تمهيد:
مسعى هذا البحث الاقتراب من الفيلسوف والحكيم المسلم أبي نصر الفارابي (259هـ – 870م) بوصف كونه مؤسِّساً لمشروع سياسي متعالٍ شاء أن يقيمه تحت مُسمَّى المدينة الفاضلة. أما تنزيل هذا المشروع منزل التدبير السياسي العرفاني فيعود إلى طائفة من الاعتبارات:
أولاً: باعتبار التناظر المعرفي بين سياسة المدينة الفارابية وسياسة العرفاء.
ثانياً: باعتبار التناظر في ماهية وهوية الرئيس الفيلسوف كحاكم للمدينة الفاضلة والعارف الذي يتولى تنجيز دولة العدل الإلهي.
ثالثاً: باعتبار تنظير الفارابي لمشروع سياسي خلاصي تتمازج فيه الفلسفة مع الدين والعقل مع النقل، وذلك في إطار لغة مفارقة لا هي لاهوتية دينية على النحو المألوف ولا هي فلسفية محضة. وقد يكون هذا هو السبب الذي حمل جمعاً من المحققين إلى موْضَعَة الفارابي في فضاء التصوف الفلسفي. فرئيس المدينة الفاضلة – بحسب الفارابي – يجب أن يكون نبيَّاً أو إماماً أو فيلسوفاً متصلاً بالعقل الفعَّال ومتلقِّياً لفيضه.
ومع أن الاختلاف واقعٌ بين دربة العارف ومنهج الفيلسوف في المقاربة الخلاصية، إلا أن المآل واحد. فعلى الرغم من النقد الصريح الذي وجَّهه إليه ابن طفيلؤ(1100-1185م) في مقدمته لكتابه الشهير “حي بن يقظان”، إلا أن سياق التغريبة يشير إلى أنه كان يتبنَّى عملياً نظامه الفلسفي. وهذا بيِّن في تعريف “الدين الحق” عند ابن طفيل، وهو بالضبط ما يطابق تعريف الفارابي للوحي في “كتاب الحروف”. وما دام قصدنا الوقوف على الأهداف الكبرى لمشروعه السياسي، فمن البديهي أن نرى إلى أطروحته بصدد “المدينة الفاضلة” بوصفها ذروة هذا المشروع ونقطة الجاذبية في نظامه الفلسفي. ففي تنظيره لمشروعه سيُفرِدُ الفارابي فصلاً كاملاً من كتابه “آراء أهل المدينة الفاضلة” ليستنكر الخضوع للرؤساء المنافقين الذي يزعمون الدفاع عن الدين الحق، بينما هم يرسِّخون الأسس الفعلية لمدينة جاهلة وضائعة. وكان يدعو إلى المقاومة السرِّية ضد نظام الخلفاء العباسيين إلى حد اتِّهامه بمناصرة الاتجاه الثوري لحركة القرامطة.
بعض مؤرخي الفلسفة العربيَّة-الإسلاميَّة ذهبوا إلى أنّهُ يتعذَّر على قارئ أبي نصر الفارابي أن يُكوَّن تصوُّراً كاملاً عن آرائه الميتافيزيقية فيه بالمعنى الدقيق للكلمة، إلا أنه وللمرَّة الأولى في تاريخ الفلسفة العربيَّة – الإسلاميَّة يطرح نظرية الفيض، التي تصوَّر صدور الموجودات المتكثِّرة على المبدأ الأوَّل الواحد، والتي ستكون النموذج في بناء صرح “المدينة الفاضلة” التي يتربَّع على رأسها حكيم – فيلسوف، يتولَّى في الوقت ذاته مهام “إمام” الجماعة الدينيَّة.
لكن بقطع النظر عما أثاره الجدل حول الفارابي ومصادر فكره الفلسفي، فإنَّ عمله في “آراء اهل المدينة الفاضلة” يُشكِّل ذروة مشروعه الذي يسعى إلى جعله الوعاء الأكثر توفيقاً بين الدين والسياسة والفلسفة. ولو كان لنا بسط المباني المعرفية التي قامت عليها مدينته الفاضلة فسنجدها ماثلة في أكثر مصنَّفاته ومؤلَّفاته. وخصوصاً كتاب “السياسة المدنيَّة” وكتاب “الملَّة” الذي قدَّم فيه تلخيصاً مكثَّفاً لها. مع ذلك، فإذا كان كتاب “آراء أهل المدينة الفاضلة” هو المنجز الفلسفي – الفكري الذي جعله الفارابي المحلَّ الأنسب لعرض فلسفته السياسيَّة والأخلاقيَّة، فإنَّ إدراك الأفهام المؤسِّسة للمدينة الفاضلة يتعذَّر تحصيلها على الوجه الآتم من دون النظر بمضنَّفاته الأُخرى الجامعة للفلسفة والأخلاق والدين والسياسة.
وفي المجمل، فقد أراد الفارابي أن يؤسِّس لسيستام حضاري إنساني- إسلامي متكامل يقوم على قواعد ثلاث:
أ-عقلانية أرسطية صارمة تحدِّد منطق النظام العام للمدينة الفاضلة وتصونها من الانهيار ويسدِّدها بالقوَّة والإقتدار.
ب-أخلاقية أفلاطونية تعيد الاعتبار لمنظومة القيم وتأخذ بها على نحو ما اهتدي إليه الحكيم اليوناني في “الجمهورية”. وهذا هو الداعي الذي حمل كثيرين من المحقِّقين والباحثين إلى عقد المقارنة بين مدينة الفارابي وجمهورية أفلاطون كمشروعين ينتسبان إلى فضاء فلسفي ومعرفي وإنساني ذي بُعد خلاصي مشترك.
ج- وحيانية إسلامية استناداً إلى كون المدينة الفاضلة مدينة متديِّنة تأخذ بالإسلام كشريعة إلهيَّة، ويحكمها إمام حكيم يتوفَّر على جمعية صفات الإنسان الكامل في العلم والعمل.
لاحظ الفارابي أن مدينة البشر قد أصبحت في عصره أبعد ما تكون عن مدينة الله، وأن تنظيم المدينة حاد عن نظام الكون، وأنه لم يعد بين أجزاء الأمَّة ائتلاف وارتباط وانتظام وتعاضد مثلما هو عليه الحال بين أجزاء العالم. لقد اعتقد بضرورة قيام رئاسة فاضلة تعتمد الطرق البرهانية لتعيد الوصل بين الدين والدنيا، ولتقرِّب الإنسان من ربِّه وتجعل منه خليفته على الأرض. وبهذا المعنى أمكننا القول أن الفارابي أسَّس لنظرية معرفة في التدبير السياسي قوامها الجمع بين الحكمة الفلسفية والوحي الإلهي.
الأفهام المؤسِّسة للمدينة الفارابيَّة:
على خلاف ما انبرى إليه جمع من الباحثين، وخصوصاً لناحية زعمهم بأن تعدُّد اهتمامات الفارابي بالحكمة والمعارف المختلفة أدَّى إلى تعذُّر الوقوف على نظريَّة معرفة جامعة للكل. بل يمكن القول أنَّ نظريَّته في التدبير السياسي هي تتويج لمنظومته المعرفيَّة وتشكِّل ركناً أساسيَّاً في هندستها. لذا سيمضي الفارابي إلى اعتبار الوعي بدرجاته المختلفة شرطاً أساسيَّاً للحاكم والمحكوم في مدينته الفاضلة. والمقصود هنا – حسب المحقِّقين – الوعي بالذات والوعي بالآخر. وبما أن الوعي أساس كل معرفة، فقد أسَّس الفارابي نظاماً معرفيَّاً متكاملاً يمثِّل الحجر الأساس في نظريَّته السياسيَّة والاجتماعية. ولو كان لنا أن نبسط بالعرض والتحليل لتأسيساته النظريَّة لوجدنا وصلاً وطيداً في ما بينها. فلقد تضمَّن هذا المسرى التكاملي ما سيتَّخذ المعرفة عند الفارابي جدلاً صاعداً يبدأ من الحسِّ ليصل إلى العقل، ولكنَّها قد تأتي عن طريق جدل هابط من العالم الإلهي عن طرق الفيض أو الصدور، حيث تفيض الصور والمعقولات عن العقل الإنساني من عالم الألوهيَّة، وهذه الصور لم يجرِّدها العقل من موادها بل فاضت عليه من مصدر علوي ودونما مرور بمرحلة الحسّ. غير أنَّ هذا اللون من المعرفة لا يحصل لأي إنسان كيفما اتّفق، وإنَّما يحصل لذوي النفوس الصافية التي اخترقت حجب المادَّة وتطهَّرت من الشهوات، وترفَّعت عن انفعالات العالم الحسِّي، حيث تصبح نفوسهم كالمرآة الصقيلة التي تعكس صور المعقولات في العقل النظري كما ترتسم الصور في المرايا.
ولو انتقلنا إلى مذهبه السياسي نلاحظ أنَّه يتماهى مع مذهبه المعرفي إلى حدٍّ كبير. والسياسة عند الفارابي تتَّسع لتشمل دراسة الأخلاق والمجتمع. وإذا كان الجدل الصاعد يسود فلسفته الاجتماعيَّة، فإن الجدل النازل يطغى على فلسفته السياسيَّة، وبخاصَّة في نظريَّة الحكم. فالمجتمعات الكاملة – كما يرى بعض من المحققين – تبدأ من اجتماع أهل المدينة ثمَّ اجتماع الأمَّة في جزء من المعمورة، لتصل إلى الكمال في اجتماع الأمم المختلفة في كافَّة أنحاء المعمورة. وكأن الفارابي هنا يترسَّم خطى المنهج الإستقرائي الحسِّي إلى المعرفة والذي يبدأ من الجزئيَّات ليصل إلى الكليَّات.
ولا شكّ في أنّه قد استمدَّ تصوُّره لمجتمع المعمورة الذي يضمُّ عدداً مختلفاً من الشعوب والأمم من واقع التصوُّر القرآني الذي جسَّدته الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وهو ما يهدف إلى تأسيس دولة أو مجتمع عالمي يتجاوز موانع الجنس واللون والأرض، والتي تحوَّل بشدَّة من دون اجتماع الشعوب واتِّحادها، كذلك استمدَّه من واقع التجربة الإسلاميَّة التي أسَّست دولة مترامية الأطراف ضمَّت العديد من شعوب الأرض والتي انصهرت بشكل أو بآخر في بوتقة الإسلام. ومهما شاب تلك الدولة من ضعف في القيادة وتفكُّك في الأقاليم فإن الوحدة الروحيَّة والثقافة للأمة بقيت ثابتة ومتماسكة إلى حدٍّ كبير.
أمَّا بالنسبة إلى نظريَّة الحكم فالفارابي يسلك منهج الجدل النازل، حيث يفصل القول في الحاكم أو الرئيس الفاضل، والذي يضعه على قمَّة نظام هرمي متدرِّج يبدأ من الأعلى فالأدنى. وكما أنَّ المعرفة اليقينيَّة الحقَّة التي تأتي عن طريق الفيض أو الاتِّصال بالعالم العلوي لا يحصل عليها إلَّا ذلك الإنسان الذي توفَّر على قدر عالٍ من الخصال والملكات السامية، فإن الحاكم في مدينة الفارابي هو أكمل الأفراد معرفة وسلوكاً وموهبة لأنَّه يمتلك استعداداً فطريَّاً لذلك. ووجوده شرط أساس لقيام المدينة الفاضلة وحصولها.
من هنا، فإن الإصلاح السياسي لا يتأتَّى إلَّا عن طريق إصلاح رأس السلطة، ومن دون ذلك يغرق المجتمع في ظلام المدن الضالَّة والفاسدة. ويؤّكد الفارابي تحت تأثير نظريَّته في المعرفة أن الرئيس الفاضل هو الإنسان الذي استكمل فصار عقلاً ومعقولاً بالفعل، وتلك درجة لا يرقى إليها إلَّا الأنبياء المصطفون وقد ينالها الأولياء العارفون. فيؤكِّد في ذلك التحام البعد المعرفي والسياسي وتماهيها في فلسفته. وإذا كان أفلاطون قد اشترط أن يكون الحاكم فيلسوفاً أو حكيماً، فإن الفارابي اشترط أن يكون رئيس المدينة الفاضلة نبيَّاً أو إماماً عادلاً أو حكيماً فاضلاً معتقلاً، ناهيك بأن أفلاطون بقي أسير النظرة الضيِّقة إلى المدينة الأثينيَّة التي أسَّس نظريَّاته السياسيَّة بناء عليها، ولم يخرج إلى الإطار الإنساني والعالمي الرحب كما فعل الفارابي.
المفهوم الفلسفي للمدينة الفاضلة:
يقيم الفارابي عمارته الفلسفيَّة في “المدينة الفاضلة” على النظام نفسه الذي أقامه في الـمُصنَّفات التي سبقت، وكذلك في الـمُصنًّفات التي سوف تلي. وسنلاحظ أنَّ مقولته الفلسفيَّة الأساسيَّة تأسَّست على بديهيَّة عقليَّة منطقيَّة قوامها: إننا نستنتج حتماً، من وجود الكائنات الحادثة، الممكنة، وجود كائن واجب الوجوب، موجود بذاته، وجوده علَّة وجود باقي الكائنات، إذ يستحيل التسلسل في مجموعة الكائنات الحادثة، وإلاَّ لما وُجد الشيء. وهذا يعني، أنَّه إذا كان كل كائن ممكن صادراً عن كائن آخر ممكن الوجود، وبمعنى آخر لا يوجد أي كائن. فإذن لا بد من وجود كائن واجب الوجود، أي كائن غير مُحتاج إلى غيره في وجوده ويمون وجود الكائنات الممكنة تابعة له.
إلى البديهيَّة آنفة الذكر لا يقدِّم الفارابي براهين على وجود الله، بل يسلِّم بوجوده تسليماً بديهيَّاً، ويسمِّيه تعالى”الأوَّل” أي سبب وجود باقي الكائنات كُلِّها. والأوَّل خال من كلِّ نقص هو قديم، موجود بذاته لا بعلَّة خارجة عنهُ. وهو غير مادي، وليس قوامه بمادة وليس بشيء آخر. ليست له صورة (ماديَّة) لأنَّ الصّورة لا تقوم إلاَّ في مادة، إلاَّ لكان مُركَّباً من مادة وصورة، فيكون مركَّباً. والأول لا يتحرَّك نحو غاية وإلاَّ أصبحت هذه الغاية علَّة له ولحركته. والأول لا يوجد ولا عن كائن سابق له ولا أدنى منه فإذن ليست له علَّة فاعليَّة.
وعند الفارابي ليس للأول ضد، إذ إنَّ الضدَّين يستطيع أن يؤثر كل واحد منهما على الآخر، وأن يُبطل أحدهما الآخر؛ وما يمكن إبطاله ليس قائماً بذاته، فإذن هو ليس قديماً بل حادثاً بغيره (…) والأول لا يمكن تحديده أو تعريفه، إذ إنَّه غاية في البساطة وهو ليس بجسم، هو وحدة مُطلقة، غير منقسم (يلاحظ هنا الشبه الكبير بين موقف الفارابي من الأول وموقف المعتزلة من التوحيد).
ولما كان الأول غير مادي فهو بجوهره عقل بالفعل، إذ إنَّ المادة هي التي تمنع الصورة من أن تكون عقلاً بالفعل ومعقولة بالفعل. والأول يعقل ذاته، فهو عقل وعاقل ومعقول، ولكن كل ذلك جوهر واحد غير منقسم ولا متكثر. ولما كان الأول يعقل ذاته فهو علم، وعلمه هو جوهره. وهو حق لأنه موجود وهو حياة. ولكن كل هذه الصفات التي ننسبها نحن إليه لا تدل على تعدُّد فيه، بل هو وحدة مطلقة (تماماً مثل موقف المعتزلة. ويلاحظ أن الفارابي كان معاصراً للمعتزلة). فإذا نسبنا إلى الأولى صفات عديدة فهذا لا يعني أن فيه كثرة، بل كلُّ هذه الصفات لا تدلُّ إلاَّ على جوهر واحد كامل بسيط. ثُمَّ إنَّ الأوَّل لا يعشق إلاَّ ذاته لأنه كمال مطلق؛ وهو غير محتاج إلى غيره ففيه العاشق والمعشوق واحد، سواء اشتاق إليه غيره أم لم يشتَق إليه.
أفاد الفارابي في رؤيته الفلسفيَّة للوجود من نظريَّة الفيض لأفلوطين الإسكندري. وهي وإن نسبها خطأ إلى أرسطو في كتاب “آثولوجيا” انطلاقاً من سعيه الدؤوب للتقريب والجمع بين أرسطو وافلاطون، فقد شكَّلت هذه النظريَّة بالنسبة إليه أساساً لفلسفته الجمعيَّة بين الـمُثُل الأفلاطونيَّة والمنطق الأرسطي والوحي الديني.. هكذا وجد الفارابي في حكمة الفيض حلًّا منطقيًّا لأكثر المسائل التي جاء بها الدين عبر الوحي الإلهي، وكذلك للقضايا التي يثيرها العقل الفلسفي، ولا سيما تلك المتعلِّقة بالأُطروحات الكُبرى مثل: مصدر العالم، طبيعة الله، مصدر النّفس البشرية ومصيرها، النبوَّة، والأُسُس التي يجب أن تُشيَّد عليها المدينة الفاضلة.
تقوم الفلسفة الفيضيَّة على أنَّ وجود باقي الكائنات يتبع حتماً وجود الأوَّل، وهي فيض منه، وهذا الفيض قديم وهو لا ينقص شيئاً من الأوَّل ولا يزيد كمالاً. والكائنات الفائضة منه متَّصلة بعضها ببعض، وصادرة بعضها عن بعض. فمن الأوَّل يفيض الثاني الذي هو أيضاً جوهر لا مادي، وعقل خالص يعقل ذاته ويعقل الأوَّل، ومن هذا التعقُّل المزدوج تصدر باقي العقول والأفلاك الثابتة والمتحرِّكة وعددها سبعة (زُحل، الـمُشتري، المريخ، الشَّمس، الزُهرة، عُطارد، القمر). ولما كانت هذه العقول لا ماديَّة فإنَّ ليس لها ضدٌّ إذ إنَّ للضدِّ مادة مشتركة بينه وبين ضدِّه. ثُمّ إن كل عقل فريد من نوعه، إذ إن الأفراد تتعدَّد في النوع الواحد بفضل المادة، وهذه العُقول لا ماديَّة. ثمَّ إن كل واحد من هذه العقول يعقل ذاته ويعقل الأوَّل، وفي ذلك سعادة هذه العقول.
إنَّ أجسام الأفلاك لا ضدَّ لها، وهي من عنصر غير فاسد. وعناصر عالم الكون والفساد تتَّبع عالم ما دون فلك القمر. ومن فعل كل عنصر على الآخر، ومن فعل الأجسام السماويَّة عليها تظهر الأخلاط؛ ومن اتحاد الأخلاط بالعناصر تنتج الأجسام المختلفة: النبات، الحيوانات، والإنسان. وكلها قابل للفساد الذاتي مع استمرار النوع الذي هي أفراده.
وفي تفسيرها للوحي تُبيَّن فلسفة الفيض بحسب كلام الفارابي، أنَّ العقل الفعَّال يشرق دائماً وباستمرار الحقائق على العالم، ولكن النفس ذات الـمُخيَّلة الصافية، النقيَّة، تتلقَّى هذه الحقائق، تعبِّر عنها بلغة بشريَّة تجعلُها في مُتناول حواسِّ الآخرين ومُخيَّلتهم، حيث يوجد صدى ضئيل لهذه الحقائق. أمَّا الحقائق في ذاتها، فإنَّها تفوق هذا المنطق المادي المحسوس، أي اللغة التي استُخدمت للتعبير عنها. ويستطيع الفيلسوف وحده، بفضل المنطق والتأمُّل العقلي، أن يرتقي حتى مصدر هذه الحقائق، أي العقل الفعَّال، ويدركها جليَّة واضحة. بمعنى آخر يستطيع الفيلسوف أن يفهم الصور العقليَّة القائمة على العقل الفعَّال.
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد هادي معرفة
محمود حيدر
عدنان الحاجي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشهيد مرتضى مطهري
السيد عبد الأعلى السبزواري
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
كيفيّة وحي القرآن
الدين في ذاته يتأبّى الإكراه عليه
مصاب أطلّ على الكائنات
الدعاء في حياة الإمام الكاظم (عليه السلام)
الإمام الكاظم (عليه السلام) قديس بغداد
التنظير الفلسفيّ للمدينة العرفانيّة (1)
تشخيص الأمراض العصبيّة التنكّسية مبكرًا من الصّوت والكلام
مجاز القرآن: عقلي ولغوي
العلم والعقل والنفس
رأي العلماء في الثواب والعقاب