قرآنيات

القراءات السبع والأحرف السبعة (1)


السيد رياض الحكيم ..

قدّمنا أنّ هناك سبعة من القرّاء تنسب لهم القراءات المعروفة بـ(القراءات السبع) حيث اشتهرت بهذه التسمية، وأنّ كثيراً من علماء الجمهور قد اعتمد هذه القراءات وادّعى تواترها، وربط بعضهم بينها وبين ما ورد من أنّ القرآن نزل على سبعة أحرف، مدّعياً أنّ هذه القراءات السبع هي الأحرف السبعة التي تشير إليها هذه النصوص.
ونحن نبحث أوّلاً في نصوص الأحرف السبعة ومدى انطباقها على القراءات السبع، ثمّ نتحدّث عن مدى اعتبار هذه القراءات السبع.


فكرة نزول القرآن على سبعة أحرف
وردت مجموعة من النصوص التي تضمّنت أنّ القرآن قد نزل على سبعة أحرف، وقد اختلف العلماء والباحثون في فهم هذه النصوص وتفسير الأحرف السبعة.
وعندما نرجع إلى هذه النصوص نجدها مختلفة فيما بينها وغير متّفقة على مضمون واحد، فبعضها يفسّر الأحرف السبعة بأمر يرجع إلى معاني الآيات القرآنية بينما يبدو من نصوص أخرى أنّ الأحرف السبعة ترجع إلى الفسحة في النطق بالآيات الكريمة وتعدد كيفيات قراءتها.


فمن القسم الأول مجموعة من النصوص المروية في المصادر الحديثية الشيعية والسنّية، منها..
1 - ما رواه أبو جعفر الصدوق بسند فيه محمد بن يحيى الصيرفي - وهو مجهول - عن حماد بن عثمان عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: "إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف، وأدنى ما للإمام أن يفتي على سبعة وجوه"(1).
2 - ما رواه محمد بن الحسن الصفّار عن زرارة عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام): قال: "تفسير القرآن على سبعة أحرف، منه ما كان، ومنه ما لم يكن بعد، ذلك تعرفه الأئمة"(2).
3 - ما رواه أبو عبد الله محمد بن إبراهيم النعماني مرسلاً عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: "أنزل القرآن على سبعة أقسام كل منها شاف كاف، وهي: أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل ومثل وقصص..."(3).
ورغم أنّ هذا النص لم يستعمل لفظ "أحرف" إلاّ أنّه يتفق مع بعض النصوص الآتية التي استعملت هذه اللفظ.
4 - في تفسير الطبري عن أبي قلابة قال: "بلغني أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: "أنزل القرآن على سبعة أحرف: أمر، وزجر، وترغيب، وترهيب، وجدل، وقصص، ومثل"(4).
ونلاحظ أنّ هذه النصوص - ونحوها - أجنبية تماماً عن موضوع تعدّد القراءات، لأنّها تتحدث عن المعاني والمواضيع التي يتناولها القرآن الكريم.


القسم الثاني من النصوص - المتحدّثة عن الأحرف السبعة - الذي يلوح منه تفسير الأحرف السبعة بالقراءات وتعدّد النطق بآيات القرآن الكريم. من ذلك..
1 - ما رواه الترمذي عن ابي بن كعب أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لقي جبرئيل، فقال له: "إنّي بُعثت إلى أمّة أميين، منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرأ كتاباً قط، قال: يا محمّد، إنّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف"(5).
2 - روى البخاري ومسلم عن ابن شهاب أنّ عمر سمع هاشم بن حكيم يقرأ في صلاته على حروف لم يكن يعرفها، فأتى به الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال: "كذلك أُنزلت، إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسّر منه"(6).
3 - روى أبو داوود: أن أبي بن كعب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): "يا أبي إنّي أُقرئت القرآن فقيل لي: على حرف أو حرفين، فقال الملك الذي معي: قل على حرفين، قلت: على حرفين، فقيل لي على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك الذي معي: قل على ثلاثة، قلت: على ثلاثة، حتى بلغ سبعة أحرف" ثمّ قال: "ليس منها إلاّ شاف كاف إن قلت سميعاً عليمًا، عزيزاً حكيماً، ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب"(7).
4 - أخرج الطبري بإسناده عن أبي هريرة أنّه قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): "إنّ هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ولا حرج، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة"(8).
ونلاحظ أنّ هذه الروايات - ونحوها غيرها - تفسح المجال واسعاً لعدم التقيّد بصيغة محددة للنص القرآني، بل يذهب بعضها أكثر من ذلك حيث يسمح بالتغييرات الكيفية المؤثرة على المعنى أيضاً كما نلاحظه في الروايتين (3 و4) عن أُبي بن كعب وأبي هريرة.
وتواجه هذه الروايات مجموعة من الملاحظات تمنع من الأخذ بظاهرها.....


1- الخصال، أبواب السبعة: 2 358.
2- بصائر الدرجات: 196.
3- بحار الأنوار: 93 4، 97.
4- تفسير الطبري: 1 23.
5- سنن الترمذي: 1 194 حديث 2944.
6- يراجع الجامع الصحيح: 3 339 حديث 4992.
7- سنن أبي داوود: 2 102.
8- البيان: 192.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد