السيد أبو القاسم الخوئي ..
"وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرًا فهو خير له"(1).
فادعي أنها منسوخة بقوله تعالى: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه"(2).
ودعوى النسخ في هذه الآية الكريمة واضحة الثبوت لو كان المراد من الطوق السعة والقدرة، فإن مفاد الآية على هذا: أن من يستطع الصوم فله أن لا يصوم ويعطي الفدية: طعام مسكين بدلًا عنه، فتكون منسوخة.
ولكن من البين أن المراد من الطاقة: القدرة مع المشقة العظيمة.
وحاصل المراد من الآية: أن الله تعالى بعد أن أوجب الصوم وجوبًا تعيينيًا في الآية السابقة، وأسقطه عن المسافر والمريض، وأوجب عليهما عدة من أيام أخر بدلًا عنه، أراد أن يبين حكمًا آخر لصنف آخر من الناس وهم الذين يجدون في الصوم مشقة عظيمة وجدها بالغًا، كالشيخ الهرم، وذي العطاش، والمريض الذي استمر مرضه إلى شهر رمضان الآخر، فأسقط عنهم وجوب الصوم أداء وقضاء، وأوجب عليهم الفدية، فالآية المباركة حيث دلت على تعيين وجوب الصوم على المؤمنين في الأيام المعدودات، وعلى تعين وجوبه قضاء في أيام أخر على المريض والمسافر، كانت ظاهرة في أن وجوب الفدية تعيينًا إنما هو على غير هذين الصنفين اللذين تعين عليهما الصوم، ومع هذا فكيف يدعى أن المستفاد من الآية هو الوجوب التخييري بين الصوم والفدية لمن تمكن من الصوم، وإن أخبار أهل البيت (ع) مستفيضة بما ذكرناه في تفسير الآية.
ولفظ الطاقة وإن استعمل في معنى القدرة والسعة إلا أن معناه اللغوي هو القدرة مع المشقة العظيمة، وإعمال غاية الجهد.
ففي لسان العرب: "الطوق الطاقة أي أقصى غايته، وهو اسم لمقدار ما يمكنه أن يفعله بمشقة منه".
ونقل عن ابن الأثير والراغب أيضًا التصريح بذلك.
ولو سلمنا أن معنى الطاقة هي السعة كان الفظ الإطاقة بمعنى إيجاد السعة في الشئ، فلا بد من أن يكون الشئ في نفسه مضيقًا لتكون سعته ناشئة من قبل الفاعل، ولا يكون هذا إلا مع إعمال غاية الجهد.
قال في تفسير المنار نقلا عن شيخه: "فلا تقول العرب: أطاق الشئ إلا إذا كانت قدرته عليه في نهاية الضعف، بحيث يتحمل به مشقة شديدة".
فالآية الكريمة محكمة لا نسخ لها، ومدلولها حكم مغاير لحكم من وجب عليه الصوم أداء وقضاء.
وجميع ما قدمناه مبني على القراءة المعروفة.
أما على قراءة ابن عباس، وعائشة، وعكرمة، وابن المسيب حيث قرأوا يطوقونه بصيغة المبني للمجهول من باب التفعيل فالأمر أوضح.
نعم بناء على قول ربيعة ومالك، بأن المشايخ والعجائز لا شئ عليهم إذا أفطروا تكون الآية منسوخة، ولكن الشأن في صحة هذا القول، والآية الكريمة حجة على قائله.
1- البقرة/184
2- البقرة/185
عدنان الحاجي
الشيخ فوزي آل سيف
حيدر حب الله
الشيخ محمد صنقور
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ حسين الخشن
السيد عباس نور الدين
الشيخ علي آل محسن
الشيخ مرتضى الباشا
محمود المؤمن
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
المخاطر الحقيقية للاعتقاد بعلاجات غير معتمدة طبيًّا
الرّكب الحسينيّ في المدينة المنوّرة (1)
التغيير المجتمعي، مراحله ومعالمه وأدبيّاته: مطالعة في ضوء القرآن الكريم (4)
{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ودعوى احتباس الوحي (2)
لمن يكتب الفيلسوف؟
عقيدتنا في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية
{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ودعوى احتباس الوحي (1)
المذهب الربوبي: مفهومه ودوافع اعتناقه (3)
التغيير المجتمعي، مراحله ومعالمه وأدبيّاته: مطالعة في ضوء القرآن الكريم (3)
كيف يتذكر الدماغ الأحداث؟