قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد حسين الطبطبائي
عن الكاتب :
مفسر للقرآن،علامة، فيلسوف عارف، مفكر عظيم

اهتمام المسلمين بالقرآن

إن الآيات والسور كانت موزعة عند المسلمين قبل الجمع الأول والثاني، وكانوا يهتمون بشأنها بالغ الاهتمام. وبالإضافة إلى هذا كان جماعة من الصحابة والتابعين من القراء وجمع القرآن تم بحضور هؤلاء وهم كلهم قد قبلوا المصحف إلى وضع تحت تصرفهم واستنسخوا بلا رد ولا إيراد.

 

وحتى في الجمع الثاني (جمع عثمان) أرادوا حذف الواو من آية (والذين يكنزون الذهب والفضة) (1) فمنعوهم من هذا وهددهم أبي بن كعب الصحابي بإعمال السيف لو لم يثبتوا الواو فأثبتوها (2).

 

قرأ الخليفة الثاني (3) في أيام خلافته جملة (والذين اتبعوهم بإحسان) من آية (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان) (4) بدون واو العطف فخاصموه حتى ألزموه بقراءتها مع الواو.

 

والإمام أمير المؤمنين عليه السلام بالرغم من أنه كان أول من جمع القرآن على ترتيب النزول وردّوا جمعه ولم يشركوه في الجمع الأول والثاني، مع هذا لم يبد أية مخالفة أو معارضة وقبل المصحف ولم يقل شيئًا عن هذا الموضوع حتى في أيام خلافته.

 

وهكذا أئمة أهل البيت عليهم السلام أولاد عليّ وخلفاؤه لم يخالفوا في الموضوع ولم يقولوا شيئًا حتى لأخص أصحابهم، بل كانوا دائمًا يستشهدون بما في هذا المصحف ويأمرون الشيعة بالقراءة كما يقرأ الناس (5).

 

ويمكننا القول بجرأة إن سكوت علي عليه السلام الذي كان مصحفه يخالف في الترتيب المصحف المنتشر، كان لأن ترتيب النزول لم يكن ذا أهمية في تفسير القرآن بالقرآن الذي يهتم به أهل البيت عليهم السلام، بل المهم فيه هو ملاحظة مجموع الآيات ومقارنة بعضها ببعض، لأن القرآن الذي هو الكتاب الدائم لكل الأزمان والعصور والأقوام والشعوب لا يمكن حصر مقاصده في خصوصية زمنية أو مكانية أو حوادث النزول وأشباهها.

 

نعم، بمعرفة هذه الخصوصيات يمكن استفادة بعض الفوائد كالعلم بتاريخ ظهور بعض المعارف والأحكام والقصص التي كانت مقارنة لنزول الآيات، وهكذا معرفة كيفية تقدم الدعوة الإسلامية في ثلاث وعشرين سنة وأمثالها.. ولكن المحافظة على الوحدة الإسلامية التي كانت الهدف الدائم لأهل البيت هي أهم من هذه الفوائد الجزئية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة التوبة: 34.

(2) الدر المنثور 3 / 232.

(3) الدر المنثور 3 / 369.

(4) سورة التوبة: 100.

(5) الوافي 5 / 273.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد