الشيخ محمد هادي معرفة
قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}. والخطاب عامّ يشمل المؤمن والكافر، وبدليل ما بعد الآية: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}، حيث قوله: {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا}، أي الجميع يَرِدُونها، فيخرج المؤمن ويُترك الظالم بحاله، الأمر الذي يتنافى وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ}. فيكف الوئام؟!
وقد ذَكَر المفسّرون هنا وجوهاً، أوجهُها ـ ما عن ابن مسعود والحسن وقتادة واختاره أبو مسلم ـ أنّه بمعنى الإشراف عليها، ليَشهدوا ذلك العرض الرهيب، فالمؤمنون يَجوزونها ويَدنون منها ويَمرّون بها، وهي تتأجّج وتتميّز وتتلمّظ، ويَرَون العتاة ينزعون فيقذفون فيها.
قال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ} لن يكونوا لوحدِهم، بل {وَالشَّيَاطِينَ} الذين هم قادتُهم، وبينهما صلة التّابع والمتبوع والقائد والمَقود، {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا}، جاثين على رُكَبِهم في ذلّ وفَزَع، {ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا}، فلا يُؤخذ أحدٌ جُزافاً من تلك الجُموع المتكاثفة، {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا}، ليكونوا طليعةَ المقذوفينَ فيها .
وبعد، فيأتي دور المؤمنينَ الذين سَبَقت لهم مِن الله الحُسنى، فيأتي زَرَافات منهم، يَمرّون بهذا المشهد الرهيب، فيُزَحزَحون عنها وفي منجاةٍ منها يَجوزونه {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا}، أي نجعلهم في منجاةٍ منه {وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}، أي نَدعهم جاثمين على رُكَبِهم على شفا جُرُفٍ هارٍ؛ لينهار بهم في نار جهنّم .
فقد كان المُراد بالورود هنا هو الإشراف عليها، كما في قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ}، وقوله: {فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ}، إذ ليس المُراد من الورود هنا الدّخول، بل الدنوّ والاقتراب. قال الراغب: الورود، أصله قَصْدُ الماء، ثُمّ يُستعمل في غيره قوله: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ}، أي قَصَدَه واقترب منه. والوارد: الذي يتقدّم القوم ليَرِد الماء ويَسقي لهم، قوله: {فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ}، أي ساقيهم من الماء المورود .
قال: ويقال لكلّ مَن يَرِد الماء وارد، وقوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}، ومنه: وَرَد ماءَ كذا أي حَضَره.
وفي أمثال العرب: "أنْ تَرِد الماء بماءٍ أكيس"، أي من الكياسة والاحتياط أنْ يكون واردُ الماء مُستَصحِباً مع شيء من الماء، ولعلّه يَرِد الماء فلا يجده.
قال زهير ـ شاعر الجاهليّة :
فـلمّا وَرَدْنَ الـماءَ زُرقـاً جِمامُهُ وَضَعنَ عِصِيَّ الحاضِر المُتَخيّمِ
أراد: فلمّا بَلَغْنَ الماء أَقَمْنَ عليه .
قال الزّجاج: والحُجّة القاطعة على أنّهم لا يَدخلونها هي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ} .
ولابن شهر آشوب توجيهٌ لطيفٌ، بإرجاع ضمير الخطاب إلى مُنكري الحشر على طريقة الالتفات.
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ حسن المصطفوي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الفيض الكاشاني
السيد جعفر مرتضى
الشيخ جعفر السبحاني
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
علماء يكتشفون أن الكافيين يُفعّل مفتاحًا خلويًّا قد يُبطئ الشيخوخة
أيها الشباب احذروا
التشاور مع الشباب
آيات الله في خلق الجبال (1)
معنى (عضد) في القرآن الكريم
الشّيخ صالح آل إبراهيم: إصلاح النّفس أساس كلّ تغيير إيجابيّ
(سباحة في بحر الوجود) جديد الكاتب فاضل الجميعي
(فنّ التّخطيط الإستراتيجيّ بعدسة هندسة الفكر) جديد الكاتب عبد المحسن صالح الخضر
تشخيص المجاز العقلي في القرآن وعند العرب
معنى قوله تعالى: ﴿فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي﴾