مقالات

في صورة الذَّرّ، أو الشيطان


الإمام الخميني "قدس سره"

أيها العزيز، أُشدُد عزيمتَك، ومزِّق عن نفسك حُجُبَ الجهل، وانْجُ بنفسك من هذه الورطة المُهلكة!
كان إمامُ المتّقين وسالكي طريق الحقيقة، ينادي في المسجد بأعلى صوته حتى يسمعَه الجيران: «تـَجـَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اللهُ فَقَدْ نُودِيَ فِيكُمْ بِالرَّحيلِ»!
ولا زادَ ينفعُك سوى الكمالات النفسانيّة، وتقوى القلب، والأعمال الصالحة، وصفاء الباطن، وخلوص النيّة من كلِّ عَيبٍ وغشّ.
إذا كنتَ من أهل الإيمان الناقص والصّوري، فعليك أنْ تُطهِّر نفسك من هذا الغشّ حتّى تنضمَّ إلى زُمرة السعداءِ والصّالحين.
يزول الغِشُّ بنار التوبة والندم، وبإدخال النّفْس في أَتون العذاب واللّوم، وصهرِها في حرارة النّدامة والعودة إلى الله تعالى.
إنّك إنسان. أَبْعِد نفسَك عن صفات الشيطان، فلعلّ الشيطان يهتمّ بهذه الصفة اهتماماً كبيراً لِكونِها صفةً من صفاته.
وهي التي أدّت إلى طردِه من حضرة الله تعالى، ولذلك فهو يريد أن يُوقِع لإنسان، عارفا ً-كان- أم عاميّاً، عالماً أم جاهلاً، في مثل هذه الرّذيلة، حتى إذا ما لَقِيَكَ يومَ القيامة شَمَتَ بك قائلاً: «يا بنَ آدم، ألم يُخبرك الأنبياءُ بأنّ التكبُّر على أبيك قد طردَني من حضرة الحقّ. لقد نزلتْ عليَّ لعنةُ الله لأنّي احتقرتُ مقامَ آدمَ واستعظمتُ مقامي، فلماذا أوقعتْكَ نفسُك في هذه الرذيلة؟».
عندئذ تصبح -أيّها المسكين- موضعَ شماتةِ أَرْذَلِ مخلوقات الله تعالى، وأَحَطِّها، فضلاً عن عذابك وابتلاءاتك وندامتك وحسرتك، ممّا يعجزُ الكلامُ عن وصفه.
إنّ الشيطان لم يكن قد تكبّر على الله تعالى، بل على آدم وهو من مخلوقات الحقّ، فقال: ﴿..خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ الأعراف:12، فَاستعظمَ نفسَه واستحقرَ آدم. وأنت تستصغرُ بني آدم وتستكبرُ بنفسك عليهم، فـأنت أيضاً تَعصي أوامر الله تعالى.
لقد قال لك تعالى: كُن متواضعاً مع عباد الله. ولكنّك تتكبّرُ عليهم وتتَعالى. فلماذا تلعنُ الشيطانَ وحدَه؟ أَشْرِكْ نفسَك الخبيثةَ معه في اللّعن أيضاً، مثلما أنت شريكُه في هذه الرّذيلة. إنّك من مظاهر الشيطان، بل إنّك تُجسِّدُ الشيطان. ولَرُّبّما كانت صورتُك في البرزخ وفي يوم القيامة صورةً شيطانيّة. فإنّ المقياس في صورة الإنسان في الآخرة الملكاتُ الحاصلةُ للنَّفْس، فليسَ هناك ما يمنعُ من أن تكونَ على صورةِ شيطان، أو على صورة نملةٍ صغيرة، إنّ موازينَ الآخرة تختلفُ عن موازين الدنيا.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد