في حقبة الحداثة الفائضة التي نشهد وقائعها اليوم، سنجد كيف تهافَتَ التأويلُ العقلانيّ لتصيرَ معه صورة الإنسان الحديث أقربَ إلى وجهٍ مشوَّهٍ وسط َلوحةٍ سيرياليّةٍ تعكس السخط على الذات وعلى العالم معاً. ففي عصر التقنية الجائرة ستتخذ المجتمعات المعاصرة سبيلها إلى انزلاقات باتت معها أدنى إلى أوعية متّصلة عصيَّة على فهمِ راهنِها والمقبلِ من أيامها.
لا شيء في عالم المفاهيم إلا وله حجَّةٌ وغاية. والذين يساجلون في تبرئةِ المفهوم من التحيُّز، ربما يغفلون، بدراية أو من دون دراية، عن النتائج المترتِّبة على آليات استخدامه. ففي حقل الاستخدام يَبينُ على نحو لا يقبل الرَّيْب، ما إذا كان هذا المفهوم أو ذاك محايداً، أو أنه مجرد ذريعة لإضفاء المشروعية على هوية المتحيِّز ونظامه القيمَي.
أخذ هيغل عن الأسلاف معثرته الكبرى. فكان بذلك أرسطياً بقدر ما كان ديكارتياً وكانطياً في تمارينه الفلسفيَّة. من بعدِ ما أضناه مبحثُ الوجود بذاته سيعرض هيغل عن ورطته اللاهوتيَّة ليحكم على الوجود بالخلاء المشوب بالعدم. فلا وجود عنده إلا ما هو ظاهرٌ وواقعٌ تحت مرمى الأعين. وفي هذا لم يأتِ بجديد يَفْرُق بينه وبين السلف. ليس ثمة على ما يبدو من مائز جوهري بينه وبينهم. أخذ عنهم دربتهم ثم عكف على مجاوزتهم حتّى اختلط الأمر عليه حدّ الشبهة.
شعر وهو يمضي في المخاطرة كأنما امتلك عقلاً حراً، بعدما ظن أنه تحرَّر تماماً من رياضيات ديكارت. راح يرنو إلى الإمساك بناصيتها ليدفعها نحو منقلب آخر. لكن حين انصرف إلى مبتغاه لم يكن يتخيل أن (الكوجيتو الديكارتي) رَكَزَ في قرارة نفسه ولن يفارقها قط. ربما غاب عنه يومئذٍ أن تخلِّيه عن منهج ديكارت الرياضي لن ينجيه من سطوة (الأنا أفكر) ولو اصطنع لنفسه منهجاً آخر.
من أظهر السمات التي يمكن استخلاصها من اختبارات العقل الغربي، أنه صنع مدائن الحداثة ثم ما لبث حتى وقع في أسرها. كما لو أنه آنَسَ إلى صنعته حتى صارت له أدنى إلى كهوف ميتافيزيقيَّة مغلقة. ومع أن مساءلة الذات في التجربة التاريخيَّة للحداثة أنتجت تقليداً نقدياً طاول مجمل مواريثها الفكريَّة وأنماط حياتها
هذا هو رأي كانط الذي يُعتبر بداهةً من بين أشهر أربعة أو خمسة فلاسفة في تاريخ الغرب الحديث. سوى أنّ الأمر لم يقتصر عليه أو على من وافقوه على مدرسته من بعد، بل ثمّة من يؤيّد هذا الرأي من المعاصرين الذين يجهرون بعدم وجود فلسفةٍ غير غربيّةٍ، وأنّ الموروث الفكريّ لتلك الشعوب إنّما هو محض صدفةٍ تاريخيّة.
من مفارقات فكر ديكارت أنّه كان ناطقًا باسم الجديد ومتمثِّلًا للقديم في الآن عينه. ولـمّا رغب أن يبدأ من جديد، ويشيّد الفلسفة على أساسٍ متينٍ، كانت جذوره عميقةً وراسخةً في التّقليد الفلسفيّ للَّاهوت المسيحيّ. وحقيقة الأمر، أنّ ديكارت لم يكن لينأى قيد أنملةٍ من شريعة الإغريق، وهو يستغرق هموم “الكوجيتو”.
لو كان من مُراجَعةٍ تقويميّة لصورة الغرب الحديث، سواء لجهة رؤيته لذاته أم للآخر، لكانت اللّحظة التاريخيّة الرّاهنة هي الأكثر تناسُباً ومُقتضيات هذه المهمّة. ومن مُعايَنةٍ إجماليّة لتلك الصورة، سنتبيَّن مدى ما وصلتْ إليه النّزعة الاستعلائيّة وإنكار الآخر في التفكير الغربيّ. أكثر من ذلك، فقد نتبيَّن مَشهداً يُرينا ضرباً من عقدة نفس/ حضاريّة بدا شفاؤها أدنى إلى المستحيل.
هذه التأويليّة المتقدّمة حيال الظاهراتيّة لدى هوسرل، لم تجد الأفق الذي يفتح على تحقيق حُلمه الكبير في إخراج العلوم الأوروبيّة من مأزقها الأنطولوجي. وما ذاك إلّا لإصراره على جعل الفينومينولوجيا علماً قائماً بذاته ومستقلاً عن كل المسلَّمات الميتافيزيقيّة. وهذا هو الأمر الذي سيؤدّي به -وبسبب “التقويس” أو “تعليق الحكم”- إلى المكوث مجدّداً في أرض الإغريق.
نَدَر أن سُئِلت الفلسفةُ عن الدّوافع التي جعلتها تميلُ إلى الاعتناء بظواهر الموجودات والإعراض عن الأصل الذي هو علّة إظهارها. قد تكون هذه الندرة عائدةً في الغالب إلى أنّ الفينومينولوجيا لم تكن سوى مركَّبٍ ميتافيزيقيٍّ اتّخذ مكانةً حاكمةً في تاريخ الميتافيزيقا.
متأخراً تساءل الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو عما إذا كانت الحداثة لا تزال تشكل امتداداً لعصر الأنوار، أو أنها أحدثت قطيعة أو انحرافاً عن المبادئ الأساسية للقرن الثامن عشر. وبشيء من المرارة، والسخرية أضاف: «لا أعرف إن كنّا سنصبح راشدين ذات يوم.. أشياء كثيرة في تجربتنا تؤكِّد لنا أن حادث «الأنوار» لم يجعل منّا راشدين، وأننا لم نصبح كذلك بعد»…
معنى (خشع) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (1)
الشيخ محمد صنقور
القلب يفكر مع العقل
عدنان الحاجي
مناجاة الذاكرين (3): آنسنا بالذّكر الخفيّ
الشيخ محمد مصباح يزدي
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ
الفيض الكاشاني
كيف تعامل أمير المؤمنين (ع) مع التاريخ في مجال تعليمه السياسي؟ (3)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
ضحكات المطر
حبيب المعاتيق
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
فريق بحث ينشر اكتشافًا رائدًا لتخليق الميثان
معنى (خشع) في القرآن الكريم
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (1)
التواصل الاجتماعي في حياتنا المعاصرة
القلب يفكر مع العقل
مناجاة الذاكرين (3): آنسنا بالذّكر الخفيّ
اختتام النّسخة الخامسة والعشرين من حملة التّبرّع بالدّم (ومن أحياها) بسيهات
كتاب جديد يوثّق تكريم الدّكتور علي الدّرورة في القطيف
العزة والذلة في القرآن الكريم
معنى (عيّ) في القرآن الكريم