مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد جواد مغنية
عن الكاتب :
الشيخ محمد جواد مغنية، ولد عام 1322ﻫ في قرية طير دبّا، إحدى قرى جبل عامل في لبنان، درس أوّلاً في مسقط رأسه ثمّ غادر إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته الحوزوية، وحين عاد إلى وطنه، عُيّن قاضيًا شرعيًّا في بيروت، ثمّ مستشارًا للمحكمة الشرعيّة العليا، فرئيسًا لها بالوكالة. من مؤلّفاته: التفسير الكاشف، فقه الإمام الصادق(ع)، في ظلال نهج البلاغة، الفقه على المذاهب الخمسة، علم أصول الفقه في ثوبه الجديد، الإسلام والعقل، معالم الفلسفة الإسلامية، صفحات لوقت الفراغ، في ظلال الصحيفة السجادية، وسوى ذلك الكثير. تُوفّي في التاسع عشر من المحرّم 1400ﻫ في بيروت، ثمّ نُقل إلى النجف الأشرف، وصلّى على جثمانه المرجع الديني السيّد أبو القاسم الخوئي، ودُفن في حجرة 17 بالصحن الحيدري.

ما يجوز على أهل البيت وما لا يجوز

قال الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام: «ما جاءكم منّا ممّا يجوز أن يكون في المخلوقين، ولم تعلموه، ولم تفهموه فلا تجحدوه، وردوه إلينا، وما جاءكم عنّا ممّا لا يجوز أن يكون في المخلوقين، فاجحدوه، ولا تردوه إلينا» «1».

 

اعتّاد النّاس منذ القديم أن ينسبوا إلى العظماء من المناقب، والخوارق ما لا عهد لهم بها ولا علم، وقد يتجاوزون الحد، وينسبون إليهم ما لا يجوز عليهم بحال، من ذلك - وعلى سبيل المثال - ما نسب إلى الإمام عليه السّلام أنّه ركب فرسًا، وصعد إلى السّماء، وأصحابه ينظرون إليه.

 

وبالرّغم من أنّ عظمة أهل البيت لا تقف عند الحد المألوف بين النّاس، فإنّها لا تتعدى صفات المخلوقين، ولا تتجاوز حدود الإنسانيّة ومستواها، لذا حذّر الإمام الصّادق، أن يرفعهم أحد فوق البشر، وينسب إليهم ما يشعر بالغلو من قريب أو بعيد.

 

وقد روى الرّواة عنه هذا الباب عدّة أحاديث بأساليب شتى، منها قوله: «حذّروا شبابكم من الغلاة لا يفسدوهم، فإنّ الغلاة شرّ خلق اللّه، يصغرون عظمة اللّه، ويدعون الرّبوبية لعباد اللّه، واللّه إنّ الغلاة شرّ من اليهود، والنّصارى، والمجوس، والّذين أشركوا» «2»، وكيف تنسب الرّبوبية إلى إنسان لم يكن عظيمًا إلّا لأنّه كان أعبد خلق اللّه للّه، وأكثرهم طاعة له، وأشدهم خوفًا منه، وأعلمهم بجلاله وعظمته؟!.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر، مختصر بصائر الدّرجات: 91 - 92.

(2) انظر، أمالي الشّيخ الطّوسي: 650، مناقب آل أبي طالب: 1 / 236. هنالك مواقف عملية وجريئة في الرّد على هؤلاء الغلاة، لأنّهم يشكّلون نافدة الخروج عن الإسلام، وتحريف قيّمه، وأهدافة السّاميّة؛ لأنّ بعضهم قد غلا في الإمام حال حياته، وزعموا أنّه إله.

ولذا نجد الإمام عليًّا عليه السّلام نفى بعض الغلاة وحرّق البعض الآخر في النّار، كما فعل مع ابن سبأ لعنة اللّه عليه، وموقف الإمام عليّ عليه السّلام هذا، مأخوذ من موقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، حيث ورد عنه صلّى اللّه عليه وآله، أنّه قال: «لا ترفعوني فوق حقّي، فإنّ اللّه تعالى اتخذني عبدًا قبل أن يتخذني نبيًّا» انظر، مجمع الزّوائد ومنبع الفوائد: 9 / 21، المستدرك على الصّحيحين: 3 / 196 ح 4825، المعجم الكبير: 3 / 128 ح 2889، الزّهد لابن المبارك: 349 ح 984، بغية الباحث: 287، الذّريّة الطّاهرة النّبويّة للدولابي: 89، كنز العمّال: 3 / 652 ح 8337 و 8341، و: 4 / 376 ح 10993، تأريخ دمشق: 4 / 76، سبل الهدى والرّشاد: 7 / 39، بحار الأنوار: 25 / 265، النّوادر للراوندي: 16 الجعفريات: 181.

وقال صلّى اللّه عليه وآله: «صنفان من أمّتي، لا نصيب لهما في الإسلام، الغلاة، والقدريّة». انظر، تهذيب التّهذيب: 4 / 251 ح 503، سبل الهدى والرّشاد: 10 / 159، الجامع الصّغير: 2 / 100 ح 5042، المعجم الأوسط: 6 / 69 و : 11 / 209، فيض القدير شرح الجامع الصّغير: 4 / 274 ح 5044، كشف الخفاء: 1 / 442 ح 1438، تهذيب الكمال: 16 / 104 و : 21 / 156، الكامل في التّأريخ: 1 / 291 و : 3 / 309، علل الدّار قطني: 1 / 281، كتاب السّنّة لابن عاصم: 447 ح 946، تأويل مختلف الحديث: 77، منتخب مسند عبد بن حميد: 201 ح 507، تحفة الأحوذي: 6 / 303، وقرب الإسناد: 61، الرّواشح السّماويّة: 202، صحيفة الإمام الرّضا: 296.

وقال صلّى اللّه عليه وآله: «صنفان لا تنالهما شفاعتي، سلطان غشوم عسوف، وغال في الدّين مارق منه، غير تائب، ولا نازع». انظر، مجمع الزّوائد: 5 / 235، الدّر المنثور: 1 / 352، الكافي: 2 / 372، من لا يحضره الفقيه: 3 / 408، الوسائل: 14 / 426، بحار الأنوار: 25 / 265، قرب الإسناد: 64.

وجاء رجل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله فقال: «السّلام عليك يا ربّي! فقال: مالك لعنك اللّه! ربّي وربّك اللّه، أمّا واللّه! لكنت ما علمتك لجبانًا في الحرب، لئيمًا في السّلم ». انظر، المصادر السّابقة.

وقال صلّى اللّه عليه وآله مخاطبًا الإمام عليًّا عليه السّلام: «يا عليّ مثلك في أمتي مثل عيسى بن مريم، افترق قومه ثلاث فرق: فرقة مؤمنون به، وهم الحواريون، وفرقة عادوه وهم اليهود، وفرقة غلوّا فيه، فخرجوا عن الإيمان، وإنّ أمّتي ستفترق فيك ثلاث فرق. ففرقة شيعتك، وهم المؤمنون. وفرقة عدوّك، وهم الشّاكّون. وفرقة تغلو فيك، وهم الجاحدون. وأنت في الجنّة يا عليّ وشيعتك ، ومحبّ - محبّو - شيعتك، وعدوّك والغالي في النّار». انظر، المصادر السّابقة، الخصال: 1 / 23، كنز العمّال: 2 / 500، خصائص أمير المؤمنين للنّسائي: 106، تأويل الآيات: 2 / 586، العمدة: 210، تفسير فرات الكوفيّ: 405، مناقب أمير المؤمنين لمحمّد بن سليمان الكوفيّ: 2 / 478.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد