تدلّ بعض النصوص على أن هذا أو ذاك من شهداء الثورة الحسينية كان من الشبان كالذي نستفيده بالنسبة إلى عبيد الله وعبد الله ابني يزيد ومن أشبه حالهما، أو تدل على أنه كان من الشيوخ كالذي نستفيده بالنسبة إلى الصحابة ومن عاصرهم كمسلم بن عوسجة وأنس بن الحارث الكاهلي ومن أشبه حالهما.
ولكننا لا نستطيع في هذه المرحلة من البحث أن نحصل على رؤية كاملة وتفصيلية لحال كل واحد من الثوار في كربلاء من حيث مرحلة العمر التي كان فيها عندما التزم بالثورة.
وهذه الصعوبة بالذات تواجهنا أيضًا بالنسبة إلى جمهور الثورة الكبير الذي بايع مسلم بن عقيل في الكوفة، فما نسبة الشيوخ فيه وما نسبة الشبان؟.
إن نص أبي مخنف الذي يصور كيف تفرق الناس عن مسلم بن عقيل حين بدأ تحركه في الكوفة بعد القبض على هاني بن عروة، وهو قوله: (.. إن المرأة كانت تأتي ابنها أو أخاها فتقول: انصرف، الناس يكفونك، ويجيء الرجل إلى ابنه أو أخيه، فيقول: غدًا يأتيك أهل الشام، فما تصنع بالحرب والشر..؟) (1).
إن هذا النص، وهو يصور هذا الموقف الانهزامي من تحرك مسلم بن عقيل، يوحي إلى الباحث المتأمل أن نسبة عالية من المقاتلين الذين نهضوا مع مسلم بن عقيل كانوا من الشبان، ففيهم الأبناء والأخوة، وليس فيهم الآباء والأزواج.
إننا نعترف بأن هذه الدلالة ليست قاطعة، ولكنها تجعلنا نميل إلى ترجيح ما تقضي به طبيعة الأشياء، وهو أن إرادة التغيير غالبًا ما توجد في نفوس الشبان دون الشيوخ الذين يميل غالبهم إلى المحافظة، وإيثار حالة الاستقرار.
إلا أننا في حالتنا هذه (الثورة الحسينية) نواجه عاملاً استثنائيًّا يرجح أن تكون الاستجابات للثورة - في الكوفة بوجه خاص - قد حدثت بنسبة عالية بين الشيوخ وكبار السن، فهؤلاء قد خبروا بأنفسهم أسلوب الإمام علي عليه السلام في الحكم وسياسة الناس وتوزيع الأموال، وخبروا من بعده بأنفسهم أيضًا أسلوب معاوية في الحكم وسياسة الناس، وسياسته في الأموال، ورأوا ما بينهما من فروق كبيرة، وهم، مع هذه الخبرة المباشرة بهذين الأسلوبين في الحكم، يعرفون تجاوز معاوية لكثير من أحكام الإسلام ووصاياه، فهم بحكم هذه الخبرة وهذه المعرفة مؤهلون لأن يفهموا ثورة الحسين، ويتجاوبوا معها أكثر من جيل الشبان الذين لم يعرفوا إلا عهد معاوية، ولم يعانوا إلا وجهًا واحدًا من التجربة هو سياسة معاوية فيهم، وفي بلدهم، ولا يعرفون من الوجه الآخر إلا أقاصيص، وهم، بعد أقل وعيًا لمبادئ الإسلام، وأقلّ صلة بها من آبائهم.
ولكن ألا تكون رغبة الشيوخ الطبيعية في الدعة والهدوء أقوى من وعيهم لضرورة التغيير نتيجة لتجربتهم مع علي ومع معاوية؟. ثم من أين لنا أن نقول: إن هؤلاء الشيوخ أكثر وعيًا من الجيل الجديد لمبادئ الإسلام؟
إن غالب هؤلاء كانوا أعرابًا نشأوا في البادية، وجاءت بهم الفتوح إلى الأمصار الجديدة، وتولى تعليمهم هؤلاء الصحابة الذين كانوا يرافقون الجيوش غازين ومعلمين، فجيل الشيوخ في سنة ستين للهجرة يغلب عليه كونه على معرفة محدودة بالإسلام ومثله وأخلاقياته العالية – هذا إذا استثنينا العبادات وما إليها - ، أما جيل الشبان فقد نشأ في هذه الأمصار في بيوت مسلمة، وكان يتلقى في الجمعات وفي حلق المساجد تعاليم الإسلام فيتلقاها في أذهان ونفوس بريئة من رواسب الجاهلية إلى حد بعيد - إلا ما اكتسبه من جيل الشيوخ - فهو أفضل إسلامًا من آبائه بلا شك، وهو لذلك أكثر قدرة على وعي المبررات الإسلامية لثورة الحسين، وهو أكثر قدرة على الرفض وعلى الحسم، ومن ثم فهو مؤهل أان يكون جمهور الثورة.
إننا نرجح أن يكون عنصر الشبان في الثوار هو العنصر الغالب. والمسألة، بعد، بحاجة إلى درس أوفى على ضوء النصوص الأساسية والمساعدة، إن وجدت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الطبري 5 / 371.
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
السيد عبد الأعلى السبزواري
حيدر حب الله
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ جعفر السبحاني
السيد منير الخباز القطيفي
زهراء الشوكان
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
حبيب شيخ الأنصار
البكاء على الإمام عليه السلام يحيي النفوس
لو بيدي يا حسين
اسم الله عليهم
الشبان والشيوخ في الثّورة الحسينيّة (ع)
البكاء على الحسين (ع) ودوره في إحياء الأمة (3)
هاجس الحرّ
حبيب بن مظاهر: الشّيخ الشّهيد
التوهّم الباطل بالانتصار وسحق الدّين بقتل أهله
معنى: أنّ الحسين (ع) وارث رسالات الأنبياء