المترجم: عدنان أحمد الحاجي

في تجارب أجريت على متطوعين أصحاء خضعوا للتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، وجد باحثون نشاطًا متزايدًا في منطقتين من الدماغ (1، 2) تعملان معًا للتفاعل مع عمل الدماغ، وربما تنظيم عمله، عندما "يشعر" المرء بالتعب ويتوقف ويترك أو يتحمل ويستمر في بذل جهد ذهني.

ويقول الباحثون إن هذه التجارب، المصممة للكشف عن جوانب مختلفة من الإجهاد الذهني، قد توفر طريقة أفضل للأطباء لتقييم وعلاج المصابين بإجهاد (بإرهاق) ذهني (3) شديد، بمن فيهم أولئك المصابون بالاكتئاب (4) واضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية (5) (PTSD).

نُشر تقرير عن الدراسة الممولة من المعاهد الوطنية للصحة في 11 يونيو، 2025 في مجلة علم الأعصاب (6)، وتوضح نتائج الدراسة التي أجريت على 18 متطوعة و10 متطوعين من الشابات والشباب الأصحاء كُلفوا بمهام لتدريب ذاكرتهم.

قال فيكرام تچيب Vikram Chib، الأستاذ المشارك في الهندسة الطبية الحيوية في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز والباحث العلمي في معهد كينيدي كريغر Kennedy Krieger: "يركز مختبرنا على طريقة توليد [عقولنا] للقيمة مقابل الجهد الذهني المبذول". لا نعرف عن بيولوجيا المهام أو الأنشطة الذهنية [وهي الأنشطة التي تتطلب عمليات ذهنية للتعلم والتذكر وحل المسائل واتخاذ القرارات، وغيرها]، كما نعرفه عن بيولوجيا الأنشطة البدنية، بالرغم من أن كليهما يتطلب بذل جهد كبير.

يقول تچيب، كما يُنقل عنه، يدرك الباحثون أن الأنشطة الذهنية مُرهقة، وأن مستوى معرفتهم بأسباب وكيفية نشوء هذا التعب وتأثيره في إرهاق الدماغ أقل نسبيًّا عن مستوى معرفتهم بأسباب التعب البدني.

لقد حصل كل واحد من المشاركين في الدراسة، وعددهم 28 فردًا، يتراوح سنّهم بين 21 و29 سنة، على 50 دولارًا أمريكيًّا، وقيل لهم إنهم قد يحصلون على مبالغ إضافية بناءً على أدائهم وخياراتهم. خضع جميع المشاركين لفحص أولي بالرنين المغناطيسي قبل بدء التجارب.

اختبارات الذاكرة العاملة، التي أُجريت أثناء خضوعهم لفحوصات لاحقة بالرنين المغناطيسي لأدمغتهم، شملت النظر إلى سلسلة من الحروف المتسلسلة على شاشة وتذكّر موضع بعض الحروف. كلما كان الحرف أبعد في سلسلة الحروف، زادت صعوبة تذكّر موضعه، ما زاد من الجهد الذهني المبذول.

حصل المشاركون على ملاحظات حول أدائهم بعد كل اختبار، كما نالوا فرصًا لاستلام مبالغ يتزايد مقدارها (من دولار واحد إلى 8 دولارات أمريكية) بمشاركتهم في تمارين تذكر أكثر صعوبة. كما طُلب من المشاركين قبل كل اختبار وبعده تقييم مستوى إرهاقهم الذهني ذاتيًّا.

يقول تچيب: "صُممت دراستنا لاستحثاث الإرهاق الذهني، ورصد مدى تغير خيارات المشاركين في بذل الجهد حال شعورهم بالإرهاق [إما الترك أو التحمل والاستمرار]، بالإضافة إلى معرفة أي مناطق الدماغ مسؤولة عن اتخاذ مثل هذين القرارين".

ومن الجدير بالذكر أن تچيب وعضوتي فريقه البحثي، غريس ستيوارد Grace Steward وڤيڤيان لوي Vivian Looi، وجدوا أن الحوافز المالية يجب أن تكون عالية بشكل كافٍ لحثّ المشاركين على بذل جهد ذهني أكبر، ما يفيد بأن الحوافز الخارجية تشجع على بذل هذا الجهد الذهني.

ويضيف تچيب: "لم تكن هذه النتيجة مفاجئة تمامًا، نظرًا لأن دراستنا السابقة وجدت نفس الحاجة للحوافز للحث على بذل جهد بدني".

يقول تچيب: "قد تعمل منطقتا الدماغ (1، 2) معًا لاتخاذ قرار بتجنب بذل المزيد من الجهد الذهني ما لم يكن هناك حوافز إضافية. ومع ذلك، قد يكون هناك تناقض بين الإحساس بالتعب الذهني وما يستطيع الدماغ البشري تحمله وبذله من جهد".

يقول تچيب إن الإجهاد الذهني مرتبط بالكثير من الاضطرابات العصبية، بما في ذلك اضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية والاكتئاب. ويضيف: "بعد أن تعرفنا، على ما يبدو، بعض الدوائر العصبية المسؤولة عن الإجهاد الذهني لدى الأصحاء، نحتاج إلى دراسة كيف يتمظهر في أدمغة المصابين بهذه الاضطرابات".

يقول تچيب إنه قد يكون من الممكن استخدام الأدوية أو العلاج الإدراكي السلوكي (7) للتصدي للإرهاق الذهني، ويمكن أن تكون الدراسة الحالية التي تستخدم مهام اتخاذ القرار والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي إطارًا لتصنيف الإرهاق الذهني بموضوعية.

يعتمد التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي على تدفق الدم لقياس مناطق واسعة من النشاط في الدماغ؛ لكنه لا يقيس بشكل مباشر نشاط الخلايا العصبية، ولا الفروق الدقيقة في نشاط الدماغ.

"أُجريت هذه الدراسة باستخدام جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي واقتصرت على مهام أو أنشطة ذهنية محددة جدًّا. لكن من الأهمية بمكان معرفة مدى تعميم هذه النتائج على الجهود (النشاطات) الذهنية الآخرى وتلك التي نواجهها في الحياة الواقعية"، بحسب تچيب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/فص_جزيري

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/قشرة_الفص_الجبهي_الظهراني

3- "الإرهاق أو الأجهاد الذهني mental or cognitive fatigue هي الحالة التي قد نجد أنفسنا فيها أحيانًا، بعد عدة ساعات من المهام الذهنية الشاقة، بشعور كبير بعدم القدرة على التفكير أو اتخاذ قرار". ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://parisbraininstitute.org/news/cognitive-fatigue-new-insight-biological-mechanisms

4- https://www.moh.gov.sa/HealthAwareness/EducationalContent/Diseases/Mental/Pages/Depression.aspx

5- https://www.moh.gov.sa/awarenessplateform/VariousTopics/Pages/PTSD.aspx

6- http://https://www.jneurosci.org/content/45/24/e1612242025

7- https://ar.wikipedia.org/wiki/علاج_معرفي_سلوكي

المصدر الرئيس

https://www.hopkinsmedicine.org/news/newsroom/news-releases/2025/06/feeling-mental-exhaustion-these-two-areas-of-the-brain-may-control-whether-people-give-up-or-persevere