علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
عدنان الحاجي
عن الكاتب :
من المترجمين المتمرسين بالأحساء بدأ الترجمة عام ٢٠١١، مطّلعٌ على ما ينشر بشكل يومي في الدوريات العلمية ومحاضر المؤتمرات العلمية التي تعقد دوريًّا في غير مكان، وهو يعمل دائمًا على ترجمة المفيد منها.

الأمراض العقلية لا تتوارث بالضرورة بين أفراد العائلة الممتدة

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

 

هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي جمعت بين العلاقات الأسرية متعددة الأجيال [العائلة الممتدة أو العائلة المتكونة من ثلاثة أجيال على الأقل من الأجداد والأبناء وأبنائهم (1)] وبيانات الأمراض العقلية [وتسمى أيضًا الأمراض النفسية (2)]. وتقدم هذه الدراسة رؤية فريدة عن مدى حدوث هذه الحالات المرضية داخل العائلات وبين مختلف فئات السكان. هذه الدراسة الشاملة [التي لا تترك جانبًا من جوانب المشارك في التجربة إلّا أخضعته للدراسة] يقف وراءها البروفيسور كارستن بوكر بيدرسن Carsten Bøcker Pedersen والبروفيسور إسبن أجربو Esben Agerbo.

 

من القناعات الشائعة أن الأمراض العقلية "تنتقل بالوراثة". ورغم أن للوراثة دورًا في ذلك، إلا أن الغالبية العظمى من حالات الأمراض العقلية  - مثل الفصام، والاضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب، واضطراب الشخصية الحدية - تحدث لدى أشخاص ليس لديهم أي استعداد وراثي (3) معروف.

 

هذه هي نتيجة دراسة جديدة ومهمة أجراها باحثون في المركز الدنماركي للأبحاث التي تستقي معلوماتها من السجلات [التي تحتفظ بها الحكومات أو المنظمات الأخرى التي يمكن إرجاعها إلى الأفراد] بجامعة آرهوس Aarhus الدنماركية، ونُشرت مؤخرًا في المجلة العلمية "لانسيت للطب النفسي (4)". تستند الدراسة إلى بيانات من أكثر من 3 ملايين دنماركي، ويأمل الباحثون أن تُسهم في تهدئة المخاوف والحد من الوصمة المرتبطة بهذه الأمراض العقلية.

 

"عادةً ما يراود الناس قلق بشأن ما يلاحظونه من إصابات بهذه الأمراض في أحد أفراد العائلة. قليلون هم من يخشون الإصابة بالفصام ما لم يكن لديهم قريب مصاب بهذه الحالة. لكن هذه الدراسة تُثبت بوضوح أننا جميعًا معرضون لاحتمال الإصابة بمرض نفسي [ما يعني أن سبب الأصابة ليس فقط وراثيًّا]"، بحسب البروفيسور كارستن بوكر بيدرسن Esben Agerbo، الذي شارك في تأليف الدراسة مع البروفيسور إسبن أجربو Esben Agerbo:

 

ويضيف قائلاً: "تسعة وثمانون بالمائة من الذين شُخِّصوا بالفصام ليس لديهم تاريخٌ إصابة بهذه الأمراض في أحد أفراد  العائلة. لذا فهو بعيدٌ كل البعد عن كونه حالةً تحدث في أفراد العائلة المصابة بها فقط".

 

نمطٌ مماثلٌ لوحظ أيضًا في اضطراب الاكتئاب: 60% من المصابين بالاكتئاب ليس لديهم أقارب مصابون بهذا الاضطراب.

 

ماذا يعني لي لو أصيبت والدتي بواحد من هذه الأمراض؟

 

طرحت الدراسة سؤالاً مهماً: إذا كانت معظم الأمراض العقلية تصيب أشخاصاً ليس لديهم قريب مصابًا بنفس الحالة، إذن ما مصدر المرض؟

 

لا توجد إجابة دقيقة لدى الباحثين.

 

يوضح البروفيسور إسبن أجربو قائلاً: "الاضطرابات العقلية وراثية، لكنها أيضاً متعددة الجينات (5) إلى حدٍّ كبير. غالباً ما تنتج عن الكثير من التباينات الجينية المفردة وليس عن "جين مرض" واحد [اختلافات (أو طفرات) في تسلسل الحمض النووي لجين معين. تتسبب طفرتُه بشكل مباشر في حدوث اضطراب جيني (وراثي) معين، مثل فقر الدم المنجلي والتليف الكيسي (6)]. بالإضافة إلى ذلك، للبيئة [بما فيها البيئة الطبيعية من ماء وهواء وجماد، إلى الظروف الاقتصادية والثقافية] والصدفة دور أيضاً في هذا الاختلاف". [التباين الجيني يحدث في تسلسل الحمض النووي، حيث هناك اختلاف في واحد من النيوكلتيدات بين فردين أو أكثر. فلو قورنت جينومات شخصين، فسيكون متوسط التشابه بينهما يتراوح بين 99.8% إلى 99.9%. الفرق الطفيف الباقي هو المسؤول عن جميع الاختلافات الملحوظة بين الأفراد (7)].

 

لكن الدراسة تُعدّ رائدة لأنها تصف احتمال الإصابة المطلقة (8) - أي عدد الذين سيُصابون باضطراب نفسي مُعين من بين كل 100 شخص خلال حياتهم (النسبة المئوية). هذه الدراسة هي بمثابة أطلس، إذ تُساعد الأشخاص على فهم، على سبيل المثال، التبعات الإحصائية، التي يمكن استخلاصها من العمليات الإحصائية التي أجريت على البيانات، لوجود أم مُصابة بمرض نفسي، كما قال.

 

يأمل الباحثون أن تُساعد البيانات في توضيح الصورة للعائلات المُتأثرة بحالات قابلة للتوريث بمستوى عال، مثل الفصام.

 

يقول كارستن بوكر بيدرسن: "إذا أصيب والدك (أو أختك) بالفصام، فهذا لا يعني بالضرورة أنك ستُصاب به. في الواقع، تُثبت الدراسة أن 92% من الذين لديهم قريب من الدرجة الأولى مُصاب بالفصام لا يُصابون أنفسهم بهذا الاضطراب".

 

وبينما تُؤكد الدراسة أن قابلية التوريث (9) يعتبر عاملًا مُؤثرًا في نقل المرض، فإنها تُوضح أيضًا أن قابلية التوريث عملية مركبة (مُعقدة) ولا يمكن توقعها، كما يُضيف:

 

إذا كان أحد والديك أو أشقائك (أو شقيقاتك) مصابًا بالاكتئاب، فإن احتمال إصابتك به يبلغ حوالي 15%، بينما يقل هذا الاحتمال عن 5% إذا لم يكن لديك أحد أفراد الأسرة مصابًا به. وهذا يعني أيضًا أن احتمال عدم إصابتك بالمرض يبقى عند نسبة 85%، حتى لو أصيب به أحد أفراد العائلة من الدرجة الأولى. وهذه تعتبر نتيجة ورسالة مهمة لتؤخذ في الحسبان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- http://https://www.pewresearch.org/social-trends/2022/03/24/the-demographics-of-multigenerational-households

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_نفسي

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/استعداد_وراثي

4- https://www.thelancet.com/journals/lanpsy/article/PIIS2215-0366(25)00196-8/abstract

5- https://ar.wikipedia.org/wiki/متعدد_الجينات

6- https://learn.genetics.utah.edu/content/disorders/singlegene/

7- https://www.genomicseducation.hee.nhs.uk/genotes/knowledge-hub/variant/

8- https://ar.wikipedia.org/wiki/خطر_مطلق

9- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/توريث_(أحياء)

المصدر الرئيس

https://health.au.dk/en/display/artikel/study-challenges-prejudice-heredity-only-explains-part-of-mental-illness

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد