قرآنيات

طبقات المفسّرين لدى الجمهور (1)


السيد رياض الحكيم

الطبقة الأولى من المفسرين: الصحابة

قال السيوطي في الإتقان: "اشتهر من الصحابة عشرة: الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وعبدالله بن الزبير، أما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، والرواية عن الثلاثة قليلة جداً.. انتهى. قيل: وقد كثرت الروايات أيضاً عن ابن مسعود(1).
أما الإمام علي (عليه السلام) فهو غني عن التعريف حتى عند غير شيعته، وقد رووا عنه قوله: "والله ما نزلت آية إلاّ وعلمت فيمَ أُنزلت وأين أُنزلت، إنّ ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً"(2).
وأما ابن عباس فهو تلميذ الإمام علي فلا غرابة في ضلوعه في التفسير. وقد حكي عنه قوله: "ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب"(3).
إلاّ أن الروايات المروية في مصادر الجمهور عن ابن عباس وعن الإمام علي (عليه السلام) حيث كانت مرسلة أو ضعيفة الإسناد فلا يمكن الاعتماد عليها، وقد حكي عن الشافعي قوله: "لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلاّ شبيه بمائة حديث"(4).

فإذا كان ما وصل عن الإمام علي وتلميذه ابن عباس - على كثرة ما يروى عنهما - بهذه الدرجة من الضعف وعدم الاعتماد، فكيف بباقي الصحابة، لذلك لا يمكن الاعتماد على ما يروى عن الصحابة إلاّ القليل جدّاً الذي وصل بطريق معتبر السالم من الاضطراب، والخالي من شواهد الوضع.
وقد أشرنا إلى ذلك عند التعرض للتفسير بالمأثور ونقاط الضعف فيه.


الطبقة الثانية من المفسّرين: التابعون
وقد قسّموهم الى ثلاث طبقات، طبقة أهل مكة، وطبقة أهل المدينة، وطبقة أهل العراق.
1 - طبقة أهل مكة
وأشهرهم مجاهد (ت: 100 - 103) قيل: فقد كان أوثق من روى عن ابن عباس، ولذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من أقطاب العلم وائمة الدين(5).
وسعيد بن جبير (قتله الحجاج، عام: 94) وعكرمة مولى ابن عباس (ت: 105) وطاووس بن كيسان اليماني (ت: 106) وعطاء بن أبي رباح (ت: 114).
2 - طبقة أهل المدينة
ومنهم أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي (ت:90)، روى عن أبي بن كعب. وعطية بن سعيد العوفي (ت: 111). ومحمد بن كعب القرظي (ت: 117) كان من بني قريظة، وزيد بن أسلم (ت: 136) قيل أخذ عنه مالك بن أنس.
3 - طبقة أهل العراق
منهم.. مسروق بن الأجدع كان بالكوفة (قيل توفي سنة 63). والحسن البصري (قيل: توفي: 110) وقتادة بن دعامة (ت: 117) كان بالبصرة وعطاء بن أبي مسلم الخراساني (ت: 133) ومُرّة الهمذاني الكوفي.
وقد اختلفوا في طريقتهم في التفسير، قال السيوطي: وغالب أقوالهم تلقّوها عن الصحابة(6).
بينما خالف البعض في ذلك، قال الزرقاني: يلاحظ على ما روي عن التابعين اعتبارات مهمّة تثير الطعن فيه وتوجه النقد إليه:
منها: أنّهم لم يشاهدوا عهد النبوة ولم يتشرفوا بأنوار الرسول، فيغلب على الظن أنّ ما يروى عنهم في تفسير القرآن، إنّما هو من قبيل الرأي فليس له قوّة المرفوع - أي المسند - إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم).
ومنها: أنّه يندر فيه الإسناد الصحيح.
ومنها: اشتماله على إسرائيليات(7).
وقد تقدّم البحث عن مدى القيمة العلمية لما يُروى من التفسير عن الصحابة والتابعين عند الحديث عن التفسير بالمأثور.
________________________________________
1- مناهل العرفان: 2 18.
2- تاريخ مدينة دمشق 42398، وسائل الشيعة 161.
3- مناهل العرفان: 2 21.
4- الاتقان: 4 239.
5- مناهل العرفان: 2 22.
6- الإتقان: 4 242.
7- مناهل العرفان: 2 25.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة