الشيخ محمد صنقور ..
فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ
مفاد الآية المباركة هو الأمر بقتل مَن عبد العجل من بني اسرائيل، وبيان أنَّ قبول توبة من عبدوا العجل لا تكون إلا بإقامة حدِّ القتل عليهم، كما هو حكم بعض الجناة في الشريعة الإسلامية كالزاني الـمُحصَن والـمُرتَد وقاتل النفس المحترمة عمداً ودون وجهِ حق، فإنَّ توبة مثل هؤلاء- على تفصيل- لا تُقبل إلا بإقامة حدِّ القتل أو القصاص عليهم.
فالمراد من قوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ (1)هو الأمر بأنْ يقتل بعضُهم بعضاً، فيتصدَّى الذين لم يرتكبوا جريرة العبادة للعجل لقتل مَن عبدَوا العجل، وليس المراد من الآية هو أنْ يقتلَ كلُّ واحدٍ منهم نفسه بيده؛ بل المراد ما ذكرناه من أنَّ الذين لم يجترحوا هذه الموبِقة مكلَّفون بقتل عبَدةِ العجل.
فمفاد كلمة: ﴿أَنْفُسَكُمْ﴾ في الآية المباركة كمفاد ذات الكلمة في قوله تعالى من سورة النور: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾(2) أي فليسلِّم بعضُكم على بعض، فيسلِّم الداخل -مثلاً- على الـمـُقيم.
وكذلك هو معنى قوله تعالى في سورة الحجرات: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾(3) فمعنى اللمز هو الطعن بالعيب لغرض التحقير والتصغير، فمفاد الآية هو نهي المسلمين عن أنْ يعيبَ ويحقِّرَ بعضُهم بعضاً.
وهو كذلك معنى قوله تعالى في سورة البقرة مخاطباً اليهود: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ﴾(4) فمعنى: ﴿لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ﴾ هو النهي عن أنْ يسفك بعضُهم دمَ بعض، ومعنى قوله تعالى: ﴿وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ﴾ هو النهي عن أنْ يُخرجَ بعضُهم البعضَ الآخر من وطنه ودياره، فالقرآن الكريم أراد الإشارة بقوله: ﴿أَنْفُسَكُمْ﴾ بأنَّهم لُحمةٌ واحدة، فمَن سفك دم أخيه أو ابن عمِّه فكأنَّه سفك دم نفسه، ومن أخرج بني عمومته من ديارهم فكانَّه أخرج نفسه أو أعان على نفيها من ديارها.
وهكذا هو الحال في قوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ فالتعبير عن المكلَّف بإيقاع القتل ومَن سيقع عليه القتل بأنفسكم فيه إشارة إلى انَّهم لُحمةٌ واحدة، فكلٌّ من المأمورين بإيقاع القتل والمأمورين بالاستسلام للقتل من أمةٍ وملَّةٍ وقوميَّةٍ واحدة، فكأنَّ المكلَّف بإيقاع القتل مكلَّف بقتل نقسه لأنّه سيقتل واحداً من بني قومه وجلدته، وفي ذلك ابتلاءٌ وامتحانٌ للقاتل كما هو امتحان للمقتول، فأمَّا أنَّه امتحانٌ للمقتول؛ فلأنه مكلفٌ بالصبر على الاستسلام للقتل، وأما أنَّه امتحانٌ للقاتل فلأنَّه مكلَّفٌ بإيقاع القتل على أهله وبني عمومته.
1- سورة البقرة الآية/54.
2- سورة النور الآية/61.
3- سورة الحجرات الآية/11.
4- سورة البقرة الآية/84.
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد صنقور
حيدر حب الله
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ علي رضا بناهيان
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
أحمد الرويعي
أحمد الماجد
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
علي النمر
حبيب المعاتيق
زهراء الشوكان
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
شفيق معتوق العبادي
حقوق أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن الكريم (1)
ما جدوى إقامة الشعائر الحسينيّة؟
صريع الدمعة الساكبة
تاريخ المأتم الحسيني في القرون الهجريّة الأولى (3)
لن يجد العالم أنقى من راية الحسين (ع)
مفتاح شخصيّة الحسين بن عليّ (ع)
مراسيم النّزوح للبرزخ
رَجْعٌ على جدار القصر
ما يذكره بعض الخطباء في وداع الأكبر (ع)
تاريخ المأتم الحسيني في القرون الهجريّة الأولى (2)