قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد حسين الطهراني
عن الكاتب :
عُرف بين الناس باسم العلامة الطهراني، عارف وفيلسوف، ومؤلف موسوعي، من مؤلفاته: دورة المعارف، ودورة العلوم، توفي عن عمر يناهز الواحد والسبعين من العمر، سنة 1416 هـ.

لا يطّلع على حقائق القرآن وتأويله إلّا أولياء الله

والسرّ في ذلك هو أنّ كلام الله لا يمكن فهمه إلّا للّه، ولا يدركه بأيّ وجه من الوجوه إلّا الأولياء المقرّبون الذين فنوا في ذاته القدسيّة؛ وتقصر أفكار علماء العالم ومفكّريه - مهما حلّقت بنات أفكارهم - عن الرقيّ إلى ذروته المتسامية، لأنّهم لم يتخطّوا بعدُ حاجز العلوم التجريبيّة ولا يزالون أسرى سجن الحسّ والطبيعة، فهم لا يطالون سموّه.

 

أولياء الله ومقرّبو الحريم الإلهيّ هم وحدهم الذين يطلّعون على حقائق القرآن وتأويله، لاتّصال وجودهم بوجود الحقّ تعالى وفناء علومهم في علم ذاته الأحديّة.

 

(وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِين)َ. (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ). «1»

 

فسيَفْهم هؤلاء المتمرّدون والمكذّبون أنّ القرآن كلام الله عزّ وجلّ عندما يأتيهم تأويله، أي حين يعبرون علوم الحسّ ويدركون الكلّيّات. «2»

 

فهم لم يعدّوا أنفسهم لتلقّي هذا المعنى في هذه الدنيا، ولهذا فبعد ارتحالهم من الدنيا ونسيانهم العلوم المادّيّة سيفهمون أنّ آيات القرآن كانت كلّها حقّاً، وكانت كلّيّة غير جزئيّة، لكن فهمهم لن يضيرهم في تلك الحال ولن ينفعهم شيئاً.

 

فليس هذا الكلام من عند رسول الله قد أعدّه ونطق به عن هوى نفسٍ، بل هو الوحي السماويّ قد أوحاه إليه الرسول الإلهيّ. جبرائيل ذو القوى الشديدة والشوكة.

 

(وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) . «3»

 

(فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ، وَما لا تُبْصِرُونَ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ، وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ، وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ، لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ، وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ، وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ، وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ، وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ، فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ). «4»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1 ) - الآيات 37 إلى 39 ، من السورة . الحاقه .

( 2 ) - أراد يعقوب بن إسحاق الكنديّ الفيلسوف أن يكتب كتاباً في ردّ القرآن ، فأرسل إليه الإمام الحسن العسكريّ عليه ‌السلام أحد تلامذته ليسأله عن القرآن ثمّ يقول له . إن أتاك هذا المتكلّم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلّم به منه غير المعاني التي قد ظننتها أنّك ذهبتَ إليها ؟ فما يدريك لعلّه قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه فتكون واضعاً لغير معانيه . فأصغى له هذا الرجل الحكيم ثمّ قبل وصدّق ، فانصرف عمّا كان يراه .

( 3 ) - الآيات 3 إلى 5 ، من السورة 53 . النجم .

( 4 ) - الآيات 38 إلى 52 ، من السورة 69 . الحاقّة .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد