
الشيخ حسن المصطفوي
الفِكْرُ لغةً: «تردّدُ القلب بالنّظَر والتدبّر لطلب المعاني»، كما في (المصباح) للفيومي. «وهو التأمّل» كما في (الصِّحاح) للجوهري.
وأمّا الفرق بين «النَّظَر» و«الفِكر» أنّ النّظر يكون فِكراً ويكون بديهةً، والفِكرُ ما عدا البديهة؛ هكذا في (الفروق اللّغوية) للعسكري، وفيه أيضاً أنّ الفرق بين «التفكُّر» و«التدبُّر»؛ أنّ الأخير تصرُّف القلب بالنّظر في العواقب، والأوّل تصرّف القلب بالنّظر في الدلائل.
حركة إلى المبادئ ومنها إلى المراد
الأصل الواحد في المادّة (فكر): هو تصرُّف القلب وتأمّلٌ منه بالنظرِ إلى مقدّماتٍ ودلائل ليهتدي بها إلى مجهولٍ مطلوب. وقريبٌ منه ما قاله السبزواري: «الفكر حركةٌ إلى المبادي ومن المبادي إلى المراد».
والفكرُ يكون في المحسوسات وفي المعقولات وفي أمور الآخرة.
* ففي المحسوسات كما في قوله تعالى:
- ﴿..وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالأَرْضِ..﴾ (آل عمران:191).
- وقوله سبحانه: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ..﴾ (الروم:8).
* وفي المعقولات كما في قوله تعالى:
﴿.. وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم:21).
* وفي عوالم ما وراء المادّة كما في قوله عزّ وجلّ:
﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الزمر:42).
* وفي مطلق التفكُّر كما في قوله:
﴿..وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (النحل:44).
فيُراد من الفِكر والتفكّر جَولان النظر القلبيّ في موضوعٍ معيّن، مادّيّاً أو معنويّاً، ليصلَ إلى ما هو مطلوبٌ له ويهتدي إليه.
فالنتيجة المطلوبة الحقّة في أيّ موضوع إنّما تتحصّل بالتفكُّر، حتّى أنّ الاستنتاج من الآيات المنزَلة متوقّفٌ على التفكُّر الدقيق: ﴿.. كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ (البقرة:219).
ثمّ إنّ النظر بالبصر كما أنّه يتوقّف على قوّة الباصرة وانتفاء الموانع من الإحساس؛ كذلك النظر بالقلب وجولانه يحتاجُ إلى نورانيّةٍ في البصيرة ووجودِ قوّة الإدراك فيها، وانتفاءِ الموانع والحُجب من التعصُّب والأغراض النفسانيّة والأمراض القلبيّة والكدورات الباطنيّة.
فالتفكُّر تختلف مراتبه على حسب مراتب البصائر شدّةً وضعفاً، إلى أن يصل إلى حيث يُعادل تفكُّرُ ساعة عبادةَ سنوات. وفي قِباله تفكُّر مَن خُتم على قلبه واستولى عليه الهوى واتّبع خطوات الشيطان وليس له نور، كما في قوله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ (المدثّر:18-19).
فالتفكُّر الصحيح المنتِج يتوقّف على مقدّمات، يجمعها نورُ القلب وخلوصُه من الأغراض الفاسدة: ﴿قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ﴾ (سبأ:46).
فإذا كان التفكُّر في موضوع الرّشد والعقل - لشخصٍ صاحبَهم مدّةَ حياته، ولم يشاهدوا منه عملاً يخالف الحقّ والعقل، وهو على صِدق وأمانة - متوقّفاً على الإخلاص والقيام لله وتطهير النَّظَر، فكيف هو الأمر في سائر المجهولات والمتشابهات؟!
شكل القرآن الكريم (3)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (6)
محمود حيدر
الاعتراف بالذنوب يقرّبنا إلى الله
الشيخ محمد مصباح يزدي
طرق الوقاية والعلاج من حبّ الدنيا
الشيخ مجتبى الطهراني
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
شكل القرآن الكريم (3)
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (6)
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
الزهراء عليها السّلام إشراقات مباركة
(سنابل يوسف) جديد الكاتب عبدالعزيز آل زايد
واحد وثلاثون عملاً للحبارة في تحدّي (إنكتوبر 2025)
الاعتراف بالذنوب يقرّبنا إلى الله
طرق الوقاية والعلاج من حبّ الدنيا
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)