لا يمكن تذكر ما لا يمكن سماعه: العلاقة بين فقدان حاسة السمع وبين صحة الدماغ
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
سؤال: الأعزاء في مايو كلينك: لقد سمعت أنه قد تكون هناك علاقة بين فقدان حاسة السمع (1) وصحة الدماغ. هل يمكنكم أن تبينوا لي كيف يمكن أن يؤثر ذلك في الوظيفة الإدراكية عندي (1) وماذا بإمكاني أن أفعله للحد من المخاطر المترتبة على ذلك؟
جواب: الإنسان اجتماعي بطبعه. يستمتع بالتواجد مع آخرين حوله، وتبادل السرديات معهم، وتبادل النكات والضحكات معهم، وإلقاء التحية على الجيران، ومناقشة المخاوف التي تعتريه معهم أو مواساته وتسليته إياهم وتقديم العزاء لبعضهم. وتعدّ هذه العلاقات، سواء أكانت علاقات وثيقة وقريبة أو غير مباشرة، هي ضرورية للهناء النفسي الانفعالي وصحة الدماغ. [يتعلق الهناء النفسي الانفعالي بإدراك طيف واسع من الأفكار والمشاعر وتجربتها أو ممارستها وإدارتها بطريقة بناءة (3). أما صحة الدماغ فهي الخلوّ من الأمراض أو الأضرار حتى يتمكن من أن يقوم الشخص بكامل وظائفه الإدراكية والاجتماعية بشكل أمثل (4)].
ولكن فقدان حاسة السمع قد يؤدي إلى قطع التواصل أو الترابط مع الآخرين. حين لا يستطيع سماع ما يقوله الآخرون له، فقد يشعر بالاستبعاد أو الهجران (5)، أو عدم الارتياح، أو القلق، أو حتى الاكتئاب. ربما قد لاحظتم مثل هذا الأمر وهو يحدث لأحد أصدقائك أو لأحد أفراد عائلتك. قد يبتسم أحدهم ويومئ برأسه للأخر، إشارة على الموافقة، لكنك تعلم أنه لم يفهم أو لم يستوعب الحديث الذي دار بينهما.
عندما ينسحب من العمل وينسحب من الأنشطة الاجتماعية، التي كان يستمتع به سابقًا، فإنه يصبح أكثر عزلة من الناحية الاجتماعية. [ظاهرة انسحاب الموظف من مسؤوليات عمله وتظهر عليه سلوكيات تشير إلى انخفاض إنتاجيته ودوافعه تجاهه والالتزام به. وأما الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية فهي تتمثل في عدم التعامل والتفاعل الاجتماعي (7)].
تفيد دراسات متعددة أن العزلة الاجتماعية (7) الناجمة عن فقدان حاسة السمع تضر بصحة الدماغ (4) وسلامة الوظائف الإدراكية (2). فالناس لا يستطيعون تذكر ما لا يستطيعون سماعه.
الفوائد الأخرى لمعالجة فقدان السمع تنطوي على ما يلي:
- الضحك علاج رائع (8). ولكن إذا لم تفهم أو تستوعب ما قيل، فلن تجني ثمار الصحة العقلية.
- النغمات تبقى في الذاكرة. وتعمل على إثارتها وتساعد في بناء مسار عصبي يصل بين الأذن والدماغ وتحافظ عليه نشطًا.
- الغاية (9) وهي ما يضيف معنىً للحياة أو للوجود. بإمكان الأنشطة الاجتماعية كالعمل مع الجمعيات أو الانضمام إلى نوادٍ، أو جمعيات خدمة مدنية أو التطوع أو رعاية الأحفاد أو الأسباط أن تضفي هدفًا وجوديًّا. لو كان لديك موعد مع شخص أو أشخاص لتتناول فنجان قهوة معه أو معهم، فهذا من شأنه أن يعطيك شيئًا تتطلع إلى الالتزام به وتحقيقه [كونه نشاطًا اجتماعيًّا]. فقدانك حاسة السمع قد تنتهي بك إلى التراجع عن الالتزام بهذا النشاط الاجتماعي الهادف والإعراض عنه.
التغلب على الخشية من الوصمات الاجتماعية
فقدان حاسة السمع له أسباب عديدة، ومنها التعرض لمستويات صاخبة من الأصوات الصناعية أو الترفيهية، مثل العمل في مصانع صاخبة أو استخدام معدات زراعية مزعجة أو العمل في ورشة نجارة؛ أو أداء خدمة عسكرية؛ أو سماع موسيقى صاخبة؛ أو بسبب وراثي. بغض النظر عن السبب، فمن الضروري إجراء فحص وتقييم حالة حاسة السمع، استخدم أجهزة المساعدة على السمع الموصى بها بعد تشخيص إصابتك بفقدان حاسة السمع. كلما طال انتظارك قبل أن تستعمل هذه الأجهزة الموصى بها، اضطر دماغك إلى تعلم ما فقده من جديد.
بالنسبة للكثير من الأشخاص، هناك إحساس بوصمة أو خجل له علاقة بارتداء أجهزة المساعدة على السمع. بعكس الحاجة إلى لبس النظارات، فقد يشعر بعض الأشخاص أن الحاجة إلى تركيب أو ارتداء أجهزة سمع تعدّ علامة على الشيخوخة والضعف. لكن بالعكس، فمعالجة فقدان حاسة السمع هي علامة على أنك تهتم بصحتك وعافيتك وهنائك النفسي بشكل عام، كما أنها ترسل رسالة إلى الآخرين بأنك تنوي الحفاظ على علاقات سليمة معهم.
متوسط السن عندما يخضع بعض الأشخاص لأول فحص للحاسة السمع هو في منتصف إلى أواخر الخمسينيات. ويوصي متخصصو الرعاية الأولية بشكل متزايد بإجراء فحوصات وتقييمات لحاسة السمع كجزء من الفحوصات الصحية العادية. ومع ذلك، قد يتأخر بعض الناس بعد تشخيصهم بفقدان حاسة السمع من خمس إلى سبع سنوات أو أكثر قبل أن يقرروا تركيب أو ارتداء أجهزة المساعدة على السمع.
أجهزة السمع لم تعد مثل الأجهزة القديمة التي اعتاد عليها الأجداد
لقد دخلت أجهزة السمع اليوم العصر الرقمي. فهي غالبًا ما تكون قابلة للتعديل الذاتي أو التلقائي للتكيف مع حالة المستخدم، ما يمكنه من إدارة البيئة الصوتية حوله بشكل أفضل. تتميز معظم أجهزة السمع بأن لها تطبيقات على الهواتف الذكية، والتي توفر طيفًا واسعًا من الميزات. لقد قام المصنعون بإعادة تصميم أجهزة السمع بحيث أصبحت جذابة وأنيقة من ناحية المظهر كما أنها مريحة ومتوفرة بأسعار تناسب ميزانيات المستخدمين على اختلافها.
في الأيام الأولى من استخدام أجهزة السمع، قد يجد بعض مستخدميها عالم السمع الجديد صعبًا على التكيف والتعود. قد تبدو الأصوات عالية أو متقطعة أو مزعجة. ويرجع ذلك إلى اعتبار التقدم (التفاقم) البطيء لفقدان حاسة السمع شكلًا من أشكال الحرمان الحسي (10). سيعتاد الدماغ على عالم أكثر هدوءًا، لذا فإن الاستعادة الفورية للسمع باستخدام أجهزة المساعدة على السمع يمكن أن تكون مرعبة وحتى مشتتة للانتباه [في أول استخدام لها، لكن سيعتاد عليها المستخدم في النهاية]. بدلاً من اعتبار أجهزة المساعدة على السمع حلاًّ سريعًا عابرًا لفقدان حاسة السمع (11)، اعتبرْها عملية تعليمية للدماغ. سيأخذ الدماغ وقتًا ولذا سيحتاج صبرًا حتى يتمكن من استعادة سماع الأصوات وتنظيمها وإعطائها معانيها مرة أخرى.
الذين يرتدون أجهزة السمع بشكل مستمر طوال الوقت سيحصلون على أكبر قدر من الفوائد. ارتداء ونزع أجهزة المساعدة على السمع طوال اليوم أو عدم ارتدائها لعدة أيام أو أسابيع يؤدي في وقت ما إلى الحد من الفائدة المتوخاة وتطويل الفترة المطلوبة قبل أن يعتاد الدماغ عليها. أجهزة السمع مصممة لتكون داخل الأذنين، وليس في درج الخزانة.
عالج فقدان حاسة السمع مبكرًا من أجل صحة دماغك
لقد اكتسبت العلاقة بين فقدان السمع وصحة الدماغ المزيد من الاهتمام وأصبحت أكثر إلحاحًا في السنوات الأخيرة، بما في ذلك اهتمام وسائل الإعلام بالاكتشافات الحديثة للعلاقة بين حاسة السمع والاضطرابات العصبية الإدراكية، مثل مرض الزهايمر والخرف. تكلم مع أخصائي الرعاية الصحية واطلب منه حاجتك إلى إجراء فحص للسمع. إدراك أهمية التعرف على فقدان حاسة السمع وعلاجها في وقت مبكر يلعبان دورًا حيويًّا في الحفاظ على صحة الدماغ والهناء النفسي الانفعالي ودعمه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- https://www.moh.gov.sa/awarenessplateform/VariousTopics/Pages/HearingLoss.aspx
2- "المهارات المعرفية cognitive skills، والتي تسمى أيضًا الوظائف المعرفية cognitive functions أو القدرات المعرفية cognetive capacity، هي مهارات دماغية وهي ضرورية لاكتساب المعرفة واستخدام المعلومات والتفكير. ولها علاقة بآليات كيف يتعلم الناس ويتذكرون ويحلون مشكلاتهم وكيف يولون انتباههم، ولكن ليس لها علاقة بالمعرفة الفعلية. تشمل المهارات أو الوظائف المعرفية مجالات الإدراك الحسي والانتباه والذاكرة والتعلم واتخاذ القرار والقدرات اللغوية". ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://en.wikipedia.org/wiki/Cognitive_skill
3- http://https://www.bu.edu/studentwellbeing/what-is-wellbeing/emotional-wellbeing/
4- https://www.linkedin.com/pulse/unlocking-secret-vital-difference-between-mental-tammy-whalen-blake
5- https://ar.wikipedia.org/wiki/هجر_عاطفي
6- https://www.linkedin.com/pulse/workplace-withdrawal-syndrome-dr-darwin-joseph-r-ifexc
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/عزلة_اجتماعية
8- https://www.mayoclinichealthsystem.org/hometown-health/speaking-of-health/purpose-and-mental-health
9- https://ontology.birzeit.edu/term/purpose
10- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/حرمان_الحس
المصدر الرئيس
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد هادي معرفة
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ باقر القرشي
الشيخ حسين مظاهري
السيد عباس نور الدين
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ جعفر السبحاني
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
ياسر آل غريب