فجر الجمعة

الشيخ الحبيل: الإمام الخميني أحيا ضمير الأمة بيوم القدس العالمي

الشيخ الحبيل: الإمام الخميني أحيا ضمير الأمة بيوم القدس العالمي

 

أيها الأخوة الكرام والأخوات المؤمنات، هذه آخر جمعة في شهر رمضان الفضيل، شهر التوبة والمغفرة والرضوان، شهر القرآن شهر الطاعة والزلفى إلى الله سبحانه وتعالى، هذه الجمعة التي خصصها الإمام الراحل قدس الله نفسه الزكية وعطر الله مرقده الشريف للقدس العالمي كيوم لتلك القضية الإسلامية الكبرى، حيث أنها قضية مقدسة تحمل قداسة القضية كقضية إسلامية، ومقارعة للإستكبار العالمي والصهيونية الحاقدة، وشياطين الدنيا الكبار والصغار، وكقضية أشرف بقعة مقدسة وحرم مقدس، أرض بارك الله فيها وحرم جعله الله سبحانه وتعالى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومبتعث الأنبياء والرسل، حيث من تلك البقعة المباركة وتلك البلاد الطاهرة بعث الله أنبياءه ورسله إلى كافة أرجاء المعمورة شرقا وغربا، إذا قداسة القضية تحمل قداسة المكان والله سبحانه وتعالى قد قدس تلك البقعة المباركة في كتابه الكريم إذ قال سبحانه "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ" 1 - الإسراء، فالمسجد الأقصى مقدس وما حول المسجد الاقصى كذلك مقدس، مكان مبارك باركه الله سبحانه وتعالى، فالدفاع عن تلك القضية دفاع عن حرم مطهر عن ارض مقدسة، عن شعب مظلوم مشرد مضطهد عن قضية إسلامية تمثل الصراع الأساسي والرئيسي بين الإسلام وبين الإستكبار العالمي، بين الإسلام في صراعه المرير مع شياطين الأرض وطواغيتهم الكبار والصغار، ولا شك أن هذا اليوم الذي اختاره الإمام الراحل كيوم لتلك القضية المقدسة أصبح ذلك اليوم يوم تضامن لكافة الشعوب المسلمة، وجميع احرار العالم مع ذلك الشعب المظلوم المضطهد بل أن تلك القضية بتخصيص هذا اليوم كيوم للقدس العالمي دخل تقويم المسلمين وأصبح المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يسمون هذه الجمعة الأخيرة جمعة القدس، جمعة يوم القدس العالمي، فدخلت تلك القضية وذلك التخصيص قاموس المسلمين جميعا وجعل المسلمين كافة يتضامنون في ذلك اليوم مع تلك القضية ومع ذلك الشعب، ولا شك أن الأمة الإسلامية مرت في فترة كادت أن تنسى تلك القضية، وكادت أن تنسى الشعوب المسلمة تلك القضية الإسلامية المقدسة لولا أن الإمام أحيا في الأمة الضمير وخصص ذلك اليوم الذي أحيا ضمير الأمة للتفاعل والتضامن مع تلك القضية الإسلامية الكبرى وبالتالي بدد آمال الصهاينة للهيمنة على العالم والعالم الإسلامي خاصة حيث أن الصهاينة كانوا يعيشون أحلام ويعيشون آمالا بأنهم سيبنون دولتهم الكبرى التي تسيطر على العالم الإسلامي كافة، ويصبح الدولة الإسلامية العالمية الكبرى في العالم، بدد كل تلك الآمال، وأصبحت إسرائيل ليس فقط تحلم بأنها تهيمن على العالم الإسلامي او العالم العربي بل أنها تخاف حتى من استمرار وجودها في فلسطين الذي سوف ينتهي قريبا وعاجلا إن شاء الله، كما أن تخصيص هذا اليوم بقضية القدس وفلسطين نقلت إدارة القضية من مستوى الحكومي الرسمي إلى أوساط الشعوب والجماهير، حيث أن أصبحت الجماهير المسلمة تتفاعل مع تلك القضية وتحمل ذلك المشروع مشروع تحرير فلسطين وتعيش الآلام والآمال، ونقلت القضية من أروقة السياسيين كانت قبل سنوات القضية الفلسطينية فقط وفقط بين رجال السياسة وفي أروقة السياسيين والمؤتمرات السياسية أما اليوم فأصبحت قضية الشعوب أصبحت الشعوب المسلمة بل الشعوب الغربية والأوروبية تتعاطف مع تلك القضية وتخرج في مسيرات تعاطف مع الشعب الفلسطيني، أصبحت قضية شعوب، أصبحت قضية إنتقلت من أروقة السياسيين إلى الشعوب إلى إدارتها من خلال تلك المسيرات الشعبية التي تخرج وتطالب بتخليص ذلك الشعب المظلوم المضطهد من براثن ذلك الإحتلال الغاصب، وأعطى الشعب الفلسطيني الأمل في النصر، ونقل الصراع من الخارج إلى داخل فلسطين، إذا يتذكر الجيل الذي في عمري كان الصراع والمقاومة والجهاد الفلسطيني ليس في داخل فلسطين وإنما كانت المنظمات الجهادية الفلسطينية تقاتل الكيان الصهيوني من لبنان من سوريا من الأردن من مصر وإلى غيرها، من خارج فلسطين، وحاول الإستكبار العالمي أن يقضي على تلك المقاومة أيضا التي هي من خارج فلسطين ويوقفها ولكن بفضل إحياء يوم القدس العالمي وتخصيص هذا اليوم كيوم لتلك القضية المقدسة أعطى الفلسطيني الأمل في النصر ونقل الصراع من الخارج إلى الداخل، وظهر جيل تعبوي من رحم الشعب الفلسطيني نفسه، فصنع الشعب الفلسطيني الإنتفاضة تلو الأخرى وتحرك الشعب تحرك كرامة وعزة وإباء، لأنه في الحقيقة أصبح شعبا حيا وحدثت إنتفاضة 1987 ثم انتفاضة 1991 ثم انتفاضة عام 2000 وهو اليوم يعيش انتفاضة 2015 انتفاضة الدهس والسكاكين التي إن شاء الله ستقضي على ذلك الكيان الغاصب المحتل، في هذا العام أو في هذه السنين حاول الإستكبار العالمي والصهيونية الحاقدة أن يتخلص من المواجهة ويتخلص من المقاومة بنقل الصراع والإحتراب بدلا من أن يكون بين

الأمة الإسلامية وإسرائيل الحاقدة إلى نقل الصراع والإحتراب بين أبناء الأمة الإسلامية أنفسهم، يتحاربون ويتقاتلون فيما بينهم، وأجج نار النعرات الطائفية والعنصرية والقومية وإلى غيرها من النعرات الشيطانية الخبيثة وجعل أبناء الأمة الإسلامية يتقاتلون فيما بينهم وهو يتفرج ويدير الصراع من خلال جماعات إرهابية تكفيرية داعشية وغيرها لصناعة الصراع والإحتراب وإيجاد الإحتراب بين أبناء الأمة الإسلامية نفسها، فبدلا من أن يكون التحدي والمواجهة واستثمار تلك القوة في مواجهة ذلك المحتل الغاصب أصبحت الأمة الإسلامية تبذل كل ما تمتلك من مال وإقتصاد ومواقف وشباب في الإحتراب فيما بينهم يتقاتلون فيما بينهم وهذه سياسة صهيونية إستكبارية خبيثة تحرك أولئك الجماعات التكفيرية الإرهابية في قلب العالم الإسلامي يقاتلون المسلمين ويحاولون بث الرعب والإرهاب وبالطريقة الصهيونية الحاقدة التي قامت عليها دولة إسرائيل الغاصبة على أرض فلسطين حينما قامت بنفس الأسلوب بإيجاد جماعات إرهابية وعصابات صهيونية حاقدة تدخل المدن والقرى الفلسطينية وتقتل وتفتك وتحرق وتفعل ما تفعل إلى أن أقاموا دولتهم الحاقدة على الإرهاب اليوم وبنفس الأسلوب والطريقة الجماعات الإرهابية ترتكب نفس الأسلوب والطريقة في بلاد المسلمين ليصنعوا لهم كيان خبيث وغدة سرطانية أخرى موالية لإسرائيل الحاقدة ومؤيدة من إسرائيل الحاقدة ليشغلوا المسلمين فيما بينهم وتبقى إسرائيل في مأمن، بل أكبر من ذلك حاولت الدول العربية والإسلامية للأسف الشديد لتتسارع لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، يحاولون التطبيع مع إسرائيل الحاقدة ويقطعون العلاقات فيما بينهم ويتبادرون لتطبيع العلاقات مع العدو الحاقد بل يحاولون زرع ثقافة خبيثة في قلوب ونفوس وعقول الشباب المسلم بأن العدو ليس إسرائيل بل أن إسرائيل هي ماذا؟ هي دولة صديقة دولة تدافع عنا دولة لا نرى منها شرا ولا نرى خطرا، يحاولون أن يثقفون الشعوب العربية والمسلمة بهذه الثقافة الخبيثة وهذا خطر أن يثقفوا الشباب المسلم والشباب العربي بهذه الثقافة الخبيثة بأن إسرائيل دولة صديقة إسرائيل دولة مسالمة إسرائيل ليست هي العدو فتعالوا لنتعاون معها وتعالوا لنطبع العلاقات معها، هكذا يحاولون زرع ثقافة خبيثة في نفوس الشباب وفي نفوس الجيل اليوم وكل ذلك تخطيط للتطبيع مع الكيان الصهيوني الحاقد وأيضا ترسية وتقوية إسرائيل الحاقدة وتثبيت قواعد وجودها في فلسطين وهي من جهة أخرى تحاول تهويد فلسطين كل فلسطين وتحاول القضاء على هوية فلسطين وهوية الشعب الفلسطيني وناهيك عن بناءها لمستعمراتها على أرض فلسطين واحتلالها المستمر إلى تلك الأراضي أرضا أرضا، ومكانا مكانا، وها نحن نرى للأسف وفي هذا الأسبوع كيف علقت تركيا الجرس وأعلنت إعادة علاقتها مع إسرائيل الحاقدة التي كانت ترفع شعار الدفاع عن الفلسطينيين وحماية وحراسة الفلسطينيين والدفاع عن العرب وعن القضية الفلسطينية وها هي ترفع وتعلق جرس تطبيع العلاقات وتعلن تطبيع العلاقات رسميا مع ذلك العدو الحاقد، ولا أدري لعل بعدها تهرول الدول الإسلامية والعربية تباعا الواحدة تلوى الأخرى، نحن في هذا اليوم نحيي هذا اليوم تقديسا وتعظيما لتلك القضية وتعظيما وتقديسا لذلك الحرم المطهر المقدس وتقديسا وتعظيما لتلك الأرض المباركة وإحياء إلى تلك القضية المقدسة قضية الصراع مع الإستكبار العالمي المتمثل في الصهيوينة الحاقدة والصليبية الحاقدة التي تريد أن تحارب الإسلام والمسلمين كافة وتنشر الويلات والبلاء في بلاد المسلمين وندين كل ألوان التطبيع مع ذلك الكيان الصهيوني الحاقد ونحيي تحية إجلال وإكبار جهاد ذلك الشعب الفلسطيني المظلوم ذلك الجهاد المرير الذي استمر الآن لقرابة السبعين عاما ولم يقف، ولم يستسلم ولم يهادن بل واصل جهاده وذلك الجهاد أيها الأخوة أيها المسلمون أيها المؤمنون ليس فقط هو جهاد الفلسطينيين عن قضيتهم أو عن أرضهم أو عن الحرم المقدس فقط بل جهاد عنا نحن المسلمين جميعا، ومادام ذلك الجهاد مستمر وما دام ذلك الشعب يحمل بين جوانبه عزيمة صلبة وإرادة ثابتة قوية راسخة وما دام يعيش الأمل وما دام أبناءه يحملون راية الجهاد في مقاومة ذلك المحتل الغاصب كلما ذهب جيل قام جيل آخر برفع راية الجهاد ومدى تلك السنين الطويلة فإن عاقبة ذلك الشعب بلا شك النصر وإن النصر ليلوح له قريبا قريبا إن شاء الله.