فجر الجمعة

الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (7)

تحدّث سماحة الشيخ عبدالكريم الحبيل في خطبة له بعنوان: (القلب السليم في القرآن الكريم) بجزئها السابع عن الوجل من الله سبحانه وتعالى، وذلك 28 جمادى الأول 1446 ه في مسجد الخضر عليه السلام في جزيرة تاروت - الربيعية.

 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي له الشرف الأعلى، والأسماء الحسنى، والكبرياء، والآلاء، حمداً نبلغ به رضاه، ونؤدي به شكره، ونستوجب به المزيد من فضله.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له ما في السماوات وما في الأرض، وما بينهما، وما تحت الثرى. وأشهد أن حبيبه المجتبى، وأمينه المرتضى، المحمود الأحمد، المصطفى الأمجد، أبو القاسم محمد، صلى الله عليه وآله، عبده ورسوله. أرسله على حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الأمم، فأدى الأمانة، ونصح للأمة، وأوذي في جنب الله، وجاهد في سبيل الله، وعبد الله حتى أتاه اليقين. فصلى الله عليه وآله صلاة كثيرة، نامية، زاكية، متواصلة، لا ينقطع أولها ولا ينتهي آخرها.

عباد الله، أوصيكم ونفسي المقصّرة بتقوى الله، فإنها خلق الأنبياء. من اعتصم بها، فقد رزق خير الدنيا والآخرة. ومن فارقها هوى في مزالق اللذات والشهوات، ووقع في تيه السيئات، ولزمه كبائر الذنوب والتبعات.

ألا وإن أبلغ الحديث وعظة كتاب الله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا". جعلنا الله وإياكم من خيرة عباده المتقين الصالحين الفائزين. إنه سميع مجيب.

 

أيها الإخوة الكرام، والأخوات المؤمنات، ما زال حديثنا متواصلًا حول موضوعنا الذي عنوناه بعنوان: "القلب السليم في القرآن الكريم". روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أنه قال: "يا علي، ثلاث موبقات، وثلاث منجيات: فأما الموبقات فهي: هوىً متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه. وأما المنجيات فهي: العدل في الرضا والغضب، والقسط في الغنى والفقر، وخوف الله في السر والعلانية كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

 

محور حديثنا: الوجل من الله سبحانه وتعالى

في الجمعة الماضية تحدثنا عن الإخبات، وشرحنا معناه لغةً واصطلاحًا، واستعرضنا الآيات التي تناولته، ثم تطرقنا إلى معاني الإخبات في القرآن الكريم وصفات المخبتين وجزائهم عند الله. أما في هذه الجمعة المباركة، فسنتحدث عن صفة أخرى من صفات القلب السليم، وهي: الوجل من الله سبحانه وتعالى.

 

معنى الوجل

لغةً: استشعار الخوف.

في القرآن الكريم: مخافة القلوب من الله سبحانه وتعالى، علام الغيوب. قال تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ، وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ". وقال أيضًا: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ". حتى الملائكة وصفهم الله بالوجل، كما قال: "وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ".

 

أقسام الوجل

الخوف من عقاب الله:

يجب على المؤمن أن يخشى عقاب الله، فهو سبحانه الغفور الرحيم ولكنه شديد العقاب. قال تعالى: "نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ". ورد عن الإمام علي عليه السلام: "الخشية من عذاب الله شيمة المتقين". وأيضًا: "احذروا من الله ما حذّركم من نفسه، واخشوه خشيةً يظهر أثرها عليكم".

 

الخوف من عظمة الله وجلاله:

قلوب المؤمنين تخشى عظمة الله وجلاله، كما قال تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ". ورد عن النبي صلى الله عليه وآله: "رأس الحكمة مخافة الله". قال تعالى: "وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ".

 

مراتب الوجل عند الصالحين

تجلَّت عظمة الله على قلوب المؤمنين، فكانت سببًا لخشوعهم وصعقهم لجلال الله. في قصة موسى عليه السلام، قال تعالى: "فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا". كان أمير المؤمنين علي عليه السلام يصعق كل ليلة من جلال الله وعظمته. ورد عن الإمام الحسن عليه السلام أنه كان يرتعد عند الوضوء للصلاة. فإذا سئل عن ذلك قال: "إني أريد أن أناجي جبار السماوات والأرض".

 

إذاً، هناك نوعان من الوجل الذي ذُكر في القرآن الكريم:

وجل القلوب عند ذكر الله سبحانه وتعالى:  كما في قوله تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ". وأيضًا: "وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ".

وجل القلوب من قبول الأعمال: كما في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ".

 

معنى الوجل في الآيات

الوجل في الآية الثالثة يعني الحذر والخوف. المؤمنون يؤدون أعمالهم وعباداتهم - من صلاة، وزكاة، وخمس، وجهاد، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر - وهم في حالة حذر ووجل، يخشون أن لا تُقبل تلك الأعمال.

 

الحذر والوجل طريق إلى الإخلاص

هذا الحذر يجعل المؤمن يُخلص في عمله، لأنه يخشى أن يُردَّ عمله بسبب نقص في الإخلاص. المؤمن الذي يؤدي العمل وهو خائف من عدم القبول يسعى دائمًا إلى أن يكون عمله خالصًا لوجه الله سبحانه وتعالى، بعيدًا عن أي شائبة من رياء أو عجب. إذا شاب العمل شيء من الرياء أو العجب ولم يُقبل، يقع الإنسان في ندم عظيم.

 

العلماء الوجلين من الله

بعض العلماء الأبرار، رغم فضلهم ومكانتهم، كانوا يعيدون الصلاة فرادى بعد أن صلّوا بالناس صلاة الجماعة، مخافة أن يكون قد شابها شيء من العجب أو حب السمعة.

صلاة الجماعة فضلها عظيم، وصلاة الإمام الذي يؤم الناس فضلها أعظم، ومع ذلك كانوا يخشون أن لا تُقبل أعمالهم بسبب نقص في الإخلاص.

 

وصية السيد الخوئي قدس الله نفسه

المرجع الكبير السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره) أوصى في وصيته بأن تُقضى عنه جميع صلواته منذ بلوغه حتى وفاته. هذا يعكس حالة الحذر والخوف التي عاشها هؤلاء العلماء من أن تكون أعمالهم قد شابها نقص أو تقصير. المؤمن الوجل يكون دائمًا في حالة خشية من الله وحذر من عدم قبول عمله، وهذا الحذر يدفعه إلى الإخلاص التام والتوجه الصادق إلى الله سبحانه وتعالى.

 

الخطوات الموصلة إلى وجل القلوب

الإشفاق:

الإشفاق يعني الحذر والخوف الممزوج بالرحمة واليقظة، وهو حالة من حالات التقوى والإيمان. قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ". وقال أيضًا: "قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ. فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ". هذه الآيات تشير إلى أن المؤمنين يعيشون حالة من الإشفاق والحذر المستمر من عذاب الله، مما يدفعهم إلى التقوى والخشية.

 

الإشفاق كحالة من الإيمان:

الإشفاق هو مظهر من مظاهر الإيمان الصادق وحالة من حالات الورع. الورع يُعتبر منزلة أعلى من العدالة. العدل: هو الالتزام بعدم ارتكاب المحرمات وأداء الواجبات. الورع: هو اجتناب الشبهات، أي الابتعاد عما يثير الريبة والخوف من الوقوع في الحرام. ورد في الحديث الشريف: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". أي أن المؤمن الورع يترك ما فيه شبهة أو شك، متوجهًا نحو ما هو يقيني وبعيد عن الحرام.

 

الحذر من الوقوع في الشبهات:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه". هذا الحديث يؤكد أن الاقتراب من مناطق الشبهة قد يؤدي بالإنسان إلى الوقوع في المحرمات، ولذلك على المؤمن أن يتحلى بالحذر والإشفاق.

