قرآنيات

وَهُمْ رَاكِعُونَ

 

﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾(المائدة:55-56).
قصة الآية
تكاثرت الروايات على أن الآيتين السابقتين نزلتا في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لمّا تصدق بخاتمه وقام صحابة النبي الكرام بنقل قصة التصدق هذه، وعلى رأس هؤلاء الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري الذي كان يصر على نشر هذه القصة المباركة إيماناً منه أنها واحدة من القيم الكبرى والفضائل العظمى التي أرادها الله خالدة خلود القرآن الكريم فقال رضوان الله عليه:  صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله  فلم يعطني أحد شيئاً، وكان علي راكعاً فأومأ إليه بخنصره اليمنى، وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما فرغ النبي من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: "اللهم موسى سألك فقال: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي *  يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾(طه: من 25- إلى 32)، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: سنشدُّ عَضُدَكَ بأخيكَ ونجعل لكما سلطاناً فلا يصِلون إليكما بآياتنا... اللهم وأنا محمد نبيك وصفيُّك، اللهم واشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي علياً اشددْ به ظهري".
قال أبو ذر: فما استتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلمة حتى نزل جبرائيل من عند الله تعالى إلى الرسول الأكرم وقال يا محمد اقرأ: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾(المائدة:55-56).
 

  أهمية الصدقة
إن نزول آية الولاية في تصدَّق أمير المؤمنين عليه السلام يدل على القيمة الكبرى للصدقة في الإسلام والتي ورد فيها أحاديث كثيرة تدل على مكانتها عند الله تعالى فهي كما ورد على لسان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "تقع في يد الله قبل أن تقع في يد العبد" و"تطفئ غضب الرب" و"وتدفع البلاء" وهي كما أكد نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنها سبب لاستنزال الرزق.. ومداواة المرض.. ورحمة للموتى، وهي ذات الآثار الجليلة التي عبَّر عنها الإمام الصادق عليه السلام بقوله: "الصدقَّة تدفع ميتة السوء وتدفع سبعين نوعاً من البلاء"،"أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله".
 

 الصدقة بين القيمة والإخلاص
إن نزول آية الولاية بعد تصدق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه يدل على مكانة التصدَّق، إلا أن المكانة والقيمة الحقيقية ليست لهذا العمل المجرَّد بل للخلفية الإيمانية والروحية التي حركت الإمام علي عليه السلام للتصدُق بخاتمه، وهذا ما لم يفهمه بعض من عاصر النبي الأعظم صلوات الله عليه وآله وفاجأه نزول آية الولاية بسبب تصدُق الإمام عليه السلام فقال: "تصدقت بأربعين خاتماً وأنا أصلِّي لينزل فيَّ ما نزل في أمير المؤمنين فلم ينزل". ولم يدرك هؤلاء أن الله تعالى لا ينظر لصورة العمل وكميته بل لمدى الإخلاص الذي انطلق منه ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد