مقالات

معنى محبة اللّه للعبد


الفيض الكاشاني ..
محبّة اللّه سبحانه لعبده فيرجع معناه إلى كشف الحجاب عن خلقه حتّى يراه بقلبه ، وإلى تمكينه إيّاه من القرب إليه وإلى إرادته ذلك به في الأزل ، وإلى تطهير باطنه من حلّول الغير به ، وتخليته عن عوائق تحول بينه وبين مولاه ، حتّى لا يسمع إلّا بالحق ومن الحقّ ، ولا يبصر إلّا به ، ولا ينطق إلا به كما ورد في الحديث القدسي : «ولا يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به».
فيكون تقربه بالنوافل سببا لصفاء باطنه ، وارتفاع الحجاب عن خلقه ، وحصوله في درجة القرب من ربّه ، وكلّ ذلك من فضل اللّه و لطفه به قال اللّه تعالى : {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة : 54] وقال : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف : 4] ، وقال : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [البقرة : 222].
وقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «إنّ اللّه يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب»(1) ، وقال (صلى الله عليه وآله) «إذا أحب اللّه عبدًا ابتلاه ، فإن صبر اجتباه ، وإن رضي اصطفاه»(2) ، وقال (صلى الله عليه وآله): «إذا أجب اللّه عبدًا جعل له واعظًا من نفسه وزاجرًا من قلبه يأمره وينهاه»(3).
وأخصّ علاماته حبّه للّه عزّ وجلّ ، فإن ذلك يدل على حبّ اللّه عزّ وجلّ له ، وأما الفعل الدال على كونه محبوبًا فهو أن يتولى اللّه تعالى أمره ظاهره وباطنه سرّه وجهره ، فيكون هو المشير إليه والمدبّر لأمره والمزيّن لأخلاقه ، والمستعمل لجوارحه ، والمسدّد لظاهره وباطنه ، والجاعل لهمومه همًّا واحدًا ، والمبغض للدّنيا في قلبه ، والموحش له غيره ، والمؤنس له بلذّة المناجاة في خلواته ، والكاشف له عن الحجب بينه وبين معرفته.
______________
1- المحاسن : ص 291.
2- إحياء علوم الدين : ج 4 ، ص 300.
3- إحياء علوم الدين : ج 4 ، ص 302.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد