قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الأستاذ عبد الوهاب حسين
عن الكاتب :
من مواليد ١٩٥٤م، مفكر إسلامي، ترأس جمعية التوعية الاسلامية، وساهم في كتابة النظام الداخلي لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية والمجلس الإسلامي العلمائي في البحرين، ثم أسس تيار الوفاء الإسلامي.rnله عدة مؤلفات ومقالات منشورة، منها:rn- الإنسان رؤية قرآنيةrn- في رحاب أهل البيتrn- الدولة والحكومةrn- تفسير سورة الضحى

إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا

(إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا). (آل عمران 93)

 

المنادي: هو الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، والتنوين في اللفظ يدل على التفخيم، أي منادياً عظيم الشأن. وتقول نادى محمد علياً: أي دعاه بصوت مرتفع.

 

ولهذه الفقرة من الآية الشريفة المباركة عدة دلالات، أذكر منها التالي:

 

الدلالة الأولى: كمال اعتناء المنادي بشأن الدعوة، والمبالغة في الحرص على إيصالها إلى الناس كافة بوضوح تام، والتأكد من السماع ووصول الرسالة بتفاصيلها الصحيحة.

 

الدلالة الثانية: الإخلاص في حمل أمانة التبليغ، والجد في القيام بالمهمة، وهذه من الصفات التي يتصف بها أولو الألباب في المهام التي تسند إليهم.

 

الدلالة الثالثة: الحرص على إيصال الرسالة بنفسه، وعدم الاعتماد على غيره في التبليغ. وهنا قصة مهمة أرى من المفيد ذكرها، وهي:

 

في شهر ذي الحجة من السنة التاسعة الهجرية، أنزل الله سبحانه وتعالى الآيات الأولى من سورة براءة، وبعث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر ليشرف على الحج في ذلك العام وحمّله مسؤولية تبليغ آيات براءة إلى الناس، ثم نزل الوحي على الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يأمره بأن يرسل علياً عليه السلام مكان أبي بكر ليبلغ بآيات براءة، وقال له الوحي: {لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك}.

 

فأرسل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم علياً عليه السلام وأمره أن يأخذ الآيات من أبي بكر ويؤديها بنفسه، فخرج علي عليه السلام ولحق بأبي بكر وهو بذي الحليفة، وهو الميقات الذي يعرف اليوم بمسجد الشجرة، فأخذ منه الآيات ورجع أبو بكر إلى المدينة، وذهب إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم خائفاً أن يكون قد نزل فيه شيء من القرآن يغضب الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله أنزل في شيء؟

 

فقال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: لا ولكن أمرت أن أبلغها أنا أو رجل مني.

 

وفي رواية: “لا يؤديها إلا أنا أو رجل مني”.

 

وفي رواية ثالثة “لا يبلغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي”.

 

وفي رواية رابعة “لا يذهب بها إلا أنا أو رجل مني وأنا منه”.

 

ومضى علي بن أبي طالب عليه السلام إلى مكة، وفي اليوم العاشر من ذي الحجة، قرأ على الناس الآيات الأولى من سورة براءة، ونادى في الناس: أن لا يدخل مكة مشرك بعد عامه هذا، ولا يطوف في البيت عريان، ولا تدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد فعهده إلى مدته.

 

وفي الحقيقة: فإن مضمون: “لا يؤديها إلا أنا أو رجل مني” أو ما في معناه، هو عينه المضمون الذي يؤديه حديث الثقلين المتواتر في مدرسة الخلفاء وفي مدرسة أهل البيت عليهم السلام، وقد روي حديث تبليغ آيات سورة براءة في كتب المدرستين أيضاً.

 

الدلالة الرابعة: حضور صورة المنادي بصفاته الحقيقة عند أولي الألباب، وإيمانهم الواعي بصدق رسالته على أساس تلك الصفات وعلى أساس مضمون الرسالة التي يدعو إليها.

 

بعد ذلك هناك الإيمان بالتوحيد {أن آمنوا بربكم}.

 

ويلاحظ في المقام الانتقال من العام (ينادي للإيمان – عموم الإيمان) إلى الخاص {أن آمنوا بربكم}، ولهذا الانتقال عدة دلالات أذكر منها التالي:

 

الدلالة الأولى: الإشارة إلى الصلة بين الإيمان بالرب والحصول على الكمال الإنساني وتحقيق غاية الوجود، وهي من المسائل المهمة جداً في تفكير أولي الألباب..

 

الدلالة الثانية: الإشارة إلى وجوب الطاعة، لأنها من شؤون الخضوع إلى التدبير الربوبي الحكيم، والحصول على الكمال وتحقيق غاية الوجود.

 

الدلالة الثالثة: الإشارة إلى عظمة الموضوع المتعلق بالإيمان.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد