قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عن الكاتب :
أحد مراجع التقليد الشيعة في إيران

المقصود من «القلب» في القرآن‌ الكريم

لماذا نسب إدراك الحقائق في القرآن إلى القلب، بينما القلب ليس بمركز للإدراك بل مضخة لدفع الدم إلى البدن؟!

 

الجواب على ذلك، أن القلب في القرآن له معان متعددة منها:

 

1- بمعنى العقل والإدراك كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ... ﴾ (1).

 

2- بمعنى الروح والنفس كقوله سبحانه: ﴿ ... وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ ... ﴾ (2).

 

3- بمعنى مركز العواطف، كقوله: ﴿ ... سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ... ﴾ (3)، وقوله: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ... ﴾ (4).

 

لمزيد من التوضيح نقول: في وجود الإنسان مركزان قويّان هما:

 

1- مركز الإدراك، ويتكون من الدماغ وجهاز الأعصاب. لذلك نشعر أننا نستقبل المسائل الفكرية بدماغنا حيث يتمّ تحليلها و تفسيرها. (وإن كان الدماغ والأعصاب في الواقع وسيلة وآلة للروح).

 

2- مركز العواطف، وهو عبارة عن هذا القلب الصنوبري الواقع في الجانب الأيسر من الصدر. والمسائل العاطفية تؤثر أول ما تؤثر على هذا المركز حيث تنقدح الشرارة الأولى.

 

حينما نواجه مصيبة فإننا نحسّ بثقلها على هذا القلب الصنوبري، وحينما يغمرنا الفرح فإننا نحسّ بالسرور والانشراح في هذا المركز (لا حظ بدقّة).

 

صحيح أن المركز الأصلي للإدراك والعواطف هو الروح والنفس الإنسانية، لكن المظاهر وردود الفعل الجسمية لها مختلفة. ردود فعل الفهم و الإدراك تظهر أولا في جهاز الدماغ، بينما ردود فعل القضايا العاطفية كالحب و البغض والخوف والسكينة والفرح والهمّ تظهر في القلب بشكل واضح، ويحسّها الإنسان في هذا الموضوع من الجسم.

 

ممّا تقدم نفهم سبب ارتباط المسائل العاطفية في القرآن بالقلب (العضو الصنوبري المخصوص)، وارتباط المسائل العقلية بالقلب (أي العقل أو الدماغ).

 

أضف إلى ما تقدم أنّ عضو القلب له دور مهم في حياة الإنسان وبقائه، وتوقفه لحظه يؤدي إلى الموت، فماذا يمنع أن تنسب النشاطات الفكرية والعاطفية إليه؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. القرآن الكريم: سورة ق (50)، الآية: 37، الصفحة: 520.

2. القرآن الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 10، الصفحة: 419.

3. القرآن الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 12، الصفحة: 178.

4. القرآن الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 159، الصفحة: 71.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد