علمٌ وفكر

قدرة الإنسان تحدد مشيئة الله


السيد جعفر مرتضى ..
[نص الشبهة]
هل يستطيع الإنسان أن يمتلك قدرة تمكنه من تدمير كوكب الأرض؟ إذا كان الجواب نعم ؛ فإن هذا يعد سيطرة على ناموس الطبيعة ، وتحديداً لقدرة الله سبحانه ، بمعنى أنه لو كان مقدراً لهذه الأرض أن تدوم آلاف السنين ، لكن ونتيجة للأحقاد والضغائن التي تنتج عنها الحروب ، قرّر إنهاء هذه الحياة وتدمير الكوكب ، ألا يكون بذلك قد حدد مشيئة الله سبحانه وتعالى ، وتحكم هو بمبدأ الفناء ، واذا كان الجواب لا ؛ فإنه خلاف الواقع لأن الأمريكيين والسوفيات [سابقاً] أكدوا على أنهم يمتلكون قدرة تمكنهم من تدمير الأرض مئة مرة أو تزيد .


الجواب :
إن امتلاك الإنسان قدرة تمكنه من إحداث الكارثة ؛ لا يعتبر تحديداً لقدرة الله سبحانه..
فإن التقدير الإلهي لبقاء الأرض آلاف السنين لا يعني : إلا أن الله سبحانه العالم بكل شيء يعلم بأن الأرض ستبقى هذه المدة ، وإنه يعلم أيضاً أن الإنسان لن يمتلك هذه القدرة التدميرية ، أو يعلم أنه سيمتلكها ، لكنه سوف لن يستعملها لأكثر من مانع .
وعلم الله بكل ذلك علم صادق بلا شك ، ولكن هذا العلم الصادق بالشيء لا يوجب الإجبار على الشيء.. ولا يكون أيضاً سبباً في حصول الشيء ، بل هو كعلمي وعلمك بطلوع الشمس غداً ، فإنه علم صادق بلا ريب ، لكنه ليس سبباً في طلوعها ، بل سبب الطلوع شيء آخر..
وإنما يلزم تحديد القدرة الإلهية في صورة ما لو أراد الله بقاءها ، ثم جاءت إرادة الإنسان وقهرت وألغت الإرادة الإلهية.. وليس الأمر كذلك..
بل إن الله سبحانه قد خلق الخلق ، وأعطى للإنسان الاختيار والإرادة ، وأفسح له في المجال لإخضاع نواميس الطبيعة..  فالإنسان حين يمارس ذلك ؛ إنما يمارسه أيضاً وفق مشيئة الله ، لأن الله قد شاء له أن يكون مختاراً مريداً ، متعرضاً حتى لنواميس الطبيعة .
فإذا تدخل سبحانه ، وألغى اختيار الإنسان ، وإرادته ، فإنه سيكون قد نقض مشيئته هذه ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً..
على أن من الواضح : أن لدينا بعض الأخبار التي تقول : إنه سيهلك تسعة أعشار الناس ، فهذا الهلاك العظيم له أسبابه ، ومن أسبابه اختيار الإنسان ، وإرادته ، وممارسته.. وسيتحمل الإنسان مسؤولية ذلك.. ولا يكون ذلك إلغاءً لمشيئة الله سبحانه وتعالى..

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد