
الشيخ مرتضى الباشا
ما هو الجدال المنهي عنه؟ وما معنى الجدال بالتي هي أحسن؟
النقطة الأولى: ذكر (الجدال بالتي هي أحسن) مرتين في القرآن الكريم:
1- قال الله تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (سورة النحل 125).
2- 2-وقال عزّ وجلّ {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (سورة العنْكبوت 46).
النقطة الثانية: نسبة من الاحتجاجات التي حكاها القرآن الكريم عن الأنبياء مع أقوامهم؛ تندرج تحت عنوان الجدال بالتي هي أحسن.
وكذلك نسبة من الاحتجاجات التي وقعت بين أهل البيت عليهم السلام وغيرهم، ويمكنك الرجوع في ذلك إلى كتاب (الاحتجاج) للشيخ الطبرسي قدس سره.
النقطة الثالثة: حتى يكون الجدال بالتي هي أحسن، يجب أن تتوفر صفات في (المجادل) وفي (الأهداف) وفي(الأسلوب). أ- مهارة المجادل نفسه:
يروى أن أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام يلقب ب " الطيار " ويدعى (حمزة بن محمد) جاء إلى الإمام الصادق عليه السلام وقال له: " بلغني أنك كرهت مناظرة الناس " فإجابة الإمام عليه السلام بقوله: " أما مثلك فلا يكره، من إذا طار يحسن أن يقع، وإن وقع يحسن أن يطير، فمن كان هذا لا نكرهه "([1]).
ب- الأهداف من الجدال:
الجدال الممدوح إنما هو لطلب الحق والهداية للجميع (لك- وللخصم- وللمستمعين).
وفي مقابله الجدال المذموم:
1- بأن يكون لأجل المغالبة، وإظهار القدرة، والمفاخرة.
2- أو لأجل جلب قلوب الضعفاء من الناس، ونيل الشهوات.
3- أو إطفاء نائرة الغضب، وتشفّي النفس.
ج- أسلوب الجدال:
1- الجدال بالحسنى يكون بالحجة والدليل، في أسلوب مبشّر غير منفر، في لين وسكينة ورفق. أما الخشونة في البحث، وتحقير الطرف المقابل، والإزراء بالخصم وبما يقدّسه من الاعتقاد والسب والشتم، وإظهار التكبر والغرور، وعدم احترام أفكار الآخرين، فكلها أمور سيئة لها عواقب وخيمة.
كما يجب عدم الرد بالمثل حيال المساوئ والأحقاد التي قد تطفح من الخصم، بل يجب سلوك طريق الرأفة والحب والعفو ما استطاع الإنسان إلى ذلك سبيلاً، إذ أنّ الرد بهذا الأسلوب الودود يؤثر كثيرًا في تليين قلوب الأعداء المعاندين.
ومن ألطف المجادلات ما ذكرته الآية الكريمة {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} حيث رخّص في المجادلة بالتي هي أحسن، ثم أتى بمثال ونموذج:
أولاً: من حيث البيان فلم يهاجمهم بألفاظ قاسية منفّرة.
وثانيًا: إظهار الإيمان بالنبي صلو الله عليه وآله الذي يعتقدون به، مع الإيمان بما أنزل إليهم.
وثالثًا: التركيز على الجامع المشترك الأهم، وهو الإله الواحد، والتعقيب بقوله {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.
2- ينبغي عدم الإصرار على الطرف المقابل بقبول الكلام على أنه هو الحق، بل على المجادل إذا استطاع أن يجعل الطرف المقابل يعتقد بأنه هو الذي توصل إلى هذه النتيجة، وهذا الأسلوب سيكون أكثر تأثيرًا.
بعبارة أخرى: من المفيد للطرف المقابل أن يعتقد بأن النتيجة أو الفكرة نابعة من أعماقه وهي جزء من روحه، كي يتمسك بها أكثر ويذعن لها بشكل كامل. وقد يكون هذا الأمر هو سر ذكر القرآن للحقائق المهمة كالتوحيد ونفي الشرك وغير ذلك على شكل استفهام، أو أنه بعد أن ينتهي من استعراض وذكر أدلة التوحيد يقول: أإله مع الله.
3- الأسلوب الواضح في بيان الفكرة، وفي الاستدلال عليها، بلا تعقيد وتكلّف، وبلا لف ولا دوران.
4- إنصاف المناظر في إعطائه وقته وعدم مقاطعته، والاستماع إلى ما يريد، والاعتراف له بما هو محق فيه. مثلاً: عندما يتحدث القرآن عن مساوئ الخمر والقمار، فهو لا يتجاهل المنافع الثانوية المادية والاقتصادية التي يمكن أن يحصل عليها البعض منهما. إن هذا الطراز من الحديث يحمل آثارا إيجابية كبيرة على المستمع.
النقطة الرابعة: اتضح مما تقدّم أن الجدال مراتب متفاوتة، كلما اجتمعت الشروط السابقة وزادت، كلما زادت جودة وحسن ذلك الجدال، والعكس صحيح.
النقطة الخامسة: من أمثلة الجدال المذموم، المنهي عنه:
1- يورد عليك الخصم باطلاً، فلا تردّ باطله بحجة صحيحة، ولكن تجحد قوله فقط.
2- يريد الخصم المبطل أن يستعين بحق (كمقدّمة) في إثبات باطله، وأنت لا تعرف كيفية الإجابة على استدلاله، فتجحد أنت ذلك الحق لئلا تلزمك الحجة.
ـــــــــ
([1]) انظر: بحار الأنوار 2: 136.
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (1)
إيمان شمس الدين
الموعظة بالتاريخ
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
كلام عن إصابة العين (1)
الشيخ محمد هادي معرفة
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم (1)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (7)
محمود حيدر
مجلس أخلاق
الشيخ حسين مظاهري
معنى (كتب) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
ما الحيلة مع أقاويل النّاس؟
الشيخ علي رضا بناهيان
مناجاة الزاهدين(5): وَتَوَلَّ أُمُورَنَا بِحُسْنِ كِفَايَتِكَ
الشيخ محمد مصباح يزدي
أمّ البنين: ملاذ قلوب المشتاقين
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (1)
شعراء خيمة المتنبّي في الأحساء في ضيافة صالون قبس في القاهرة
(الثّقافة للشّباب) جديد الكاتب مهدي جعفر صليل
العدد الأربعون من مجلّة الاستغراب
الموعظة بالتاريخ
كلام عن إصابة العين (1)
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم (1)
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (7)
التحوّل التعليميّ في عصر الذكاء الاصطناعيّ
مجلس أخلاق