المشهور بين الحكماء أن للماهيات ، وراء الوجود الخارجي ، وهو الوجود الذي ، يترتب عليها فيه الآثار المطلوبة منها ، وجودا آخر لا يترتب عليها فيه الآثار ، ويسمى وجوداً ذهنيًّا ، فالإنسان الموجود في الخارج قائم لا في موضوع ، بما أنه جوهر ، ويصح أن يفرض فيه أبعاد ثلاثة بما أنه جسم

الدين الإسلامي الذي يشتمل على أكمل المناهج للحياة الإنسانية ويحتوي على ما يسوق البشرية إلى السعادة والرفاه، هذا الدين عرفت أسسه وتشريعاته من طريق القرآن الكريم ، وهو ينبوعه الأول ومعينه الذي يترشح منه.

قالت الحكماء إن إعادة المعدوم بعينه ممتنعة ، وتبعهم فيه بعض المتكلمين وأكثرهم على الجواز . وقد عد الشيخ ، امتناع إعادة المعدوم ضروريًّا ، وهو من الفطريات ، لقضاء الفطرة ببطلان شيئية المعدوم ، فلا يتصف بالإعادة .

ويتبين ذلك بما تقدم ، أنه بطلان محض لا شيئية له بوجه ، وإنما يخبر عن شيء بشيء. وأما الشبهة بأن قولهم ، المعدوم المطلق لا يخبر عنه يناقض نفسه ، فإنه بعينه إخبار عنه بعدم الإخبار فهي مندفعة ، بما سيجيء في مباحث الوحدة والكثرة

أما عدم التمايز فلأنه فرع الثبوت والشيئية ، ولا ثبوت ولا شيئية في العدم ، نعم ربما يتميز عدم من عدم ، بإضافة الوهم إياه إلى الملكات وأقسام الوجود ، فيتميز بذلك عدم من عدم ، كعدم البصر وعدم السمع وعدم زيد وعدم عمرو ، وأما العدم المطلق فلا تميز فيه.

الشيئية تساوق الوجود والعدم لا شيئية له ، إذ هو بطلان محض لا ثبوت له ، فالثبوت والنفي في معنى الوجود والعدم.

قد ظهر مما تقدم ، أن لحقيقة الوجود ثبوتًا وتحققًا بنفسه ، بل الوجود عين الثبوت والتحقق ، وأن للماهيات وهي التي تقال في جواب ما هو ، وتوجد تارة بوجود خارجي فتظهر آثارها ، وتارة بوجود ذهني فلا تترتب عليها الآثار ، ثبوتًا وتحققًا بالوجود لا بنفس ذاتها

منها أنه لا ثاني له لأن أصالة حقيقته الواحدة ، وبطلان كل ما يفرض غيرًا له ، ينفي عنه كل خليط داخل فيه أو منضم إليه ، فهو صرف في نفسه وصرف الشيء لا يتثنى ولا يتكرر ، فكل ما فرض له ثانيًا عاد أولًا ، وإلا امتاز عنه بشيء غيره داخل فيه أو خارج عنه ، والمفروض انتفاؤه هذا خلف.

تخصص الوجود بوجوه ثلاثة ، أحدها تخصص حقيقته الواحدة الأصلية ، بنفس ذاتها القائمة بذاتها ، وثانيها تخصصها بخصوصيات مراتبها ، غير الخارجة عن المراتب ، وثالثها تخصص الوجود ، بإضافته إلى الماهيات المختلفة الذوات ، وعروضه لها فيختلف باختلافها بالعرض .

اختلف القائلون بأصالة الوجود ، فذهب بعضهم إلى أن الوجود حقيقة واحدة مشككة ، وهو المنسوب إلى الفهلويين ، من حكماء الفرس ، فالوجود عندهم ، لكونه ظاهرا بذاته مظهرا لغيره من الماهيات ، كالنور الحسي الذي هو ظاهر بذاته مظهر لغيره ، من الأجسام الكثيفة للأبصار.

إنا لا نرتاب في أن هناك أموراً واقعية ، ذات آثار واقعية ليست بوهم الواهم ، ثم ننتزع من كل من هذه الأمور المشهودة لنا ، في عين أنه واحد في الخارج مفهومين اثنين ، كل منهما غير الآخر مفهوماً وإن اتحدا مصداقاً ، وهما الوجود والماهية ، كالإنسان الذي في الخارج ، المنتزع عنه أنه إنسان وأنه موجود.

الحمد على ما قيل: هو الثناء على الجميل الاختياري والمدح أعم منه. يقال: حمدت فلانا أو مدحته لكرمه. ويقال: مدحت اللؤلؤ على صفائه ولا يقال: حمدته على صفائه.