السيد محمد حسين الطباطبائي
في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾الرعد:28، تنبيهٌ للنّاس أن يتوجّهوا إليه تعالى ويُريحوا قلوبهم بذكره، فإنّه لا هَمّ للإنسان في حياته إلّا الفوز بالسعادة والنعمة، ولا خوفَ له إلّا من أن تغتالَه الشَّقوة والنّقمة، والله، سبحانه، هو السبب الوحيد الذي بيده زِمامُ الخير وإليه يرجع الأمرُ كلُّه، وهو القاهرُ فوق عباده والفعّال لما يريد، وهو وليّ عباده المؤمنين به اللّاجئين إليه.
فذِكْرُه للنفس الأسيرة بيد الحوادث، الطالبة لركنٍ شديد، المُتحيّرة في أمرها، وهي لا تعلم أين تريد ولا أنّى يُراد بها، يضمنُ لها السعادة، كوصف الترياق للسّليم [المَلسوع] تنبسطُ به روحُه وتستريحُ منه نفسه، والركونُ إليه تعالى والاعتماد عليه والاتّصال به، كتناول ذاك السليم ذلكَ الترياق وهو يَجدُ من نفسه نشاط الصحة والعافية آناً بعد آن.
فكلّ قلبٍ - على ما يفيده الجمع المحلّى باللام [في قوله: القلوب] من العموم - يطمئنّ بذكر الله ويسكن به ما فيه من القلق والاضطراب؛ نعم إنّما ذلك في القلب الذي يستحقّ أن يسمّى قلباً، وهو القلب الباقي على بصيرته ورشده.
وأمّا المنحرف عن أصله الذي لا يُبصر ولا يفقه فهو مصروفٌ عن الذكر، محرومٌ عن الطمأنينة والسكون، قال تعالى: ﴿..فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ الحج:46، وقال: ﴿..لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا..﴾ الأعراف:179، وقال: ﴿..نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ..﴾ التوبة:67.
وفي لفظ الآية ما يدلّ على الحصر؛ حيث قدّم متعلّق الفعل، أعني قوله ﴿..بِذِكْرِ اللهِ..﴾ عليه [على الفعل]، فيفيد أنّ القلوب لا تطمئنّ بشيءٍ غير ذكر الله، سبحانه؛ إذ لا همّ لقلب الإنسان - وهو نفسُه المُدركة - إلّا نيل سعادته والأمن من شقائه، وهو في ذلك مُتعلّقٌ بذيل الأسباب، وما من سببٍ إلّا وهو غالبٌ في جهة ومغلوبٌ من أخرى، إلّا الله، سبحانه، فهو الغالب غير المغلوب الغنيّ ذو الرحمة.
فبذكره، أيّ به سبحانه وحده، تطمئنّ القلوب، ولا يطمئنّ القلبُ إلى شيءٍ غيره إلّا غفلةً عن حقيقة حاله، ولو ذُكّر بها أخذته الرعدة والقلق.
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ﴾ الرعد:29:
طوبى مؤنّث أطيب، فهي صفة لمحذوف، وهو على ما يُستفاد من السياق: الحياة أو المعيشة، وذلك أنّ النعمة كائنةً ما كانت إنّما تهنأ إذا طابت للإنسان، ولا تطيبُ إلّا إذا اطمئنّ القلبُ إليها وسكنَ ولم يضطرب، ولا يوجَد ذلك إلّا لمَن آمن بالله وعمل عملاً صالحاً، فهو الذي يطمئنّ منه القلب ويطيبُ له العيش، وقد قال تعالى في وصف طِيب هذه الحياة: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ النحل:97.
وقال في صفة مَن لم يُرزق اطمئنانَ القلب بذِكر الله: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ طه:124.
السيد محمد باقر الصدر
الشهيد مرتضى مطهري
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
محمود حيدر
السيد عادل العلوي
د. سيد جاسم العلوي
السيد محمد باقر الحكيم
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
المحنة في المفهوم القرآنيّ
مدرسة أهل البيت عليهم السلام في وجه التحريف
مكانة التوكّل في التمهيد للظهور
نعم، أنا مع تمكين المرأة، ولكن...
لماذا يتجنّب النّاس الأعمال التي تتطلّب جهدًا؟
بصدد التنظير لقول عربي مستحدث في نقد الاستغراب (2)
بصدد التنظير لقول عربي مستحدث في نقد الاستغراب (1)
التّعامل مع سلوك الأطفال، محاضرة لآل سعيد في بر سنابس
القلب المنيب في القرآن
ماذا يحدث للأرض لحظة اختفاء الشمس؟ الجاذبية بين رؤيتين