
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
منطقة المستوى الصدغي (أو السطح الهلالي للعظم الجداري planum temporale) الممتد عبر كل من نصفي الدماغ، حجمها أكبر في نصف الدماغ الأيسر من حجمها في النصف الأيمن. وقد تم ربط هذه النتيجة في الستينيات من القرن الماضي بإيواء معالجة اللغة (1) في النصف الأيسر من الدماغ، ولكن اليوم يبين الباحثون الأوروبيون أن عدم التماثل هذا ليس علامة على تخصيص النصف الأيسر من الدماغ بأداء وظائف اللغة أكثر من النصف الأيمن لنا(2).
في عام 1968، عندما لم تكن هناك تقنيات لمراقبة طريقة عمل الدماغ في الوسط الحي in vivo، اكتشف طبيب المخ والأعصاب نورمان جيسكويند Norman Geschwind في الأشخاص المتوفين أن حجم منطقة في الفص الصدغي، المستوى الصدغي planum temporale، كان أكبر في النصف الأيسر من الدماغ من حجمه في النصف الأيمن(3). وكما هو الحال في معظم الناس، فإن معالجة اللغة تقع في نصف الأيسر من الدماغ، اقترح طبيب المخ والأعصاب أن عدم التماثل هو مؤشر على تخصيص هذا الجانب من الدماغ lateralization بهذه الوظيفة.
وبعد خمسين سنة تقريبًا، استخدم فريق من الباحثين من المشروع المتعدد التخصصات الأوروبي التصوير بالرنين المغناطيسي لدراسة مناطق الدماغ في الوسط الحي، ودحض تلك النظرية. عدم التماثل التشريحي(4) من حيث حجم المستوى الصدغي الذي يضم (يأوي) الوظائف السمعية ليست علامة على تخصيص نصف الدماغ الأيسر بوظائف اللغة.
في الدراسة(5)، الذي نشر في مجلة Brain Structure & Function شارك 287 من الراشدين (20 سنة وأكبر) من الذين يستخدمون اليد اليمنى واليد اليسرى. يقول ناتالي تزوريو مازوير Nathalie Tzourio-Mazoyer، رئيس مجموعة التصوير العصبي في معهد الأمراض العصبية التنكسية بجامعة بوردو الفرنسية: "إنها الدراسة الأولى التي استخدمت عينة كبيرة من الأفراد وشملت مجموعة كاملة من التباين اللغوي(6) الذي يجرى في الدماغ".
وعلى الرغم من أن نصف الدماغ الأيسر في معظم المشاركين كان متخصصًا في معالجة اللغة، إلا أنه وجد هذا مقلوبًا في أقلية من المشاركين، حيث كان الجانب الأيمن هو المسؤول عن هذه المهام.
كان على المشاركين جميعًا أداء العديد من المهام حينما كان الباحثون يقومون بتحليل نشاط الدماغ: حيث كان المشاركون يصفون إحدى الصور بجملة ويستمعون إلى عبارات وقوائم كلمات. لم يظهر أي منها أن هذه منطقة من النصف الأيسر من الدماغ كانت علامة على مهام متعلقة باللغة، ولكن كان هناك ارتباط محلي بين عدم التماثل التشريحي(4) وعدم التماثل الوظيفي أثناء المعالجة السمعية للكلام.
إن عدم تماثل حجم نصف الدماغ الأيسر الأكبر ليس علامة على تخصيص الجانب الأيسر من الدماغ لوظائف اللغة عند البشر.
"وتثبت هذه الدراسة أن عدم التماثل التشريحي من حيث الحجم اتجاه اليسار في الدماغ ليس علامة على التخصيص الجانبي اتجاه اليسار لوظائف اللغة في البشر"، كما يخلص له الباحث.
معضلة اللغة
في عدد قليل من المشاركين الذين عالجوا اللغة بنصف الدماغ الأيمن، كانت النتائج هي نفسها، وليست مقلوبة كما هو متوقع، مما يعزز فرضية الباحثين.
"وتثبت نتائج الدراسة أن المستوى الصدغي لا يفسر التباين الفردي لنطاق اللغة [التكلم والاستماع والقراءة والكتابة(7)] النادر ولكنه القوي الموجود في البشر، وبالتالي، لا يمكن اعتبارها علامة على عدم التماثل اللغوي على المستوى الفردي"، كما أكد الباحثون ذلك.
ويحاول المشروع الأوروبي المتعدد التخصصات والذي تهدف الدراسة فيه إلى تقديم إجابات عن هذه الأسئلة وغيرها من المسائل المتعلقة بتخصيص الجانب الأيسر من الدماغ للغة، وهي عملية تتطور حتى بلوغ الفرد سن 11 سنة.
ـــــــــــــــــ
مصادر من داخل النص وخارجه
1- "معالجة اللغة إلى الطريقة التي يستخدم بها البشر الكلمات للتعبير عن الأفكار والمشاعر، وعن كيفية معالجة هذه الرسائل وفهمها. تُعتبر معالجة اللغة قدرةً فريدة خاصة بالبشر لا يمكن إنتاجها بنفس الفهم القواعدي (النحوي) أو النظام حتى لدى أقرب أقارب البشر من الرئيسيات". مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/معالجة_اللغة_في_الدماغ
2- http://https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5659218/
3- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/5657070/
4- https://link.springer.com/referenceworkentry/10.1007/978-3-319-47829-6_1393-1
5- https://link.springer.com/article/10.1007/s00429-017-1551-7
6- "التباين متأصل في اللغة: يستخدم المتحدث الواحد أشكالًا لغوية مختلفة في مناسبات مختلفة، ومتحدثون بنفس اللغة سيعبرون عن نفس المعاني باستخدام أشكال مختلفة من اللغة: النطق وتشكل الحلمات (الصرف) والنحو بناءً على عوامل غير لسانية ومنها خبار المتحدث وعلاقته بالمستمعين والظروف المحيطة بإنتاج الكلام والدوموغرافبا". ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://www.thoughtco.com/what-is-linguistic-variation-1691242
المصدر الرئيس
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (3)
محمود حيدر
مناجاة الذاكرين (8): اذكروني أذكركم
الشيخ محمد مصباح يزدي
معنى (ودق) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
هل قاتلت الملائكة؟
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
ما الذي يهمّ أنت أم أنا؟ يتذكر الأطفال ما هو مهم للآخرين
عدنان الحاجي
بين الأمل والاسترسال به (1)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
الشيخ محمد صنقور
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
الإمام الهادي: غربة على شفير السّمّ
حسين حسن آل جامع
سيّد النّدى والشّعر
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
محاضرة بعنوان: (الفلسفة بين اليوميّ واللايوميّ) للباحث عبدالله الهميلي
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (3)
مناجاة الذاكرين (8): اذكروني أذكركم
سياسة المتوكل مع الإمام الهادي (ع) (3)
معنى (ودق) في القرآن الكريم
هل قاتلت الملائكة؟
أهمّ عشرة اكتشافات علمية في الفيزياء لعام 2025
تزكية النّفس أوليّة مقدّمة على كلّ شيء
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (2)
مناجاة الذاكرين (7): أستغفرك من كلّ لذّة بغير ذكرك