الشيخ علي الكوراني
توجد ثلاث طرق لمعرفة الله تعالى والمعرفة الإنسانية عموماً:
طريق الكشف الذاتي
فإن خاصة أولياء الله تعالى يعرفونه به: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ (1).
وفي دعاء أمير المؤمنين عليه السلام: (يا من دلَّ على ذاته بذاته) (2). وفي دعاء الإمام الحسين عليه السلام: (متى غبتَ حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك، ومتى بَعُدْتَ حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟! عَمِيَتْ عينٌ لا تراك عليها رقيباً) (3).
وفي دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام: (بك عرفتُك وأنت دللتني عليك ودعوتني اليك، ولولا أنت لم أدر ما أنت) (4).
دليل العِلِّيَّة
فكل إنسان إذا نظر إلى نفسه وما حوله، يدرك أن عدم وجود هذا الشئ أي شئ ليس محالاً، بل وجوده وعدمه ممكن، فذات الشئ لا تتضمن ضرورة وجوده أو ضرورة عدمه، وهو يحتاج إلى سبب من يوجده، وبما أن كل جزء من أجزاء العالم يحتاج إلى من يعطيه وجوده، فمن الذي أعطاه الوجود؟!
إن قيل إنه خلق نفسه، فيقال: إنه لا يتضمن وجود نفسه، فكيف يمكن أن يكون سبباً وفاقد الشئ لا يعطيه. وإن قيل أعطاه الوجود موجودٌ آخر مثله، يقال: هذا الآخر المماثل عاجزٌ عن إعطاء الوجود لنفسه أيضاً فكيف يعطي الوجود لغيره؟! وهذا الحكم يجري على كل جزء في العالم، فعندما نرى فضاء مضيئاً لا نور له من ذاته، نحكم بوجود مصدر لهذا النور يكون نوره بذاته لا بغيره، وإلا لكان أصلُ وجود فضاء منير مستحيلاً! لأن المظلم بنفسه محال أن يضئ نفسه، فضلاً عن أن يضئ غيره!
من هنا كان نفس وجود هذه الموجودات دليلاً على وجود مصدر لا يحتاج إلى غيره، وهو الدليل العلمي الذي قال عنه تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ (5).
وقد سأل رجل الإمام الرضا عليه السلام: (يا ابن رسول الله ما الدليل على حدوث العالم؟ فقال: أنت لم تكن ثم كنت، وقد علمت أنك لم تُكوِّنْ نفسك ولا كوَّنك من هو مثلك) (6).
دليل النظم الكوني
فكل ما في الكون مخلوق على قواعد وأصول بعلم وحكمة، من أصغر ذراته الى أكبر مجراته! ونأخذ مثالاً من النبات: فلو وجدت ورقة ملقاة في برية، مكتوباً عليها حروف الأبجدية مرتبةً من الألف إلى الياء، فإن ضميرك يشهد بأن كتابة هذه الحروف ناتجٌ عن فهم وإدراك. وإذا رأيت جملةً مؤلفةً من تلك الحروف والكلمات فستؤمن بعلم الكاتب، وتستدل بنظم الكلمات ودقتها على علمه وحكمته.
فهل أن تكوين نبتة في البرية من عناصرها الأولية، أقل من سطر في كتاب؟! فلماذا نستدل بالسطر على علم كاتبه، ولا نستدل بالنبتة على خالقها عز وجل؟!
فأي علم وحكمة أعطى الماء والتراب سراً يبعث الحبة من يبسها وموتها نباتاً حياً سوياً؟ وأعطى لجذرها قدرة تشق بها الأرض وتحصل على قوتها وغذائها في ظلمة الترا ، وهيأ في مائدة التراب الغنية أقوات النباتات والأشجار، كل يجد فيها غذاءه؟!
وأي قدرة وحكمة خلقت الجذور واعيةً لعملها، ضاربةً في أعماق التربة. والجذوع والفروع باسقةً الى أعلى الفضاء! يكافح كل منهما قانوناً يضاده ويمضي في مساره، هذه في الأعماق وهذه في الآفاق؟!
إن التأمل في شجرة واحدة وأنظمتها، من عروقها الى آلاف أوراقها، يبعث في الإنسان الدهشة والذهول أمام علم الخالق وقدرته اللامتناهية: ﴿أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾ (7) (8).
ـــــــــــــــــــــــــ
1. القرآن الكريم : سورة فصلت ( 41 ) ، الآية : 53 ، الصفحة : 482 .
2. البحار : 84 / 339 .
3. البحار : 64 / 142 .
4. البحار : 95 / 82 .
5. القرآن الكريم : سورة الطور ( 52 ) ، الآية : 35 ، الصفحة : 525 .
6. البحار : 3 / 36 .
7. القرآن الكريم : سورة النمل ( 27 ) ، الآية : 60 ، الصفحة : 382 .
8. راجع مقدمة منهاج الصالحين للوحيد الخراساني.
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
محمود حيدر
عدنان الحاجي
الشيخ باقر القرشي
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ جعفر السبحاني
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
المراد من العلم النافع
ما هي حقيقة الذكاء؟ وكيف نزيده قوّة؟
التنظير في أفقه العربي والإسلامي
محتوى الكلمات ينشط العمليات الدماغية في اللاوعي
زكي السالم: في المسابقات الشّعرية: موقفك من التّصويت بين الوجوب والتّفويت
وليد الكعبة
دنيا عليّ عليه السّلام (3)
ولولا أنت يا علي
لماذا ولد الإمام علي (ع) في الكعبة
لَا يَمَسُّهُ إلَّا المطَهَّرُونَ