الشيخ جوادي آملي ..
الكلام عن العترة الذين هم الأفراد الكُمّل، المعصومون وخلفاء الله، وعن السنّة المأثورة عن أولئك الأنوار. فأمّا نفس العترة فعلى الرغم من أنّ حديث الثقلين القطعيّ قد ذكرهم بعنوان الثقل الأصغر، لكن وكما بُحث في رسالة مستقلّة[1]، فإنّ في نشأة الوحدة لا تكون حقيقة الإنسان الكامل المعصوم منفصلة عن حقيقة القرآن المجيد أبداً، ولا يمكن بأيّ نحو كان إثبات أنّ القرآن أي كلام الله أعلى شأناً من حقيقة خليفة الله الكامل الّذي هو أيضاً كلمة الله العليا...
كما أشار فقيه الإماميّة المعروف الشيخ كاشف الغطاء إلى زاوية من زوايا هذا المعنى[2]، لا إلى ذروته ودرجته العالية، حيث أنّ تحرير مثل هذا الموضوع السامي الرفيع العريق الأنيق العميق لا تناله يد حتّى مثل هذا الفقيه أيضاً، «ولو كان لَبانَ» وعلى كلّ حال فإنّ البحث الحالي لا يدور حول القرآن والعترة بل هو حول القرآن والسنّة.
وأمّا سنّة المعصومين(ع) فيجب الالتفات أوّلاً، أنّ الله سبحانه يصف كلامهُ الأصيل وغير المحرّف بأنّه «نور»، و«تبيان» وأمثال ذلك، وليست هذه الصفات مختصّة بالقرآن الكريم، فقد جاء بشأن كتاب موسى الكليم (ع) قوله تعالىٰ: ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدیٰ لِلنَّاس﴾[3]، ﴿وَآتَينَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِين﴾[4]، ﴿ثُمَّ آتَينَا مُوسَىٰ الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَىٰ الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيء﴾[5]، ﴿... وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيء﴾.[6] والشيء الّذي هو نور ومستبين وتفصيل لكلّ شيء، لابدّ أن يكون نيّراً في نفسه، واضحاً ومفصّلاً ومبسّطاً، وقد جاء أيضاً في شأن الأنبياء الآخرين من دون الاختصاص برسول معيّن قوله تعالىٰ: ﴿جَاءُوا بِالْبَيّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِير﴾[7]، فكلّ نبيّ قد جاء ومعه كتاب فذلك الكتاب نيّر ومنير ولا يعتريه شيء من الإبهام، إلاّ أن تمتدّ إليه غياهب التحريف وظلمات التبديل البشريّة، وهذا الاختراق الباطل والظلام الغريب المتطفّل لا يستطيع أبداً أن ينال من القرآن الكريم شيئاً ولن يجد له طريقاً إليه: ﴿... لاَ يأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَينِ يدَيهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِه﴾.[8]
ثانياً: إنّ الله سبحانه يصف الرسول ـ أيّ رسول كان ـ بأنّه مبيِّن لآيات ومعطيات الوحي وشارح لمواهب الإلهام ومعلّم الكتاب والحكمة: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم﴾[9]، ﴿... لكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَاب﴾.[10] وفيما يخصّ النبيّ الأكرم فإنّه مضافاً إلى صفات المُبَيِّن والمعلّم للكتاب والحكمة[11] فقد ذُكر بصفةٍ متميّزة أيضاً وهي (السراج المنير): ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى الله بإذْنهِ وَسِرَاجاً مُّنِير﴾.[12]
إنّ سنّة أيّ نبيّ ليست مباينة ولا معارضة ولا مخالفة لنصوص الكتاب الإلهيّ الّذي أنزل عليه، وهذا الأمر أيضاً لا يختصّ بسنّة النبيّ الخاتم (ص)، لأنّ العقل البرهانيّ الّذي هو السلطان والمرجع القطعيّ لهذه المعارف يحكم بأنّه ليس لدى الله سبحانه كلام متباين أو متعارض أو متخالف أبداً، وهذا الأمر من جملة أحكام النبوّة العامّة، وليس خاصّاً بالنبيّ الخاتم، كما إنّ في السنّة القطعيّة للمعصومين (ع) أيضاً إمضاءً لفتوى العقل وحكمه هذا، لأنّ المفاد القطعيّ للسنّة الإسلاميّة هو ضرورة عرض الحديث على القرآن، حتّىٰ يُترك المخالف للقرآن ويؤخذ بغيره.
ــــــــــــ
[1] . عليّ بن موسىٰ الرضا والقرآن الحكيم، ص41.
[2] . كشف الغطاء، كتاب القرآن، ص298.
[3] . سورة الأنعام، الآية 91.
[4] . سورة الصافّات، الآية 117.
[5] . سورة الأنعام، الآية 154.
[6] . سورة الأعراف، الآية 145.
[7] . سورة آل عمران، الآية 184.
[8] . سورة فصّلت، الآية 42.
[9] . سورة ابراهيم، الآية 4.
[10] . سورة آل عمران، الآية 79.
[11] . سورة الجمعة، الآية 2.
[12] . سورة الأحزاب، الآية 46.
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
السيد عبد الأعلى السبزواري
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ علي رضا بناهيان
الفيض الكاشاني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ مرتضى الباشا
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الرؤية القرآنية عن الحرب في ضوء النظام التكويني (1)
انتظار المخلّص بين الحقيقة والخرافة
تلازم بين المشروبات المحلّاة صناعيًّا أو بالسّكّر وبين خطر الإصابة بمرض الكلى المزمن
أسرار الحبّ للشّومري في برّ سنابس
الميثاق الأخلاقي للأسرة، محاضرة لآل إبراهيم في مجلس الزّهراء الثّقافيّ
الشيخ عبد الكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (9)
البسملة
لماذا لا يقبل الله الأعمال إلا بالولاية؟
أشدّ النّاس خسرانًا
كن أنت!