 

الفرق بين العدل والورع:

العدل: الالتزام الواضح والصريح بأداء الواجبات واجتناب المحرمات.

الورع: مستوى أعمق من الإيمان، يتطلب تجنب كل ما قد يثير الشك أو الريبة، حتى لو لم يكن محرمًا بوضوح.

الإشفاق والورع هما خطوات أساسية للوصول إلى وجل القلوب والخشية الحقيقية من الله سبحانه وتعالى.

 

الخطوة الثانية: تصديق بآيات الله سبحانه وتعالى

من الخطوات الموصلة إلى وجل القلوب تصديق الإنسان بآيات الله سبحانه وتعالى وبكلامه جل جلاله. قال تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ". الإيمان الحقيقي بآيات الله المقصود هنا هو الإيمان الحقيقي، الذي يكون مصحوبًا بالتصديق القلبي العميق، وليس مجرد الإقرار بأن الله سبحانه وتعالى أنزل هذه الآيات على نبيه المصطفى محمد صلى الله عليه وآله. الإيمان الحقيقي يعني أن تتفاعل النفس مع الآيات بصدق، بحيث يتأثر القلب وتترجم هذه التأثيرات إلى أفعال وسلوكيات.

 

أثر التصديق بآيات الله

عندما يقرأ المؤمن آيات الله بصدق وإيمان، فإنه: يوقن بأن وعد الله حق: عندما يقرأ قوله تعالى: "وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ". فإنه يؤمن بذلك يقينًا، ويشعر بالقوة والثقة بنصر الله. هذا التصديق يُعزز الشجاعة، والبسالة، والإقدام، والثقة بالله، والتوكل عليه.

يرى الحقائق رأي العين:

الإيمان الحقيقي يرتقي بالمؤمن إلى درجة يرى فيها وعد الله وكلامه رأي العين، وليس مجرد تلاوة عابرة. حينما يقرأ: "وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ". يؤمن بذلك حقًا وواقعًا، ويتصرف بناءً على هذا الإيمان، بثقة ويقين راسخين.

 

 

تصديق الآيات يولد وجل القلوب

هذا الإيمان العميق يجعل القلب وجلًا عند ذكر الله ولقائه، لأنه يوقن بعظمته وقدرته وعدله. كما قال تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ". الإيمان الحقيقي بآيات الله ليس مجرد تلاوة أو قراءة عابرة، بل هو تصديق قلبي عميق يؤثر في القلب والنفس، ويترجم إلى أفعال تمتلئ بالشجاعة والثقة بالله والتوكل عليه.

 

الخطوة الثالثة: الإخلاص

قال تعالى:"وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ". الإخلاص هو أن تكون جميع أعمال المؤمن خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى، لا يُشرك فيها أحدًا، ولا يسعى فيها لمدح الناس أو طلب دنيا. المخلصون لله يجعلون كل أعمالهم عبادة وطاعة لله، وهذا الإخلاص يورث في قلوبهم الوجل من الله سبحانه وتعالى. كذلك، فإن الوجل من الله سبحانه قد يكون سببًا للوصول إلى مقام الإخلاص، فيصبح الإنسان من عباد الله المخلصين.

 

الخطوة الرابعة: البذل والعطاء في سبيل الله

قال تعالى: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ". البذل والعطاء من أهم صفات القلوب الوجلة، حيث يجعل المؤمن كل ما يملكه في سبيل الله سبحانه وتعالى: نفسه: أغلى ما يملكه الإنسان، فيجعلها لله، مجاهدًا في سبيله. ماله: ينفقه في الطاعات والصدقات، مخلصًا لله وحده.

 

عطاؤهم وبذلهم نابع من خوفهم:

يخافون أن لا يُقبل منهم عملهم، فيبذلون المزيد، ويسعون لأن تكون أعمالهم خالصة لله. كما قال تعالى: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ".

 

ثمرات الإخلاص والبذل في سبيل الله

يوصلان الإنسان إلى مقام وجل القلوب، حيث يمتلئ القلب:

بمخافة الله سبحانه وتعالى.

بهيبة جلال الله وكبريائه وعظمته.

الوجل، الإخلاص، والبذل صفات مترابطة، تجعل المؤمن قريبًا من الله سبحانه، مخلصًا في عمله، واثقًا بعظيم أجره، حذرًا من تقصيره، ومؤمنًا بجلال الله وعدله.

 

الفرق بين الطمأنينة والوجل في القرآن الكريم

ورد في القرآن حالتان للقلوب عند ذكر الله:

الطمأنينة: قال تعالى:  "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ". الطمأنينة تعني: السكينة والاستقرار. راحة الصدور والنفوس. هذه الحالة تعبر عن الثقة والرجاء في الله سبحانه وتعالى، حيث يشعر المؤمن بنعيم الله ورحمته واطمئنانه بثوابه.

الوجل: قال تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ". الوجل يعني: ارتعاد القلوب. الشعور بالمهابة والخوف من الله سبحانه وتعالى. هذه الحالة تعكس الإشفاق والخوف من عظمة الله وعقابه، وحالة الحذر الدائم من التقصير في حقه.

 

حالتا الرغبة والرهبة عند المؤمن

المؤمن يعيش بين حالتين متكاملتين:

الرغبة (الرجاء): هي الحالة التي تطمئن فيها قلوب المؤمنين، نتيجة رجائهم في رحمة الله ونعيمه. قال تعالى: "وَكَانُوا يَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ".

الرهبة (الخوف): هي الحالة التي توجل فيها قلوبهم، نتيجة خشيتهم من عذاب الله ومن عظمة لقائه جل جلاله.

 

توازن الخوف والرجاء

يرى العرفاء، وعلى رأسهم الإمام الراحل (قدس سره)، أن أرقى مراتب العبادة هي أن يعبد الإنسان ربه على حالة بين الخوف والرجاء. قال الإمام الراحل: "إن أرقى ما يصل إليه العارف أن يعبد الله سبحانه وتعالى على حالة بين الخوف والرجاء".

الخوف: يجعل القلب وجلاً وخاشعًا، فيحذر المؤمن من التقصير.

الرجاء: يبعث الاطمئنان والسكينة في القلب، ويملؤه أملاً برحمة الله ونعيمه.

 

حالة القلب المؤمن بين الطمأنينة والوجل

حالة الطمأنينة: عندما يدرك المؤمن نعمة الله ورحمته، يشعر بالأمان والثقة.

حالة الوجل: عندما يستشعر المؤمن عظمة الله وكبرياءه، ترتعد القلوب خوفًا وإشفاقًا.

 

غاية المؤمن: الصعق من جلال الله

هذه الرحلة الإيمانية بين الطمأنينة والوجل تقود المؤمن إلى أرقى درجات العبودية: حيث يخشى عظمة الله إلى درجة "الصعق" الروحي، كما قال تعالى: "فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا". هذه الدرجة تُظهر تمام الخشية من الله، وتكشف عن قلوب امتلأت برهبة جلاله وعظمته.

 

الخلاصة:

المؤمن يعيش بين حالتين متكاملتين:

الطمأنينة في الرجاء برحمة الله.

الوجل في الخوف من عظمة الله وعقابه.

وهاتان الحالتان هما أساس السير والسلوك إلى الله، لتحقيق التوازن في العبادة والوصول إلى مرتبة القرب منه سبحانه وتعالى.

جعلنا الله وإياكم من خيرة عباده المتقين الصالحين، وثبّتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأوصلنا الله وإياكم إلى تلك المقامات السامية والمراتب العالية. إنه سميع مجيب.

ألا وإن أبلغ الحديث عظة كتاب الله. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا". وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد