور أخرى، الجين له دخل في هجرة الخلايا العصبية إلى الدماغ خلال التطور الجنيني، وينظم أيضًا الهيكل الخليوي والمحركات الجزيئية في الخلية.
حتى قبل تاريخ نشر الورقة، أبدى المجتمع العلمي اهتمامًا كبيرًا بهذا النهج الجديد لزراعة العضيات. يقول راينر: "إنه ليس بالضبط دماغًا، ولكنه نموذج جيد تمامًا لتطور الدماغ". "لدينا الآن معرفة أفضل بالسبب الذي  يجعل الدماغ متجعدًا، أو في حالات أولئك الذين لديهم طفرة جين واحد، الأملس". يخطط الباحثون لمواصلة تطوير طريقتهم، التي يعتقدون أنه يمكن أن يؤدي إلى رؤى جديدة للاضطرابات الأخرى المرتبطة بنمو الدماغ، بما في ذلك صغر الرأس والصرع وانفصام الشخصية.

المصدر:

https://wis-wander.weizmann.ac.il/life-sciences/“brain-chip”-reveals-how-brain-folds

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة