قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ حسن المصطفوي
عن الكاتب :
من علماء إيران المعاصرين، ولد سنة 1336هـ وتوفي يوم الإثنين 20 جمادي الأولى 1426 هـ عن تسعين سنة، حاصل على شهادة الدكتوراه من كلية الالهيات في تبريز ( المعقول والمنقول). له مؤلفات عديدة منها: rn(التحقيق في كلمات القرآن).

معنى (وفق) في القرآن الكريم

‌ مقا - وفق: كلمة تدلّ على ملاءمة الشيئين، منه الوفق: الموافقة. واتّفق الشيئان: تقاربا وتلاءما. ووافقت فلانًا: صادقته كأنّهما اجتمعا متوافقين.

 

مصبا - وفّقه اللّه توفيقًا: سدّده. ووفق أمره يفق، من التوفيق. ووافقه موافقة ووفاقًا، وتوافق القوم واتفّقوا اتّفاقًا. ووفقت بينهم: أصلحت. وكسبه وفق عياله، أي مقدار كفايتهم.

 

العين 5/ 225- الوفق: كلّ شي‌ء متّسق متّفق على تيفاق واحد، فهو وفق، ومنه الموافقة في معنى المصادفة والاتّفاق، تقول: وافقت فلانًا في موضع كذا، أي صادفته. ووافقت فلانًا على أمر كذا، أي اتّفقنا عليه معًا. وتقول: لا يتوفّق عبد حتّى يوفّقه اللّه، فهو موفّق رشيد. وكنّا من أمرنا على وفاق.

 

الفروق 245- الفرق بين قولك تابعت زيدًا، وقولك وافقته: أنّ قولك تابعته، يفيد أنّه قد تقدّم منه شي‌ء اقتديت به فيه، ووافقته يفيد أنّكما اتّفقتما معًا في شي‌ء من الأشياء، ومنه سمّيّ التوفيق توفيقًا. وقال أبو علي: ومن تابعه: يريد به أصحابه. ومن وافقه: يريد من قال بقوله وإن لم يكن من أصحابه. والنظير: لا يقال إنّه تابع لنظيره، لأنّ التابع دون المتبوع. ويجوز أن يوافق النظير النظير.

 

التحقيق

 

أنّ الأصل الواحد في المادّة: هو مماثلة من جهة الأفكار أو الأفعال، وهو يقابل الخلاف. كما أنّ التماثل هو تساو بين الذوات، ولا يلاحظ فيه مماثلة من جهة الأفكار والأعمال.

 

وأمّا مفاهيم - الملاءمة والمقاربة والمصادقة والمصادفة والإصلاح والاتّساق والتسديد: فمن آثار الأصل ولوازمه، فإنّ حصول الموافقة يلازم هذه‌ المعاني.

 

والوفاق مصدر كالموافقة، والصيغة تدلّ على حصول استمرار في المماثلة من جهة الأعمال والأفكار وسائر الخصوصيّات.

 

{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ... لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا} [النبأ : 21 - 26] الطغيان في قوله تعالى : {لِلطّٰاغِينَ مَآباً}.

 

بمعنى الارتفاع عن الحدّ مع التجاوز، ويراد الّذين استكبروا وتجاوزوا عن حدود وظائفهم وخرجوا عن الطاعة والاعتدال وضلّوا وأضلّوا.

 

فإذا طغى العبد في قبال ربّه الجليل: فقد جعل نفسه محرومًا عن رحمته وفضله، وضلّ عن سبيل الرشد، وانحرف عن مقام الصلاح والفلاح، فأخلد نفسه في محيط العذاب والنار، وأبعده عن نعم الجنّة، وآثر الحياة الدنيا على الآخرة، وهذا هو الجزاء الموافق لأعمالهم.

 

والتعبير بصيغة المصدر: إشارة إلى التأكيد والمبالغة، وأنّ الموافقة قد لوحظ في نفسه ومن حيث هو، من دون نظر إلى جهة صدور أو نسبة إلى فاعل أو مفعول.

 

{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء : 35]. {رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ... يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} [النساء : 61، 62]. {قٰالُوا يٰا شُعَيْبُ .... إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ} [هود : 88] التوفيق: جعل شخص أو شي‌ء موافقًا لآخر، حتّى يحصل الالتيام والتقارب بينهما، ويرتفع التنافر والتخالف والتباعد.

 

ففي الآية الثانية: يراد تحصيل الالتيام والموافقة فيما بين المنافقين والمؤمنين برسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم). وفي الثالثة: يريد شعيب النبيّ إيجاد تقريبهم وملاءمتهم إلى اللّه ودينه وأحكامه وعباده وأنبيائه، حتّى يصلح حالهم، ويتّسق أمرهم، ويكونوا على صدق وحقّ. وفي الآية الأولى: إيجاد التلاؤم والتقارب والمحبّة فيما بين الزوجين، حتّى يرتفع الشقاق والخلاف عنهما، ويعيشا على تفاهم وتوافق فكرًا وعملًا.

 

ثمّ إنّ التوفيق إمّا تكوينيّ: ومرجعه إلى تقدير الذات والصفات على خصوصيّة تلائم العقائد الصحيحة والصفات الروحانيّة والأعمال الصالحة، ولها تمايل وتقارب إلى الحقائق اللاهوتيّة.

 

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين : 19 - 21] وإمّا تشريعيّ: ومرجعه إلى الإرشاد والهداية إلى ما هو الحقّ في أيّ جهة من الأفكار والأعمال والأخلاق، بوسيلة إلقاءات رحمانيّة أو ببعث رسل أو بإنزال كتب: {رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة : 129] وعلى أيّ  صورة: فالتوفيق إنّما يتحقّق من جانب اللّه المتعال، إمّا بمباشرة وبلا واسطة، كما في الخلق أو في الإلقاء. أو بواسطة كما في بعث الأنبياء وإنزال الكتب.

 

وعلى هذا قد نسب التوفيق الظاهر المتراءى من الناس إلى اللّه المتعال، كما في الآية الاولى والثالثة: {يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا} و {مٰا تَوْفِيقِي إِلّٰا بِاللّٰهِ}.

______________________

  • ‏- مقا - معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، 6 ‏مجلدات ، طبع مصر . 1390 ‏هـ.
  • - مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد