
لماكس بلانك العالِم الألماني في الفيزياء الشهير، ومؤسس نظرية الكم، وأحد أهم فيزيائي القرن العشرين، الحائز على نوبل في الفيزياء عام 1918م، كلمة يقول فيها: “الرشفة الأولى من زجاجة العلم الطبيعي ستحولك إلى مُلحد ولكن في قاع الزجاجة ستجد الإله ينتظرك”. (يُراجع: الإلهيات والفيزياء ص267).
لكنّ القرآن المجيد له رأي آخر، إذ يرى بأنَّه لا فرق بين الرشفة الأولى والأخيرة، من ناحية كون الله دائماً حاضرٌ عتيدٌ لا يغيب البتة، وللرشفة الأولى القدرة ذاتها التي للرشفة الأخيرة من إثبات ذلك.
وما يهمنا هُنا هو أنَّ القرآن المجيد في دعواه هذه يُراهن على العلوم بأنواعها في إثبات دعواه تلك، إذ نراه في سورة فاطر يقول: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)”.
ففي المقطع الأول والمقطع الأخير، وهما “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا“، “وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ” أتت المراهنة على “علم الأحياء” بصفته علم يبرهن على وجوده تعالى، بينما في قوله تعالى “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ” أتت المراهنة على “علم الجيولوجيا” الذي يدرس الأرض بطبقاتها وصخورها والحوادث الزمنية على عصفت برياحها عليها، وعلم “الكوزموجينيا” الذي يدرس أصل الكون ومن أين نشأ تحديدًا. والنتيجة التي يجزم القرآن المجيد على صحتها من خلال هذه العلوم هي: ”إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ“.
وكان القرآن المجيد في سورة فصلت قد لخص الأمر بشكل يسبب الذهول إذ قال: ”سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)” ومعنى هذا أن الآفاق الكونية وكذلك الأنفس البشرية حاوية على ما يسميها “بآيات” تشير إليه صراحة.
عبدالله الآملي – فيلسوف وفقيه معاصر– في تأمله لهذه الآيات يقول بأن ثمة ثلاثة مسالك عرضتها هذه الآيات لمسيرة الإنسان نحو اكتشاف وجوده تعالى.
المسلك الأول: وهو مسلك التأمل في الآفاق الكونية. ففي هذه الرحلة التأملية، الإنسان هو السالك، والطريق هو الآفاق، والغاية هي الله.
المسلك الثاني: وهو مسلك التأمل في النفس البشرية. ففي هذه الرحلة التأملية، الإنسان السالك هو نفسه الطريق، لقد دمجت الآيات المارة بين الطريق وبين سالكه، لأن النفس هي مصب التأمل وليست النفس إلا نفس الإنسان، فالسالك – الإنسان – أضحى الطريق، والغاية هي الله.
المسلك الثالث: وهو مسلك اكتشاف وجود الله عند وجود أي شيء يمكن إدراكه، ففي هذه الرحلة العجيبة أضحى الإنسان السالك، والطريق الذي يسلك فيه، والغاية التي يتوخاها أمر واحد! قال: ”أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ؟” فالشهيد هُنا بمعنى المشهود الحاضر لدى كل شيء، فإذا كان الإنسان السالك شيء فالله حاضر عنده، وإذا كانت الآفاق والأنفس شيء فهو تعالى حاضر، لذا جاءت الآية المارة تطرح سؤالًا استنكاريًّا جوابه النفي، فيكون المعنى: لقد أظهرنا لكم وجود الله بالتأمل في آيات الآفاق وفي آيات الأنفس، رغم أنه لا داعي لذلك أساسًا، لأنه، أليس هو الحاضر لدى كل واقعية وجودية التي لا يمكنها أن تتحقق إلا به؟
إذن الرشفة سواء أكانت الأولى أم الأخيرة لا فرق، فهي لم ما كانت لتكون رشفة وأمرًا موجودًا إلا في ظل وجوده تعالى.
هذه الحقيقة تراهن على الفقر الذاتي وعجز قدرة أية موجود – مهما كان – وبسبب فقره الذاتي لا يمكنه إلا أن يستمد وجوده من غيره، وبالمقابل على الغنى الذاتي للإله وعدم حاجته لأن يستمد وجوده من غيره.
المهم هُنا أن الدين دائما ظل يرى أن العلوم بأنواعها مجالات لبلوغ شاطئ الإلهية والإيمان. حقا لقد كانت قصة “العلم يعارض الإيمان” مفبركة للغاية، حتى أن الذكاء الاصطناعي نفسه اليوم يرفض الاعتراف بها. لكنهم تمكنوا عند إطلاق الحملة الدعائية لها وترويجها من بث التأثير في العديد من الأذهان.
معنى (سبل) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (1)
محمود حيدر
مناجاة الذاكرين (6): ذكر الله لذّة الأولياء
الشيخ محمد مصباح يزدي
بين الإيمان والكفر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
ما الذي يهمّ أنت أم أنا؟ يتذكر الأطفال ما هو مهم للآخرين
عدنان الحاجي
بين الأمل والاسترسال به (1)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
الشيخ محمد صنقور
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
الإمام الهادي: بهجة أبصار العارفين
حسين حسن آل جامع
سيّد النّدى والشّعر
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (سبل) في القرآن الكريم
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (1)
أطباء الأسنان قد يتمكنون قريبًا من (إعادة نمو) مينا الأسنان باستخدام هلام بسيط
مناجاة الذاكرين (6): ذكر الله لذّة الأولياء
الإمام علي الهادي (ع) الشخصية الوقورة
سياسة المتوكل مع الإمام الهادي (ع) (1)
الإمام الهادي (ع) وفتنة خلق القرآن
الإمام الهادي: بهجة أبصار العارفين
معنى (زرب) في القرآن الكريم
بين الإيمان والكفر